إذ قال الخليج لا ....لأمريكا
في كتابها الفذ عن الفليسوف الهولندي (اليهودي) باروخ سبينوزا، تستعيد الراهبة الاخت جوديث هارون، بافتتان، كلاماً للفيلسوف الفرنسي موريس بلونديل يقول فيه «نحن محكومون بالابدية»!
ونحن نستعيد، بافتتان ايضاً، كلاماً لريجيس دوبريه «لكأننا محكومون بأميركا». يسأل ما اذا كان الله مثلنا ضحية القرن الاميركي.
المفكر الفرنسي يلاحظ كيف ان العقوبات التي تفرضها الاستبلشمانت، وتشمل الملايين من معذبي الارض، مستوحاة من العقاب الالهي الذي يبدو، في نظره، كما لو انه لا يطاول سواهم اي... معذبي الارض.
مفكر خليجي لا يزال عند قناعته بأن آيات الله يفجرون المجتمعات العربية، ودائماً لاغراض جيوسياسية او جيوستراتيجية، من ضفاف قزوين وحتى ضفاف المتوسط، يصف العلاقات بين بعض بلدان الخليج العربي والولايات المتحدة بأنها اشبه ما تكون بالعقوبات الابدية.
المفكر معروف جداً. آثر ابقاء اسمه بعيداً «لانني تعرضت للقصاص وللاقتصاص». يأخذ الازمة السعودية - القطرية مثالاً ليشير الى ان واشنطن «تلعب بنا كما حجارة الشطرنج».
ولكن «في نهاية المطاف نتساقط كما حجارة حائط مهجور»، ليقول «لا بد ان اسأل عن السبب الذي جعل حائط المبكى جزءاً من البنية اللاهوتية لليهود، وليس جزءاً من البنية اللاهوتية، وحتى الانتروبولوجية، للعرب».
امام المفكر الخليجي ارقام مذهلة حول صفقات الاسلحة التي عقدتها دول مجلس التعاون مع الولايات المتحدة، ليعرج على الحرب العراقية والايرانية، ومن ثم على الغزو العراقي للكويت، ليسأل ما «اذا كانت السماء قد وهبتنا هذا النفط لننثره في الهواء...»
يقول «لاريب اننا ابتعدنا كثيراً عن شظف العيش، ولم نعد ضائعين في القفار. ابراج، ومجمعات خرافية، ويخوت، وقصور، وشوارع، كما لو انها شقت في الجنة، ولكن من هي الدولة التي تستطيع ان تدافع عن نفسها امام اي تسونامي يأتي من الاشقاء، او يهب من البعيد؟».
يتوقف عند زيارة دونالد ترامب للسعودية «اشاطرك الرأي في انه اتى الينا كما لو اننا مغارة علي بابا او اننا من بقايا الف ليلة وليلة»، يسأل «اين هي المؤسسة الديموقراطية التي تنظر في صفقات واتفاقات نناهز قيمتها النصف تريليون دولار في ظروف قاتلة بالنسبة الى المملكة؟».
الاسئلة تتواصل «هل يحق لاصابع رجل واحد ان توقع على كل تلك الصفقات، لا سيما العسكرية منها، في حين ان الدول الغربية الصناعية او الثرية تحتسب كل «درهم» في خضم الازمات الاقتصادية التي تجتاح الكرة الارضية باستثناء قلة قليلة من الدول التي تشهد بعض الازدهار او ترتفع فيها بخفر معدلات النمو؟».
المفكر الخليجي لا يبتعد عن الرأي القائل ان كل تلك الاموال وضعت في حقيبة دونالد ترامب لتكريس قيادة مركزية للخليج. تالياً لاقامة امبراطورية بدلاً من المملكة.
يلاحظ كيف ان واشنطن ترتدي قبعة المهرج في التعاطي مع الازمة السعودية - القطرية. كلام للرئيس ينقضه كلياً وزير الخارجية ريكس تيلرسون، في حين ان الازمة، وان كانت لها حيثياتها، لها خلفياتها المختلفة تماماً.
المفكر الخليجي يستيعد عبارة «العقوبات الابدية». الدول الخليجية لم تعد في احسن حال، وارصفة روتردام تتعرض لارتجاجات دراماتيكية في اسعار النفط، ومع ذلك، وتحت ذريعة الحماية، تطحن الادارة الاميركية عظام الخليج واهل الخليج.
في رأيه ان التقهقر بدأ، وبايقاع تراجيدي. والحل بأن تحل التسويات، والتفاهمات، محل الصراعات «ان نقول لاميركا، ولو مرة واحدة، لا. لن يتغير وجه المنطقة فحسب، بل قد يتغير وجه العالم».
في النهاية قال لي «ارجو ان تعتبر ما نطقت به حديثاً.... للرمال»؟!