التصريحات الخلبية الأمريكية حول سوريا .. من ضحيتها؟

20.02.2017

تستمر الحرب النفسية الموجهة ضد سوريا والمجتمع السوري بالتوازي مع الحربين العسكرية والاقتصادية، فالضخ الإعلامي التخديري والتحريضي مستمر، والتصريحات الدبلوماسية من أعلى المستويات والجهات الدولية مستمرة وبنفس الإسلوب وبدون أي خجل أن ما يقولونه لا يتحقق. "أيام معدودة"،"كل الخيارات مطروحة"، "مرحلة انتقالية"، "مناطق آمنة"، كلها أوهام لا توجد إمكانية لها في الواقع، ويخسركل من يصدقها.

بتاريخ 2 آذار 2012 ، أي منذ خمس سنوات تماما، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما في مقابلة مع مجلة "اتلانتك منثلي"، إن "أيام الرئيس السوري بشار الأسد باتت معدودة، وأن واشنطن تعمل على تسريع الانتقال الديمقراطي في هذه البلاد المضطربة، ولم يعد الامر يتعلق بإذا ولكن بمتى سيسقط نظام الاسد". طبعا في ذلك الزمان، زرع هذا التصريح الحماس في نفوس "المعارضة" السورية ودفعوا بالمزيد من الشباب إلى جبهات القتال ضدالجيش السوري والتظاهر والتصعيد، وخاصة أنه صدر من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وكأنه "يمثل الله على الأرض" وكل ما يقوله سوف يحدث، وكانت النتيجة، المزيد من التخريب والمعارك والقتلى و التهجير يدفع ثمنها كل من يصدق هذه التصريحات. طبعا أوباما كان وقتها يعرف أن "النظام" السوري متماسك وقوي، ولكن كان هذا التصريح يهدف إلى تخدير المعارضة السورية والتشويش على من يتابع الأحداث في سوريا وخلق حرب نفسية ضد المجتمع السوري.

في شهر آب 2013، استمرت فصول الحرب النفسية، أعلن الرئيس الأمريكي باراك اوباما أنه سيطلب موافقة الكونغرس وليس الأمم المتحدة على عمل عسكري ضد سوريا. وأنه اتخذ قراره بأن بلاده يجب أن تتخذ موقفا عسكريا ردا على ما سماه "الهجوم الكيميائي" في سوريا. كان تأثير هذا التصريح قويا حتى على الشارع المؤيد للحكومة السورية، وأغفل بعض المحللين والإعلاميين الذين بدأوا بتوقع حجم الضربة العسكرية ومدتها وتوقيتها ونوع الأسلحة فيها أن أي عملية عسكرية أمريكية أو أي تجاوز للخطوط الحمر في سوريا قد يشعل حربا إقليمية لا تريدها ولا تحتملها النخبة الحاكمة في الولايات المتحدة من حيث تأثيرها على إسرائيل. جاء اليوم المنتظر للضربة الأمريكية، جهزت الفصائل المسلحة نفسها للانقضاض على العاصمة دمشق بعد الضربة المتوقعة، جاء الفجر، وإذ بالجيش السوري مدعوما بالطيران الحربي والقوات الصاروخية تفاجئ الجماعات المسلحة بضربة قاسية لم تكن متوقعة. 

في تشرين الثاني 2015، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إن "الأطراف المشاركة في محادثات السلام السورية اتفقت على بدء مفاوضات بين الحكومة والمعارضة في يناير المقبل، ووضع جدول زمني محدد لتشكيل حكومة انتقالية في سوريا خلال ستة أشهر"،.  أعطى هذا التصريح جرعة تحفيزية جديدة للدول الممولة للحرب على سوريا بضخ المزيد من الأموال على السلاح والمسلحين، وبدأت تحليلات المعارضة وتخيلاتها حول "حكومة انتقالية" تكون بداية سقوط للنظام السوري،  مغفلين أن ما عجزت الفصائل المسلحة في سوريا عن أخذه بالسلاح والقوة، لن تستطيع أخذه بطريقة أخرى.

وبدأ الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب منذ أيام بتصريحات "المناطق الآمنة" للنازحين في سوريا بتمويل من دول الخليج، طبعا هنا يدرك الشعب السوري بكل اتجاهاته وأطيافه أنه لا إمكانية أبدا للمناطق الآمنة في سوريا طالما هناك حرب على الارهاب، وقد يكون هذا التصريح يهدف إلى تمويل معين لشيء معين و لكنه بعيد كل البعد عن تطبيق فكرة "المناطق الآمنة" للنازحين السوريين. فالمناطق الآمنة تعني منع تحليق الطيران الحربي السوري و الروسي فوقها، وهذا ما تعجز عنه الولايات المتحدة وتركيا، ويدرك ترامب هذا الأمر، ولكن الإدارة الأمريكية تستعد لموجة جديدة من المطالبات للمملكة العربية السعودية وغيرها من دول الخليج.

على الارض في سوريا، يتقدم السوري باتجاه تدمر لتحريرها من "داعش" وبدأ عمليات تطهير الغوطة الشرقية، بالإضافة إلى إرسال قوات إضافية إلى درعا، وكذلك يتقدم شمال شرق حلب ويحرر يوميا عدد من القرى ومساحات جديدة في طريق تحقيق الهدف الموجود في الدستور السوري وتحدث عنه الرئيس بشار الأسد، وهو استعادة كل شبر من سوريا.

ا