نهاية قسد المقبلة... ما هو مصير قادتها وسلاحها عند دخول الجيش السوري شرق الفرات
يعتقد بعض قادة ومؤيدي "قسد" (قوات سوريا الديمقراطية) في هذه الأيام، كما كان غيرهم في الغوطة الشرقية يعتقدون وهم ينظمون عروضا عسكرية لعشرات آلاف المسلحين، أنه من المستحيل أن يتغلب عليهم الجيش السوري، ولكن المفاجأة كانت، أن الجيش السوري أطاح بهم في زمن قياسي.
أعلنت دمشق أن الجيش السوري سيتجه إلى شرق الفرات لتحريره بعد عملية تحرير إدلب، وخيرت فصائل "قسد" التي تسيطر على شرق الفرات بين المصالحة (وهذا ما يرغب به الأكراد السوريون) التي تعني أن مناطق سيطرتها في الحسكة والرقة وشرق دير الزور ومنبج ستعود إلى المركز دمشق وهنا سيتم حل وحدات "قسد" فمنهم من سيصالح وتنظر الدولة السورية بكيفية دمجه، ومنهم عناصر مطلوبين تلطخت أيديهم بالدماء مثل عناصر "الأسايش" في القامشلي الذين نفذوا مجزرة بحق عناصر عسكريين سوريين في شهر سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، وهؤلاء العناصر ستتم محاكمتهم أو أنهم سيفرون إلى جبال قنديل لأنهم أيضا محظورون في تركيا.
أما السيناريو الآخر هو المواجهة مع الجيش السوري وفي هذه الحالة فإن توازن القوة هو لصالح الجيش السوري، فالقوات التي استعادت الغوطة الشرقية بأنفاقها الصعبة وعشرات ألوف المسلحين المتحصنين فيها، ومخيم اليرموك والحجر الأسود، تستطيع دخول شرق الفرات ولا تستطيع قوة على مستوى الشرق الأوسط حاليا منعها من ذلك.
الواقع أن فصائل "قسد" الانفصالية (التي اقتربت نهايتها كتنظيم) تمكنت من التوسع في شرق الفرات خلال السنوات السابقة بسبب انشغال الجيش السوري على جبهات عدة لتحرير حلب ودير الزور ومناطق الوسط والجنوب والآن اتجه لتحرير إدلب، وهي جبهات كانت صعبة جدا وطالت المعارك فيها لسنوات عديدة حتى تمكن الجيش السوري من طرد الإرهاب من هذه المناطق.
عملية تحرير إدلب بدأت اليوم، بعد التعزيزات الجرارة التي أرسلتها دمشق في الأيام الماضية إلى جبهات الشمال والقصف الجوي والصاروخي التمهيدي على مواقع "النصرة" وتحركاتها ومستودعاتها، وبالتالي دخلنا في المراحل القريبة من حسم ملف شرق الفرات والعد التنازلي لذلك بدأ.
من الناحية العسكرية، كانت معركة الغوطة الشرقية ومعركتي مخيم اليرموك والحجر الأسود أصعب المعارك على الإطلاق، وقوات الاقتحام في الجيش السوري التي هزمت تنظيمات الغوطة وأنفاقها وعشرات آلاف المسلحين فيها بشهر ونصف، تستطيع أن تحرر شرق الفرات بوقت أسرع وتكاليف عسكرية أقل.
وأما القوات الأمريكية، التي يعتقد بعض قادة "قسد" أنها ستشكل حماية لهم، فإن إعلان ترامب الانسحاب لم يأتي لأنه رجل طيب، بل لأن القوات الأمريكية لا تستطيع تحمل التهديدات الأمنية التي تحيط بها في الرمال السورية، كما أن رسالة الرئيس السوري بشار الأسد كانت واضحة جدا، أنه أمام فصائل "قسد" خيارين، إما العودة لحضن الوطن أو أن الجيش السوري سيتجه لتحرير شرق الفرات بالقوة حتى لو دعمت واشنطن هذه الفصائل عسكريا.
الموقف الروسي يأتي أيضا ضمن التحالف الاستراتيجي مع دمشق حيث أكد القادة الروس على وحدة وسيادة الأراضي السورية وحذروا من أن أي محاولات أمريكية لخلق أي حالة انفصالية، كما أكدت روسيا أن الجيش السوري هو الذي يجب أن ينتشر في المناطق التي ستنسحب منها القوات الأمريكية وبالتالي فإن موسكو تقف في صف واحد مع دمشق لاستعادة شرق الفرات.
نضيف إلى ذلك الموقف التركي من تواجد الوحدات الكردية شمالي سوريا، فأنقرة حسمت أمرها وهي تعتبر أن إزالة الوحدات الكردية من الشمال السوري هو أمر رئيسي يتعلق بأمنها القومي وهو أهم بالنسبة لها من علاقتها مع واشنطن، وبالتالي فإن أنقرة مصممة بجميع الأحوال على موقفها تجاه الفصائل والوحدات الكردية في الشمال السوري.
يخطئ من يقول أن الخيار بيد "قسد" بالمطلق حاليا، فواشنطن التي تمدها بالدعم اللوجستي والسلاح والمال، لها تأثير معين (هذا إن لم نقل تأثير مطلق) على قرارات "قسد"، وبالتالي، فإن قرار التسليم للجيش السوري أو الدولة السورية سيكون فقط بعد تحرك قوات الجيش السوري شرقا، وقتها، سيكون الخيار الوحيد أمامهم هو التسليم وتفكيك كل الفصائل، وستتم مصادرة سلاحهم.
والآن عمليا تشهد الرقة ودير الزور عمليات مكثفة ضد "قسد"، وحتى ضد القوات الأمريكية فقد نشرت قناة "الميادين" أن جنديين أمريكيين قتلا يوم الإثنين 30 أبريل/ نيسان بالإضافة إلى 16 عنصرا من "قسد" بعمليات مختلفة في مدينة الرقة، ويأتي هذا بعد سلسلة عمليات مجهولة قضت على العديد من عناصر قسد، ولكن كما ذكرت، فإن التسليم سيكون عند تحرك الجيش السوري مدعوما بسلاح الجو الروسي والسوري باتجاه الشرق.