الأسد يفاجئ واشنطن وأنقرة بهدفين غير متوقعين... القوة النارية تتكلم
قال أردوغان أمس الثلاثاء، في تصريحات للصحفيين عقب إلقاء كلمة في البرلمان بالعاصمة أنقرة،"إن تركيا نجحت في إيقاف انتشار محتمل للقوات السورية في منطقة عفرين شمال غربي سوريا"، وقبل ذلك بيوم واحد قال المتحدث باسم الحكومة التركية بكر بوزداغ، في مؤتمر صحفي "نتابع عن كثب الأنباء حول استعدادات قوات الجيش السوري الدخول إلى عفرين، وهذه الأنباء عارية تماما من الصحة"، وأضاف بوزداغ "دخول قوات الجيش السوري إلى عفرين قد يؤدي إلى كارثة في المنطقة"، متابعا "نعتقد أن الحكومة السورية لن تخطو خطوة قد تؤدي إلى تقسيم البلاد".
بعد الموقف والتصريحات التركية بساعات، جاء رد الأسد الذي فاجئ أنقرة، وأرسل قوات شعبية سورية للدفاع عن عفرين وتم انتشارها في عفرين ووصلت اليوم إلى جنديرس قرب الحدود السورية التركية، وبدأت وحدات من هذه بالانتشار على طول الشريط الحدودي في عدة نقاط بمحيط مدينة عفرين.
هذه الخطوة كنت قد وصفتها سابقا في مقال بمركز "كاتيخون" بأنها ستحسم صراع الجبابرة في عفرين، حيث ينظر الأمريكي إلى حلفاءه الأكراد عن بعد ولا يستطيع المساعدة إلا بإرسال شاحنات السلاح للأكراد في الحسكة عبر الحدود العراقية والتي يدفع ثمنها أطراف إقليمية غنية، وينظر الروسي إلى حليفه السوري وهو يحسم الموقف بالدفاع عن حدوده بكل احترام وخاصة أن الرئيس بوتين كان قد أكد على وحدة وسيادة الأراضي السورية في أكثر من مرة، وينظر التركي وحلفاؤه من المجموعات السورية "المتشددة" المسلحة إلى دخول القوات السورية إلى عفرين على أنه قد يكون الحل الذي سيوقف خسائرهم الكبيرة كل يوم بسبب المقاومة الكردية الشرسة. ولكن بجميع الحالات، تعتبر هذه الخطوة السورية مفاجئة لأنقرة وخاصة بعد ما سمعناه من الحكومة التركية في الأمس عن عدم دخول القوات السورية إلى عفرين.
الآن القوات الرديفة للجيش السوري ترفع العلم السوري على الحدود التركية، لم تتخيل واشنطن ولا أنقرة ولا مجموعات المعارضة هذا اليوم أنه سيأتي، لأنهم لا يتابعون إلا إعلامهم.
واشنطن كانت مطمئنة أن حلفائها من المجموعات المسلحة في الغوطة الشرقية، بمأمن مؤقت من دائرة الاشتباك العسكري الحالية التي تدور في الشمال السوري وخاصة المعارك التي كانت دائرة في جنوب شرق إدلب والتي حسم فيها الجيش السوري الموقف باستعادته السيطرة على الجيب الداعشي في منطقة تقاطع أرياف حلب وإدلب وحماه ومنطقة أبو الضهور في شرق إدلب واقترابه من الطريق الدولي وسراقب ومعرة النعمان، إلا أنه وخلال أيام، تفاجأت واشنطن ومحورها كاملا أن الجيش السوري قرر حسم معركة الغوطة الشرقية، وقرر الأسد القضاء على مجموعات التوتر في الشرق الدمشقي التي أمطرت دمشق بأكثر من ألف قذيفة هاون خلال 20 يوم ووقوع ضحايا بين المدنيين وفقا لوكالة "سانا" الحكومية، وشاهدنا آلافا من القوات المدرعة قوات "النمور" وقوات العشائر من الشرق تتجه باتجاه الغوطة الشرقية، وهذا يعني أن الأسد سيحرم واشنطن من أهم أوراقها في سوريا وذلك بالقضاء على هذه المجموعات المتطرفة في الغوطة الشرقية.
قد تستغرق معركة حسم الغوطة ثلاثة أشهر ولكن هذا يعتبر زمن قصير وقياسي، وفي حال عرقلت المفاوضات العملية العسكرية في بعض مراحلها قد يتأخر الحسم شهران آخران ليس أكثر، ولكن في حال نجحت المفاوضات للتسوية في الغوطة فإنها ستكون على مراحل وبعد معارك مبدئية، كما حصل سابقا عند استعادة أحياء شرق حلب التي كانت مليئة بالمجموعات المسلحة والتي كانت تسلم الأحياء واحدا تلو الآخر بعد معارك وقصف مكثف على مواقعها وذلك بعد فشل المفاوضات في مراحلها الأولى.
إذا ستكون هناك مفاوضات في البداية.. ستفشل نتيجة تعنت الطرف الذي يدعم المجموعات المسلحة في الغوطة من الخارج لأن قرار هذه المجموعات ليس بيدها إطلاقا، والطرف الخارجي الذي يدعمها لا يخسر شيئا سوى التمويل المادي الذي لن يؤثر على خزائنه، ستكون معارك في مناطق المواجهة سيتقدم الجيش السوري ثم ستطرح هدن ومفاوضات جديدة للتسويات وستفشل أيضا، سيتابع الجيش وعندما سيكون الحسم العسكري في مراحله الأخيرة وقتها ستكون التسوية باستسلام المجموعات المسلحة في المناطق واحدة تلو الأخرى، ولن تكون هناك تسوية لكامل الغوطة بل تباعا.
أسلوب التفاوض لدى المجموعات المسلحة أصبح واضحا، أنت تقول لهم اختاروا بين "الباص الأخضر" أو مواجهة جيش جرار مدعوم من أقوى سلاح جو في العالم، وهم يقولون لك "نحن لا نقبل بالأسد"، إذا هؤلاء المسلحون وقياداتهم معزولون كليا عن الواقع بسبب ارتباطاتهم ويرددون كلمات القوى الإقليمية المحركة لهم، ولا يدركون أن الأسد الذي كسر إرادة واشنطن والذي تحالف معه الأقوياء (أي الروس والإيرانيون) هو الآن مقترب من إعلان انتصار سوريا النهائي واستعادة كامل الأراضي السورية خلال عام أو اثنين على الأكثر وفقا لتقديرات الأمين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصر الله.
بعد أن أسقطت سوريا المقاتلة الإسرائيلية إف 16 منذ أيام، وارسلت قوات إلى عفرين لتحسم صراع الجبابرة، وتستعد لحسم معركة الغوطة الشرقية، أقول أنه لا مفاجئات بعد اليوم، تسونامي الجبش السوري بعد حسم معركة الغوطة، ستكون باقي المناطق السورية التي يتواجد فيها مسلحون خارج سلطة الدولة السورية بانتظاره.