هل تكون العلاقات السعودية الروسية على حساب إيران
أوضح الناطق باسم الكرملين أنّ الزيارة التي يقوم بها ملك المملكة العربية السعودية سلمان بن عبد العزيز لن تكون على حساب العلاقات الروسية الإيرانية، مؤكداً أنّ علاقات روسيا بين البلدين، أيّ إيران والسعودية، تسير في مسارين متوازيين. جاء هذا التوضيح ليقطع الطريق على أيّ تأويل أو محاولة تفسير خاطئ، لا سيما أنه سيتمّ توقيع عقود تتعلق بالتعاون في مجال الطاقة، وقد يستغلّ البعض هذه العقود ليفسّر بأنها رشوة سعودية لروسيا لدفع موسكو بعيداً عن علاقاتها الحالية مع إيران والتعاون القائم بين البلدين على أكثر من صعيد سياسي وعسكري واقتصادي.
أبعد من التوضيح الذي أصدره الناطق باسم الكرملين يمكن رصد الوقائع الآتية التي تؤكد صحة ما جاء في هذا التصريح، وتؤكد أيضاً أنه أبعد من حملة العلاقات العامة لتبديد أيّ سوء فهم يمكن أن ينجم عن زيارة ملك المملكة العربية السعودية إلى موسكو. من أبرز هذه الوقائع:
أولاً، المملكة العربية السعودية تربطها علاقات متينة مع الغرب، وتحديداً مع الولايات المتحدة، وهي جزء عضوي من السياسات والاستراتيجيات المعتمدة من قبل الغرب منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى الآن. بهذا المعنى فإنّ أيّ تطور للعلاقات الروسية السعودية لا يمكنه أن يذهب بعيداً، ولا سيما على المستويين السياسي والاقتصادي، وسيظلّ محكوماً بسقف العلاقة الخاصة التي تربط الولايات المتحدة ومعها الغرب بالمملكة العربية السعودية، ولن تسمح الدول الغربية، ولن تستطيع السعودية تطوير علاقاتها مع روسيا إلا بالحدود التي تقبل بها الولايات المتحدة. وهذا محدّد أساسي يحكم مسار تطور العلاقات الروسية السعودية.
ثانياً، المملكة العربية السعودية ساحة استثمار واستيراد للاستثمارات والمنتجات الغربية، وتحديداً الاستثمارات والسلع المنتجة أميركياً، وهي مشبعة، وبالتالي غير مهيأة لاستقبال أيّ استثمارات من دول أخرى قد ينظر إليها بأنها منافسة للاستثمارات الغربية، كما أنّ الفوائض المالية السعودية توظف في الغرب في الصناديق السيادية وعبرها في البنوك ومجالات الاستثمار الأخرى، وغير قادرة على توجيه قسم كبير من هذا الفائض للاستثمار والتوظيف في روسيا، لأنّ أولويته للعلاقة مع الغرب، وهي مرتبطة بوشائج مالية واقتصادية مع الغرب لا تستطيع الفكاك منها.
ثالثاً، علاقة التحالف الاستراتيجي التي تربط الولايات المتحدة بالمملكة العربية السعودية في ظلّ تصاعد التوتر بين موسكو وواشنطن يحول دون قدرة الرياض على تطوير علاقاتها على نحو أوسع مما هو قائم الآن، على عكس علاقة إيران مع كلّ من الولايات المتحدة وروسيا، حيث تقود حالة العداء بين طهران وواشنطن، إلى حفز التقارب والتعاون المشترك بين روسيا وإيران.
هذه الوقائع مجتمعة تؤكد صحة ما ذهب إليه الناطق باسم الكرملين بشأن انعكاس زيارة الملك السعودي إلى روسيا على العلاقات الروسية الإيرانية.