مقارنة ترامب بهتلر تشبه ما حدث مع ديغول لإجباره على التنحي

24.08.2017

توضح  المسيرات الليبرالية الفاشية التي حدثت في بوسطن  والتي أطاح المشاركون فيها بعدد قليل من مؤيدي حرية التعبير، السبب في محاولة المقارنة بين ترامب و هتلر وهو التخلص من ترامب  تماماً كما حدث مع الرئيس الفرنسي ديغول والذي كان قد تم قمعه أخلاقياً بسبب أعمال الشغب في باريس في ربيع عام 1968 وفي العام التالي تخلى عن سلطته.
وتتم مقارنة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع هتلر باستمرار وبإصرار شديدين. فيقال بأنه "عنصري"، و رئيس "المتفوقين البيض"، و"الرئيس الثاني للولايات الكونفدرالية الأمريكية"، و "هتلر الجديد في البيت الأبيض" وبأنه زعيم الكو كلاكس كلان ( و هو اسم يطلق على عدد من المنظمات الأخوية العنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية منها القديم ومنها ما لا يزال موجوداً حتى الآن) . هذا هو ما تتحدث عنه وسائل الإعلام  والشبكات الاجتماعية الرئيسية. ويستخدمون العديد من الرسوم الكاريكاتورية التي تجعل ترامب يبدو وكأنه مفعم بالخصائص النازية. وعلى الرغم من عدم وجود أي دليل على اتهام الرئيس، إلا أن المشاركين في العديد من التظاهرات الاحتجاجية، و التي يتم دفعها وتنظيمها بشكل جيد، يصرخون منددين بنازية ترامب ويستخدمون أدوات "الثورات البرتقالية" التي تم استخدامها في جميع أنحاء العالم.
ويظهر نفس الموضوع في الملصقات واللافتات التي يستخدمها خصوم الرئيس أمام كاميرات التصوير وكاميرات التلفاز وتتضمن هذه اللافتات العديد من العبارات المنددة بترامب مثل:  "ترامب خنزير فاشي"، و "ترامب هو هتلر الجديد"
إن هذه اللافتات والملصقات  تجعل ترامب يظهر كديناصور أو كمخلوق بدائي غريب  لا يتطابق مع العصر الحديث، وتجعله يبدو كأنه خصم للقيم الحديثة، ومدافع عن مصالح الأغنياء، ويتم تصويره على أنه مجنون. وقد قدم الكونجرس الأمريكى بالفعل مشروع قرار حول الخبرة الطبية والنفسية بما يتعلق بترامب. ويظهر علانية بأن ترامب شخص غير مرغوب به: إن استخدام الانترنت للإطاحة بالرئيس  أو تخريب نجم ترامب على ممشى المشاهير في هوليوود يبدو فكرة جيدة.

أكاذيب الحداثة  في مصالح التعبئة:
إنهم يفعلون ذلك عمدا من أجل تعبئة حركات عامة مختلفة ضد الرئيس: اليساريين، الليبراليين، الأقليات القومية، المتحولين جنسياً وغيرهم. ومن المهم جدا حشد السود الذين يدعون إلى استبدال البروليتاريا كقوة ضاربة رئيسية، خاصة وأن الادعاءات العنصرية العرقية أصبحت  أقوى بكثير من الإدعاءات التقليدية. إن المحادثات المستمرة حول العنصرية  والتي تدور بين الديمقراطيين ، ومطالبهم للشعب الأبيض "بالاعتراف" بأسلافهم السود ، وبكاء "التفوق" الأبيض يعزز  مجمع "الضحايا"، الذي يستخدمه الكثير من السود كذريعة للإدعاءات العنصرية، وهذا يعطي الأمل بالتعويض في المستقبل ((المساعدة الاجتماعية والفوائد الإضافية التي تنتهك حقوق الأشخاص البيض)).
لقد تم تنظيم بروفة "الثورة" التى يتم إعدادها ضد ترامب فى بوسطن يوم السبت.وتم عرض المظاهرة التي حدثت  فى العاصمة بولاية ماساتشوستس، والتي ضمت  30 ألف شخص من معارضي ترامب، ومن بينهم أشخاص سود، وقد قام المشاركون في المظاهرة بتغطية وجوههم واستطاعوا النيل من عدد قليل من المدافعين عن حرية التعبير مثل  المحررين المحليين والمحافظين، ومؤيدي ترامب الذين  كان عليهم أن يهربوا  من "أعداء النازية" تحت حماية الشرطة. 

وقد قاموا برمي  زجاجات بلاستيكية مملوءة بالبول على رجال الشرطة. كما أن بعض "مناهضي الفاشيين" أخذوا  معهم الفؤوس والبلطات. و كانوا يحرقون أعلام الولايات المتحدة والكونفدرالية، ويجرون النساء وهم يحملون هذه الأعلام في أيديهم ويهددون بمهاجمة رجال الشرطة. و كانوا يحملون ملصقات مكتوب عليها: "ترامب هو هتلر الجديد"، "ترامب هو خنزير فاشي"، "لا لترامب، لا لكو كلاكس كلان، لا للفاشية"، "لا للفاشية، لا لترامب، لا للفاشية"، "النهاية للإرهاب الأبيض "وحتى أن بعض اللافتات حملت عبارات من مثل :" المسلمون مرحب بهم ". وعندما تم إطلاق النار على الكاميرات، حاولت قناة "سي إن إن CNN  " التستر على اليساريين، قائلة: إن هؤلاء يحاولون "تحقيق السلام عن طريق العنف".

هل يعتبر ترامب فاسداً أخلاقياً؟:
كيف رد الرئيس ترامب على هذا العار؟ 
لقد استجمع ترامب شجاعته قبل يومين فقط ليقول:  إن "الجانبين" شاركا في الاشتباكات في شارلوتسفيل. ولم يقتل أحد في بوسطن لأن رجال الشرطة  لم يسمحوا للمشاركين في مسيرة "ضد الضغينة" بمهاجمة  أنصار حرية التعبير حيث قامت الشرطة باتخاذ الإجراءات المناسبة.
ولسوء الحظ، كان موقف ترامب إلى جانب البلطجية هذه المرة حيث قال: "أريد أن أشيد بالعديد من المتظاهرين في بوسطن لأنهم تحدثوا ضد التعصب والكراهية". ومن الواضح أن هذا الرد السخيف لم يكن صادقا. فعلى ما يبدو أن الناس المقربين من  ترامب  وربما أفراد أسرته قد أقنعوا الرئيس هذه المرة بإدانة الفاشية الليبرالية التي تدعمها وسائل الإعلام الرئيسية وقد أذعن ترامب لهم. وبالفعل نجحت هذه الخطة، لذلك سيتم استخدام هذه الطريقة في المستقبل.

"ربيع باريس" 1968 كمثال على ما يحدث الآن:

إذا لم نقترب من اليساريين والليبراليين، وقمنا فقط بتغيير البروليتاريا كما يريد السود والمتحولون، فإن كل شيء سيصبح مشابهاً تماماً  للسيناريو الذي حدث قبل نصف قرن عندما تم إقصاء الجنرال شارل ديغول (الأقوى والأكثر جدارة من ترامب) وإبعاده عن رئاسة فرنسا.
إن انتفاضة الطلاب والعمال اليساريين، التي نظمتها الدوائر الفدرالية ضد سلطة الرئيس الفرنسي المحافظ في ربيع وصيف عام 1968 في باريس وضواحيها، لم تؤد مباشرة إلى طرد ديغول من قصر الاليزيه. فخلال الانتفاضة، التي وحدت العمال وذرية الأسر الغنية، غادر الرئيس العاصمة، ولم يخبر أحداً عن وجهته. وقد حلق بمروحية الى مقر الجيش الفرنسى فى بلدة بادن – بادن التي تقع على الحدود الألمانية. ولكن عندما تأكد من ولاء الجيش، عاد بسرعة. و حول سياسة التنازلات المستمرة  مع المتظاهرين إلى درس صعب. لقد تمكن من وقف الاضطراب بسرعة، لكن إجراءاته أعقبتها شعارات مثل: "وداعاً، ديغول"، "ديغول إلى الأرشيف"، "نحن سوف نكون قاسيين"، "لا إله ولا سيد".
إن مشهد باريس، التي تم إشعاله من قبل المتطرفين، أخاف فرنسا. وتلقى حزب الاتحاد الذي أسسه ديغول عدداً قياسياً من الأصوات في الانتخابات البرلمانية المبكرة. و فاز حزبهم بتصويت الأغلبية في البرلمان للمرة الأولى. ومع ذلك، فإن الافتقار إلى الوحدة في القمة والصدمة الأخلاقية لديغول، الذي أدرك أن العديد من الفرنسيين يعتبرونه شخصية قديمة متحفظةً جداً، استبداديةً جداً  جعلته يتنازل عن سلطته ويسلم فرنسا لرئيس جديد في العام التالي.

ترامب لن يستسلم بسهولة كما فعل ديغول.
ومن الواضح أنهم يريدون  أن يستخدموا نفس الأسلوب ضد ترامب: أي مقارنته بهتلر، وجعله  يتنحى  كما فعل  ديغول، نتيجة الثورة البرتقالية. مع العلم أن فرص ذلك الآن أكبر بكثير مما كانت عليه في فرنسا قبل نصف قرن. فمعارضو ترامب في كل مكان في البلاد. ووفقا للدراسات الاستقصائية، فإنهم أكثر من 50% من سكان الولايات المتحدة. هذا وقد ازداد تأثير الشبكات الاجتماعية بشكل كبير لتنظيم الاحتجاجات في أيامنا هذه. و الموارد المالية لشركة سوروس وشركاه غير محدودة. كما أن شعبية  ترامب أضعف بكثير من شعبية ديغول. وقد بدأ إجراء الإقالة ضده بالفعل  من الناحية التقنية.  إن مبادرات مؤيدي الولايات المتحدة قليلة لدرجة لا تذكر كما أنها مبادرات غير منظمة، والمحافظون لا يتمتعون بطبيعة عدوانية بالعموم. وهم موالون في التجمعات التي يتم تنظيمها من قبل ترامب. كما أن المستشار السابق لترامب ستيف بانون  يدعو صانعي الرسوم الكاريكاتورية  لكو كلاكس كلان و "النازيين الجدد" بأنهم مجموعة من المهرجين "، لكن هذا الأمر لا يساعد في شيء، فهم غير قادرين على القيام بأي شيء جدي، ولا خيار لديهم إلا المساومة، ومع ذلك، فإنهم لن يسمحوا لترامب بأن يبرر أنه ليس" عنصريا "أو أنه لا يشبه " هتلر ". ترامب لا يمتلك نفس الجدارة التي امتلكها ديغول أمام بلاده، و في الواقع فإن القوة الوحيدة التي تحمي ترامب من اليساريين والليبراليين والمتحولين هي الجيش والخدمات الخاصة والذين لم يتلقوا منه ما يريدون حتى الآن.
هذا هو موقف الرئيس ال 45 لأمريكا، و الذي أعلن بأنه سينهي مستنقع الفساد في بلاده. ويرى ترامب أن الرئيس القوي يمكنه أن يفعل ذلك.ولكن اعتقاده خاطئ.