حرب الصواريخ بين إيران والسعودية
لو كان كيم جونغ - اون في البيت الابيض، هل كان تصرفه مختلفاً عن تصرف دونالد ترامب؟
عادة يتم اختيار مدير الـ «اف. بي. آي» بدقة متناهية. منذ ايام ادغار هوفر، لا احد يستطيع ان يمس بمن يشغل هذا الموقع. ترامب طرد جيمس كومي، وطارده، الى الحد الذي حمل الكاتبة توني موريسون، الحائزة على جائزة نوبل، على القول «حين قرأت الكلام الذي قاله الرئيس في الرجل، ظننت انه سيطلق وراءه الكلاب».
وصف كومي بالزهو والثرثرة. هذا لم يحدث في تاريخ الولايات المتحدة. هل صحيح ان المدير السابق لمكتب التحقيق الفديرالي قال امام بعض مساعديه انه «لا يدري لماذا لديه ذلك الشعور بأن من يحكم اميركا الآن هي الليدي غاغا»؟
لم يكن كومي هو الوحيد الذي تحدث بتلك الطريقة. البعض تحدث عن «ثقافة الغابات»، والبعض الآخر عن «اخلاقية السوق»، فيما كان فريد زكريا يقول ان ترامب تعامل بـ«وحشية» مع جيمس كومي، وقبله مع مايك فلين، وقد يكون تجاوز الزعيم الكوري الشمالي في اغتيال اقربائه او بعض المسؤولين في الدولة ان بقذيفة مدفع او بمنديل مخضب بمواد قاتلة.
هذا الرجل الذي يتوقع كبار المعلقين ان يرغمه كومي على الخروج من البيت الابيض عندما يثرّب ما لديه من معلومات حساسة، بل وخطيرة حوله، لم يعد في مواجهة الصحافة، واجهزة الاستخبارات، وحتى الجامعات فحسب بل فتح النار على الـ«اف. بي. آي» الذي لابد ان يكون قد زرع عميلاً له في ظهره.
انه ضيف المملكة العربية السعودية قريباً. خطوة لافتة ان يدعو البلاط قادة عرباً ومسلمين للالتقاء بالرئيس الاميركي. الغاية واضحة، وهي تشكيل جبهة بقيادة واشنطن لدفع الصراع مع ايران الى حدوده القصوى.
هل بات التفاهم بين الرياض وطهران مستحيلاً الى هذا الحد؟ وهل بلغت بنا السذاجة السياسية، والاستراتيجية، درجة التصديق بان الولايات المتحدة عاشقة للعرب والمسلمين؟ ولكن اين العرب، ولا يعنينا السؤال حول احوال المسلمين، من وحدة الموقف ومن وحدة الرؤية وحتى من لعبة البقاء اذا كانت ثرواتهم، امكاناتهم، ازمنتهم تذهب هباء في لعبة الامم التي تندرج في اطارها لعبة القبائل؟
مستشار في معهد استوكهولم الذي يعنى بالمسائل الاستراتيجية قال انه سمع من مسؤول كبير في البنتاغون ان ترامب الذي يتقن لعبة البيع والشراء (وهو يبيعنا ويشترينا)، خطط لصفقات اسلحة مع البلدان العربية، وعلى مدى السنوات الثمانية (مدة الولايتين) بقيمة تريليون دولار.
عشية توجهه الى الرياض تم تداول المعلومات التي تتحدث عن اتجاه لعقد السعودية صفقات تتعلق بشراء الاسلحة المتطورة بمبلغ 300 مليار دولار. قد نشاهد نماذج من «ام القنابل» في الترسانة السعودية. ايضاً «اف -35» من دون اسنان.
وللمرة الاولى، يقدم الرئيس الاميركي الى اعضاء بارزين في الكونغرس ايجازاً حول ما يبتغيه من زيارته السعودية. البعض قال... زيارة مغارة علي بابا.
الخلفية الحقيقية لذلك اغراء الكونغرس بصفقات الاسلحة الضخمة جداً التي ستبرم مع المملكة دون المس باسرائيل. هكذا تشاهد قريباً على ارض المملكة منظومة «ثاد» بتكلفتها الباهظة. هل ثمة من خطة لتفجير حرب الصواريخ بين السعودية وايران؟
المال هو نقطة التقاطع بين البعد الاخلاقي والبعد الاستراتيجي في تلك الشخصية الفضفاضة والضبابية. التقى هنري كيسنجر ليسأله رأيه في اختراق الواقع الراهن لازمة الشرق الاوسط.
وزير الخارجية السابق الذي وصف المنطقة بـ«الترسانة اللاهوتية» هو من قال ان ازمة الشرق الاوسط ولدت مع الله وتموت مع الله. ويتردد انه نصح ترامب بفرض معاهدات سلام بين المشاركين في قمة الرياض واسرائيل على ان هذا السبيل الوحيد لاقناع بنيامن نتنياهو بـ«التنازل».
لن يستطيع ترامب التقدم قيد انملة في المسار التفاوضي. ليس هذا ما يشغل اهل القمة في السعودية. لابد من الصراع مع ايران. التأجيج المذهبي في خدمة المصالح الجيوسياسية للبلدين.
الف عام اخرى من الغيبوبة. هذه المرة في الادغال الاميركية!
المصدر: وكالات