التوتر التركي ـ الأميركي: غولن أم آخرون؟

12.10.2017

اتخذ التوتر المتزايد بين تركيا والولايات المتحدة منعطفاً خطيراً، أول من أمس، عندما رفض الرئيس رجب طيب أردوغان استقبال السفير الأميركي في زيارة وداع قبل مغادرته أنقرة، لأن الأخيرة «لا تعترف بالسفير كممثل للحكومة الأميركية في بلادها». ورأت المصادر الدبلوماسية في هذه الخطوة تصعيداً واضحاً من الجانب التركي، وبمثابة «طرد» للسفير «غير المرحب به».

وبالتزامن مع تصريحات أردوغان، شنّ كل من رئيس الوزراء بن علي يلدريم، وزعيم حزب «الحركة القومية» دولت بهتشلي، هجوماً حادّاً على واشنطن، التي أعلنت سفارتها في أنقرة تعليق جميع خدمات التأشيرات في مقرها وفي القنصليات الأميركية في تركيا، الأحد الماضي، في قرار ردّت عليه أنقرة بالمثل.
وجاء ذلك بعد أيام من صدور حكم قضائي تركي باعتقال وتوقيف موظف يعمل في قنصلية الولايات المتحدة في أنقرة، يُدعى متين طوبوز، وإصدار مذكرة توقيف بحق موظف آخر، بتهمة «التجسّس والسعي إلى إطاحة الحكومة التركية، والتعامل» مع مجموعة الداعية الإسلامي فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير الانقلاب الفاشل ربيع 2016.
وتصاعد التوتر بين واشنطن وأنقرة حول هذه القضية في 21 أيلول الماضي في نيويورك، حين رفض الرئيس دونالد ترامب طلب نظيره التركي ترحيل غولن المقيم في بنسلفانيا الأميركية إلى تركيا، بالإضافة إلى تسليم رجل الأعمال التركي، الإيراني الأصل، رضا زراب، الذي اعتُقل في 22 أيار عام 2016 في نيويورك، بتهمة «خرق العقوبات الأميركية المفروضة على إيران».
وكانت أجهزة الأمن الموالية لغولن قد اعتقلت زراب في 17 كانون الثاني عام 2013، بتهمة «تهريب الذهب والعملات الصعبة إلى إيران»، بالتنسيق مع أربعة وزراء في الحكومة التركية ونجل أردوغان، في أكبر قضية فساد شهدتها البلاد. كما سرّب الأمن حينها تسجيلات لمكالمات هاتفية بين الرئيس التركي ونجله، تثبت تورطهم في الحرب الدائرة في سوريا إلى جانب التنظيمات الإرهابية.
وبالإضافة إلى ذلك، تنتقد أنقرة الدعم الأميركي للأكراد في سوريا، حيث تشارك القوة الكردية في الحرب الأميركية ضد «داعش». ورفضت واشنطن مراراً مناشدات حليفها في «الناتو» لـ«وقف دعم الميليشيات الكردية في سوريا»، وكان آخرها، أول من أمس، حين توجه يلدريم إلى الأميركيين بالقول: «عليكم أن تتخلّوا عن حماية تنظيم حزب الاتحاد الديموقراطي. فالتعامل مع أعدائنا لا يليق بالتحالف الذي بيننا».
واستفز التقارب بين إيران وتركيا، الذي عززه الموقف المشترك بين البلدين من إجراء إقليم كردستان استفتاء الاستقلال عن العراق، الولايات المتحدة، التي سبق وأعربت عن عدم ارتياحها أيضاً من التقارب التركي - الروسي، ولا سيما عقب قرار أنقرة اقتناء منظومات «إس 400» الروسية، في اتفاق روسي ــ تركي أعلنه أردوغان في 12 أيلول الماضي.
والولايات المتحدة ليست «الحليف» الوحيد الذي خسرته أنقرة أخيراً، بل تعاني علاقاتها مع أبرز أعضاء «الناتو»، وخاصةً برلين، من توترات متفاقمة، وكذلك مع دول الخليج، إثر موقفها من الأزمة الخليجية وتضامنها مع قطر، التي غالباً ما تدعم الاقتصاد التركي وتغطي العجز الدائم في الموازنة والسيولة النقدية بالدولار الأميركي.

المصدر: الأخبار اللبنانية