عن الحشود التركية
حشدت تركيا قوات قوامها أكثر من 80 آلية في إقليم اسكندرون وفي محاذاة محافظة إدلب. وجاءت هذه الحشود بعد انفضاض لقاء «أستانة 6»، الأمر الذي وصفه الكثير من المحللين في سياق الاستعداد التركي لدخول محافظة إدلب كترجمة لاتفاقات «أستانة 6». عزّز هذا الانطباع ما تكتبه الصحف التركية المؤيدة لحكومة حزب العدالة والتنمية التي زعمت أنّ تفاهمات أستانة تتضمّن السماح لقوات تركية بدخول الأراضي السورية في محافظة إدلب.
بمعزل عن أسباب وأهداف الحشود التركية، فإنه يمكن تسجيل:
أولاً، اتفاق «أستانة 6» لم ينصّ على دخول قوات عسكرية تركية إلى الأراضي السورية، وكلّ ما جاء في الاتفاق والوثائق الموقعة السماح بوجود 500 عسكري تركي يساهمون في مراقبة احترام الاتفاق أسوةً بعدد مماثل لكلّ من روسيا وإيران، وليس في الاتفاق أيّ نص، سرّي أو علني، يجيز لتركيا إدخال قوات عسكرية خارج حدود هذا العدد من المراقبين، وأيّ وجود عسكري تركي في الأراضي السورية، سابق أو لاحق، خارج هذا العدد، يشكّل انتهاكاً لسيادة سورية، ولا يمكن القبول به.
ثانياً، بيان الخارجية السورية كان واضحاً إنه من غير المقبول دخول قوات تركية إلى الأراضي السورية خارج ما ينصّ عليه الاتفاق، وهذا الاتفاق الذي نص على وجود 500 عسكري تركي أخذت الدولة السورية علماً به لأنّ الضامنين الروسي والإيراني نسقا جميع خطواتهما في أستانة مع وفد الجمهورية العربية السورية.
ثالثاً، الاتفاقات تلزم تركيا بوقف إدخال السلاح والإرهابيين إلى سورية، وإذا كان هذا هو هدف الحشود العسكرية التركية فلا بأس، أما إذا كان غير ذلك فهو غير مقبول على الإطلاق، لا من الدولة السورية، ولا من حلفائها وتحديداً روسيا وإيران.
رابعاً، الاتفاق ينص على محاربة التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها «هيئة تحرير الشام» أيّ جبهة النصرة، وأيّ تنظيمات أخرى مرتبطة بتنظيم القاعدة، ويتوجب على تركيا الالتزام بذلك.
خامساً، اتفاق أستانة لا ينص على إقامة إدارة مدنية خاصة في إدلب، بل على تسهيل التنقل ووصول الإمدادات الإنسانية، بما في ذلك فتح الطريق الدولي بين محافظتي حماه وحلب الذي يمرّ في محافظة إدلب.
إنّ تكرار سيناريو جرابلس في إدلب غير مقبول والظروف والمعادلات قد تغيّرت، وبالتالي فإنّ دخول الحشود العسكرية التركية إلى إدلب سيعني تقويض اتفاق أستانة وإطلاق مسار الحسم العسكري في محافظة إدلب من قبل الدولة السورية.