هكذا ستخرج واشنطن من سورية ... الطيار روبرت أوو جودمان

26.02.2018

"إنه شيء لا أستطيع أن أتصالح معه على الإطلاق، لم أشعر بأنني فعلت شيئا بطولياً، أتذكر ذلك بوصفه حادثاً وقع في زمنٍ ما، لكنه ليس شيئاً حققت نصراً من خلاله، بل شيء مررت به."

- هذا ما صرح به  الطيار"روبرت أوو جودمان" في حوار أجراه معه مراسل BBC  "مايك لانتشين" في 3 كانون الأول عام 2013، حول حادثة أسره من قبل الجيش السوري.

"جودمان" الذي أقلع بطائرته مع زميله الطيار "مارك لانغ" على متن طائرة من طراز (إيه6- إي انترودر) في الرابع من كانون الأول عام 1983، من على متن حاملة الطائرات الأمريكية "جون إف كينيدي" المتمركزة قبالة السواحل اللبنانية، حيث تمثلت مهمة الطيارين في إسقاط ألف رطل من القنابل على دبابات سورية وقواعد صواريخ مضادة للطائرات، في وادي البقاع في لبنان على مقربة من الحدود السورية.

ولكن الذي حصل حسبما ذكر "جودمان" أن: "نيران أسلحة صغيرة وصاروخ مطلق – تبين لاحقاً أنه سام 9- من القوات السورية على الأرض استطاعت إصابة الطائرة وبدأت تتهاوى، واستطاع هو و"لانغ" القفز من الطائرة بالمظلات على الأرض أثناء سقوط طائرتهما، حيث توفي زميله لاحقاً متأثرا بإصابته.

- ما دفعني لذكر ما صرح به الطيار الأمريكي "جودمان" حول ذكريات أسره لدى القوات السورية، هو الاضطراب والتطرف الذي لا تنفك الإدارات الأمريكية المتعاقبة تعمل على نشره في منطقة الشرق الأوسط والعالم، من خلال خلق وخوض حروب - استباقية - مفترضةً أنها تساهم في حماية أمنها القومي.

كان آخرها غزو العراق في آذار عام 2003، حيث أرغمتها المقاومة الشعبية العراقية بدعم من بعض القوى الإقليمية المناهضة لوجودها في المنطقة، على إعلان الانسحاب النهائي في نهاية عام 2011، بمحصلة 4400 جندي أمريكي قتيل حسب إحصائياتهم. 

- فهل سنستمع لمثل هذه التصريحات في المستقبل من جنود القوات الأمريكية المحتلة في شرق الفرات؟

- وهل سيصبح الطيارون الأمريكيون أهدافاً مشروعة لنيران القوات السورية وأسرى، مثلما حدث قبل 35 عاماً عندما أسقطت طائرة "جودمان"على الأراضي اللبنانية؟

- في الأمس يوم السبت وفي جلسة خاصة لمجلس الأمن الدولي حول الغوطة الشرقية، تم التصويت بالإجماع على مشروع قرار حمل رقم 2401، نتج عنه التوافق بالإجماع على هدنة مدة 30 يوم على كافة الأرض السورية، وبغض النظر عن التجاذب الذي عقب التصويت، بين كل من مندوبة أمريكا والمندوب الروسي.

- كان فصل الخطاب عند مندوب سورية الدائم "بشار الجعفري"، الذي أوضح بدوره خلال كلمة له عقب إقرار الهدنة: 

أن فهم دمشق لاتفاق الهدنة هذا يشمل كامل الأرض السورية، بدءاً من مدينة عفرين التي تتعرض لاعتداء تركي منذ أكثر من شهر، والأعمال العدوانية في الجولان المحتل من قبل الكيان الإسرائيلي، وصولاً إلى المناطق التي احتلتها القوات الأمريكية في شرق الفرات، والنية المبيتة من قبل أمريكا وحلفائها حول تقسيم سورية، بحسب وثيقة دبلوماسية مسربة - تضمنت محضر اجتماع عقد في السفارة البريطانية في واشنطن في الحادي عشر من الشهر الماضي - حيث تمحورت معظم كلمته حول هذا البند، فهنا بيت القصيد.

- ما خلف التوضيح :

أولاً - الاعتداء التركي على عفرين في خواتيمه، وأردوغان اليوم هو أحوج ما يكون للنزول عن شجرة الزيتون "العفرينية" برعاية روسية – إيرانية، بعدما فشل في تحقيق أهداف عدوانه وسرقة "غصن الزيتون" من أصحابه السوريين، وهو المستفيد الأكبر من دخول قوات شعبية سورية تابعة للجيش السوري لحماية أبناء عفرين من بطشه، وسنرى أصداء ذلك في القريب العاجل.

ثانياً – عملية إسقاط طائرة - الـ F16 – الإسرائيلية فوق فلسطين المحتلة، شكلت شلل وتفسخ في جبهة العدو الإسرائيلي، فهو اليوم بحاجة للكثير من الحسابات والوقت للشفاء منها، وما التهديد والوعيد الذي يخرج به نتنياهو كل يوم، إلا دليل على حالة العقم الوجودي الذي أصبح يعاني منها، وهو تطور يجب التوقف عنده حول مستقبل الصراع العربي - الإسرائيلي.

ثالثاً – المتبقي من الجماعات الإرهابية المسلحة، هي في مرحلة الاجتثاث النهائي من كامل الساحة السورية، وهذا قرار لا رجعة فيه، صدر وأفهم علناً عن القيادة السورية و حلفائها، وما الحشود العسكرية على أبواب الغوطة الشرقية إلا تجسيداً لهذا القرار، عاجلاً أم آجلاً.

رابعاً – وهو الأمر الهام من توضيح المندوب السوري الدائم "بشار الجعفري"، حيث أكد أن وجود القوات الأمريكية في شرق الفرات هو احتلال موصوف ومرفوض، وللقوات السورية والسوريين الحق في مواجهته بكافة الوسائل، إذا لم يتم الانسحاب الكامل من الأرض السورية.

 

- في ذات السياق أشار مصدر أمني سوري في تصريح لوكالة "سبوتنيك" الروسية يوم أمس أيضاً، إلى أنه تم التوصل لاتفاق يقضي بدخول الجيش السوري في الأيام القليلة المقبلة مدينة منبج بريف حلب الشمالي، والتي تسيطر عليها قوات سورية الديمقراطية. والملفت أن هذه المدينة تضم قاعدة عسكرية أمريكية، أوجدت لغرض منع تقدم قوات درع الفرات الحليفة لتركيا، أو القوات الحليفة للدولة السورية إلى المدينة التي تسيطر عليها "قسد".

- عندما قابل القس "جيسي جاكسون" الرئيس السوري السابق "حافظ الأسد" على خلفية إسقاط الطائرة الأمريكية وأسر الطيار "جودمان" قال له: "إن بلدينا ليسا في حالة حرب، وأن الطيار الشاب ليس أسير حرب."

- ترى ماذا سيقول قساوسة أمريكا للرئيس "بشار الأسد" في المستقبل القريب، حينما ينتفض السورين لمواجهة الاحتلال الأمريكي شرق الفرات؟... وهل سيخبرونه أن بلدينا ليسا في حالة حرب أيضاً ! 

- أم سيخبرونه أن القوات الأمريكية في شرق الفرات هي قوات صديقة، وأن الأسرى الذين سوف تأسرهم القوات السورية هم موزعي حليب ورعاة بقر وليسوا أسرى حرب ! 

- "تاريخ منطقتنا يقول إنه عندما تدافع الشعوب عن نفسها تنتصر.. وهذه الحرب ليست حرب الرئيس ولا الدولة هي حرب كل الوطن.. وسننتصر".

كان هذا جواب الرئيس "بشار الأسد" على سؤال مفاده إن كان متأكداً بأنه سيربح هذه المعركة، طرح عليه خلال مقابلة أجرتها معه صحيفة لوفيغارو الفرنسية بتاريخ 2 أيلول عام 2013.

- في المحصلة هي حرب السوريين فوق أرضهم، ولهم المشروعية الكاملة في المقاومة و الدفاع عن وحدتها وحريتها ضد أي تهديد خارجي أو احتلال، وهذا الحق تضمنه لهم كافة الشرائع والدساتير الإلهية والأخلاقية والإنسانية فوق وجه الأرض.

فلننتظر مآل الأمور ...

 

Keyword: