روسيا تضبط إيقاع المواجهة في الشرق الأوسط
ازدادت قدرة روسيا وحلفائها على ضبط إيقاع المواجهة الجوسياسية و العسكرية وامتلاك مفاتيح حل الأزمات في الشرق الأوسط، هذه القدرة التي أصبحت مرتبطة بانتصار المحور السوري الروسي الإيراني في سوريا، وانتصار الجيش العراقي والحلفاء في العراق، وتشتت الموقف الخليجي، وقدرة روسيا على جذب تركيا إلى طرفها، وانعكاسات هذه المعطيات ستنعكس على الواقع الجيوسياسي في المدى المنظور بلا شك.
وحول الأزمة القطرية نبه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى مخاطر استمرار الأزمة القطرية، وأن تأثير ذلك لا يساهم في الجهود المشتركة لتسوية الأزمة السورية، وبحث بوتين وسلمان هاتفياً الوضع حول قطر، بحسب ما نقل موقع قناة «روسيا اليوم» الالكتروني نقلاً عن بيان أصدره الكرملين أمس. وأوضح البيان أن بوتين وسلمان «تبادلا وجهات النظر حول الوضع الراهن في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا»، كما تطرقا إلى «الوضع المتفاقم حول قطر»، حيث أعرب الرئيس الروسي عن أسفه لأن هذا الوضع «لا يفضي إلى توحيد الجهود المشتركة للتوصل إلى تسوية في سورية».
كما ناقش الزعيمان قضايا تطوير العلاقات الروسية السعودية في مختلف المجالات، حيث اتفقا على نية تكثيف التعاون الثنائي ومواصلة الاتصالات على مختلف المستويات.
في غضون ذلك، حركت الدوحة مواقفها من الأزمة السورية لتقترب بها من الموقف الروسي. وأكد وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن مسألة الدور المستقبلي للرئيس بشار الأسد لن تكون نقطة خلاف بين الدوحة وموسكو.
وفي مقابلة مع صحيفة «فيدوموستي» الروسية أكد آل ثاني، أن «الرئيس (بشار) الأسد لن يقف بين روسيا وقطر، وأن الهدف المشترك في المستقبل القريب هو إنهاء التصعيد في سورية». ووفقاً له «من أجل حل النزاع السوري يجب أن تتعاون جميع الأطراف، لأن كلا من قطر وروسيا في حاجة إلى سورية موحدة وليس إلى سورية مقسمة، والأولوية المشتركة هي الاستقرار والأمن في المنطقة».
وفي الوقت نفسه، أشار إلى أن هناك اختلافات (مع روسيا) في طرق تحقيق الاستقرار، وعلى وجه الخصوص، أن «الدوحة لا تؤيد دخول الرئيس الأسد في الانتخابات الرئاسية السورية، وبقاءه في السلطة في حال فوزه».
وبالعودة إلى الموقف الروسي، اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الولايات المتحدة باستخدام الإرهابيين لزعزعة الوضع السياسي الداخلي في القوقاز والشيشان، وقال: إن الولايات المتحدة ساعدت على صعود تنظيم القاعدة الإرهابي، مشدداً أن «عليها أن تدرك مسؤوليتها عن ذلك». ونقلت وكالة «نوفوستي» عن بوتين قوله في مقتطفات من مقابلته مع المخرج الأميركي أوليفر ستون بثتها قناة شو تايم مساء الإثنين: إن الولايات المتحدة أسهمت بدور أساسي في نشوء واحتضان تنظيم «القاعدة» الإرهابي ومتزعمه حينها أسامة بن لادن وعليها أن تدرك مسؤوليتها عن الوضع الخطر الذي وصلنا إليه الآن.
وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن موسكو تعتبر دور قطر ودول الخليج الأخرى في عملية التنسيق في محادثات أستانا، دوراً مهماً. ووفقاً له، فإن وزير الخارجية القطري دعم لقاء أستانا، وأكد أنه سوف يقدم المساعدة الممكنة لإنجاحها، بما في ذلك اتصالاتهم «على الأرض».
وأشار الجانب الروسي أيضاً أنه لا يعتمد على شخص معين، بما في ذلك الرئيس الأسد، وأنه من المهم جداً أن يحدد السوريون أنفسهم دون أي استثناء مصير سورية وفق قرار مجلس الأمن.
في أنقرة، رفض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتهامات دول المحور السعودي للدوحة، بأنها تدعم الإرهاب، معتبراً أن قطر تأتي في مقدمة الدول التي تدعم مواصلة مكافحة أخطر التنظيمات الإرهابية المتمثلة بداعش، في وقت تحتاج فيه المنطقة إلى التضامن والتكاتف في مكافحة الإرهاب.
وجاءت تصريحات أردوغان هذه في كلمة له أمام نواب حزب العدالة والتنمية في البرلمان التركي، حيث أوضح أن فرض الحصار على قطر ومحاولة تجويع شعبها ومنعهم من السفر والسياحة، أمر خاطئ لا يمكن تصويبه، وأنّ إظهار قطر على أنها مذنبة أمر لا يفيد المنطقة.
ودعا أردوغان سلمان إلى اتخاذ مواقف بناءة والإقدام على حل الأزمة الخليجية الحاصلة، على اعتبار أن السعودية تأتي في مقدمة الدول الخليجية وتعتبر أقواهم.
في سياق متصل، ذكر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أن أردوغان سيبحث الأزمة الخليجية القطرية مع نظيره الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وفي واشنطن، تحدث ترامب عن أن «قطر ستتوقف في النهاية عن تمويل الإرهاب». وشرح أن الأزمة القطرية هي من منجزات زيارته الأخيرة إلى منطقة والتي تضمنت «اتفاقيات بقيمة 350 مليار دولار من الاستثمارات العسكرية والاقتصادية في الولايات المتحدة»، حسبما نقل موقع «عربي 21». وتابع: «واحدة من الأمور الكبيرة التي قمنا بها، والتي ترونها، ما يحدث في قطر، والأمور تجري على نحو إيجابي». وأضاف: «نحن نوقف تمويل الإرهابيين، وهم في النهاية سيوقفون تمويل الإرهاب، وهذه ليست معركة سهلة، بل معركة سننتصر بها».
وبدوره، أوضح وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، موقف بلاده حيال قطر في جلسة استماع بمجلس النواب الأميركي. ورداً على سؤال من أحد النواب حول سبب إصدار الإدارة الأميركية التعليقات الرامية إلى الضغط على قطر دون التطرق إلى السعودية قال ماتيس: «الوضع معقد لأن تلك الدول لديها رؤيتها الخاصة حول إحراز تقدم على صعيد محاربة الإرهاب. هناك أرضية مشتركة وهذا ما كان الرئيس ترامب يحاول تعزيزه في رحلته إلى السعودية».
وتابع بالقول: «نرى قطر مثلا التي تضم أكبر قواعدنا الجوية وكذلك تضم مركزا للقيادة المشتركة. أؤمن أن أمير قطر ورث وضعاً صعباً جداً ومعقداً وهو يحاول تغيير اتجاه المجتمع ووضعه على المسار الصحيح ولكننا نؤمن أيضاً أن تمويل أي جماعة إرهابية هو أمر مضر بكل الجهود التي نبذلها وعلينا أن نحاول العمل لإصلاح هذا الأمر».
ورفض ماتيس الحديث عن تناقض بين ما قاله الرئيس ترامب وما قاله وزير الخارجية ريكس تيلرسون عن الوضع في الخليج قائلاً: إن تصريحات ترامب جاءت في أعقاب عودته من الشرق الأوسط.