الصحفيون الألمان ملامون في أزمة اللاجئين
عرضت مدرسة هامبورغ للإعلام وجامعة لايبزيغ المختصة بالإعلام تقرير من 200 صفحة، بطلب من المؤسس أوتو برنر. وقد مثل هذا التقرير تحليلا لسلوك وسائل الإعلام الألمانية خلال التدفق الجماعي للمهاجرين غير الشرعيين إلى ألمانيا في عامي 2015-2016. و بمراعاة العواقب السلبية لهذه الهجرة، يمكن اعتبار الجهاد الاجتماعي في أوروبا تاريخيا.
اتضح أن الصحفيين، الذين نسوا الموضوعية في عملهم، قد أيدوا وجهة النظر الرسمية عن طريق الخطأ - "نحن سوف نتأقلم" ، كما أن فرض "ثقافة الضيافة" على الألمان، تثبت بأنهم مذنبون في تدفق الهجرة هذا.
وتقول وكالة الأنباء الرسمية (DW): "إن الموظفين في وسائل الإعلام لا يقومون بعملهم بشكل جيد، ولم يتمكنوا من الكشف عن أو تغطية الوضع من جوانب مختلفة". وقد لاحظت (DW) أن مثل هذه الاتهامات قد تم سماعها فقط من قبل الشعبويين التابعين لحزب الصوت البديل لألمانيا (AdG) حتى الآن، ولكن الآن يتم انتقاد الصحف الألمانية وتقاريرها بشأن اللاجئين من قبل معهد علمي هام وبشكل نشط وجدي.
ولذلك سنقدم نسختنا، ماذا يمكن أن يعني هذا؟، ولكن الآن دعونا ننتقل إلى "المطالب" الرئيسية المقدمة نحو الزملاء الألمان.
بعد تحليل الآلاف من مقالات أكبر وسائل الإعلام الألمانية إضافة إلى تقارير 85 صحيفة إقليمية، نجد أن واضعي التقرير الذي ذكرناه في البداية قد توصلوا إلى أن محرري وسائل الإعلام أخذوا مهمة " تنوير الناس " بدلا من معرفة أي نوع من اللاجئين جاء فجأة إلى أوروبا من جميع أنحاء العالم. وعلاوة على ذلك، حاولوا أن تبدو علامات الاستفهام التي توضع حول موضوع تدفق "اللاجئين" خلال هذه الفترة كنوع من فوبيا "كراهية الأجانب".
وأكد الباحثون أن رأي الألمان الذين "كانوا متشككين أو معارضين فيما يتعلق بأفعال الحكومة لأسباب مختلفة" لم يتم تمثيله بما فيه الكفاية في النقاش العام. ومع ذلك، قامت وسائل الإعلام باستخدام أسلوب الدعاية لتعزيز أفكار حكومة ميركل حول "ثقافة الضيافة". وعانت المقالات المتعلقة "باللاجئين" من المبادئ الأخلاقية المفرطة، حيث كانت تفيض بالمشاعر الإنسانية المفرطة، ولم تتضمن سوى بضع ملاحظات ناقدة.
لذلك، وبالنظر إلى 35 ألف مادة إعلامية لم تحتوي سوى 6% منها على أخبار أو تقارير موثوقة. وفي الوقت نفسه، ظهر في مادة واحدة من كل 100 مادة إعلامية خبراء يمكنهم أن يفسروا حقائق مختلفة.
كما تبين أن 43٪ من أبطال المواد الصحفية كانوا ممثلين عن الحكومة والأحزاب السياسية، والذين دعوا الألمان لقبول "اللاجئين". وبوجه خاص، فقد أعطوا كلمة عن اللاجئين في كثير من الأحيان للحزب "الأخضر" الذي دعم المهاجرين غير الشرعيين أكثر من ممثلي الحزب اليساري، الذين لم يظهروا حماسة خاصة في هذا الصدد، على الرغم من أنهم لم يعارضوه. لكن حزب AdG ، الذي كان ممثلاً بالفعل في عدد من البرلمانات في ذلك الوقت، لم يستطع الوصول إلى الصحافة.
"النخب السياسية" أرادت ذلك:
وتوصل واضعو الدراسة إلى أن "النخب السياسية" كانت مهتمة بتغطية موضوع "اللاجئين" بهذه الطريقة. ولذلك، ليس من المستغرب أن 83٪ من الصحف كانت إيجابية حول اللاجئين، وفرضت "ثقافة الضيافة" على الألمان، في حين تم ذكر حجج أولئك الذين أعربوا عن مخاوف في هذا الصدد بشكل وجيز. وأدى كل ذلك إلى خلق "فراغ إعلامي" تاه فيه المجتمع الألماني.
ويشير التقرير إلى أن هذا الرأي كان مشوشاً و مضطرباً منذ أحداث ليلة رأس السنة الميلادية في كولونيا (وبالرغم مما حدث في البلاد إلا أن وسائل الإعلام أخفت هذه المعلومات بضغط من السلطات)، عندما بدأت حشود المهاجرين في مهاجمة المئات من النساء الألمانيات والإعتداء عليهن جنسيا في 1 كانون الثاني/ يناير 2016. إلا أنه و بعد الكشف عن حقيقة الأحداث في كولونيا و الصدى العام الذي تسببت به، بدأت وسائل الإعلام الألمانية تنتقد "اللاجئين" بحذر. ويقول واضعو الدراسة في هذا الصدد: "يبدو أن العديد من الصحفيين يريدون تعويض الوقت الضائع، فيما فاتهم من قبل". لذلك، في البداية "أخطؤوا"، ثم "فهموا" وبدؤوا بعد ذلك "باللحاق بالركب".
وتوصلت (DW) إلى أنه "حتى لو لم يكن هذا التقرير مثاليا، يبدو لكثير من الناس أنه صفعة في وجه وسائل الإعلام الألمانية، وربما كان من الممكن أن يكون أكثر إيلاما بالنسبة لوسائل الإعلام إذا تم النظر في التقارير التلفزيونية وتحليلها، ولكن الخبراء لم يكن لديهم ما يكفي من الوقت لفعل ذلك ".
هم يلتزمون بالخط العام للحزب:
ماذا يمكننا أن نقول في هذا الصدد؟
أولا، المسألة ليست في وضع الصحفيين، بل في السياسة الحكومية. الصحفيون الألمان يفعلون دائماً ما تريده سلطاتهم منهم بالضبط. ولكن السياسة الحكومية تغيرت إلا أن الصحفيين تابعوا "الخط العام للحزب". نعم، لقد مر وقت ليس ببعيد عندما هاجمت وسائل الإعلام الناس الذين انتقدوا السلطات في سياسة "الأبواب المفتوحة"، وعارضوا " سياسة الضيافة " ولم يكن ذلك لأنهم كانوا قاسيي القلب أو لأنهم لم يتعاطفوا مع اللاجئين الحقيقيين بل لأنهم رأوا أن المهاجرين الاقتصاديين يسيئون استخدام حق اللجوء، و يتصرفون كالغزاة، ويتصيدون السلع الاجتماعية، إضافة إلى وجود عدد من الإرهابيين بينهم ، فضلا عن حقيقة أن الأجانب لا يقدرون الثقافة والقوانين الألمانية ويؤمنون إيماناً راسخاً بحقهم في إعادة تشكيل ألمانيا بما يتناسب معهم.
وقد تم الكشف عن الكثير من الحقائق، والتي من المستحيل أن يتم نكرانها، منذ عام 2015. وفهم الليبراليون في السلطة تدريجياً هذه الحقيقة، وكذلك فعل الألمان العاديون. ومع ذلك، لم تصبح الصحافة أكثر موضوعية إلا عندما توصلت قمة المجتمع إلى الاستنتاج بأنه من الواجب إعداد المجتمع للتغييرات في سياسة الهجرة. ولم يتمكنوا من تغطية الواقع بطريقة صحيحة. وفشلوا هذه المرة أيضاً فظلت الأيديولوجية أيديولوجية و بقي الواقع - واقعاً ...
هناك شعاع من الأمل:
لا يسعنا إلا أن نأمل في أن يعمل صحفيو وسائط الإعلام الألمانية الآن على إيجاد "الديون" التي تراكمت. ونحن نتحدث عن تغيير المسار، بدلا من التقليد السياسي للانتخابات، وبعد ذلك السلطات، وبالتالي فإن وسائل الإعلام ستعود إلى إستراتيجيتها العادية.
ومع ذلك، دعونا لا نكون صارمين للغاية مع الصحفيين الألمان. فهم يقومون بعملهم فقط. وهم يعملون فقط في هذه القصة كمسؤولين منضبطين: يكتبون ما يقال لهم. كما نشرت TASS بيانها الشهير بنفس الطريقة في يونيو 1941.
إن حرية الإعلام ظاهرة نادرة في هذا العالم: على سبيل المثال، لم تكن موجودة أبدا في ألمانيا؛ وفي الولايات المتحدة كانت فقط وسائل الإعلام المهمشة على شبكات الإنترنت حرة. و حتى صحيفة Bild المستقلة تنشر فضائح ليست أبدا نتيجة عرضية للبحث عن الحقيقة. إنه دائما نظام سياسي.
وهناك عدد من الدلائل على أن الاتحاد الأوروبي، ولا سيما ألمانيا، يبدأان في إعادة النظر في سياسة الهجرة. إذ يبدو أنهم أدركوا أن أوروبا تحتاج فقط إلى قوة عاملة ذات مهارات جيدة، وأنه من المستحيل تماما إيواء جميع الفقراء من جميع أنحاء العالم. الأمر الضروري القيام به هو مساعدة الفقراء أو إعادة تأهيلهم لجعل حياتهم أفضل في وطنهم. وقد تم إعلان ذلك على المستوى الحكومي وفي الصحافة في ألمانيا. وليس من قبيل المصادفة أن الاتحاد الأوروبي قد حظر مؤخرا تسليم قوارب مطاطية قابلة للنفخ إلى ليبيا، حيث يذهب 5000 مهاجر غير شرعي يوميا إلى إيطاليا.
وتنشر وسائط الإعلام تقارير عن دور أسطول "المدافعين عن حقوق الإنسان" الذي ترعاه جمعية Soros. هذا الأسطول يعمل جنبا إلى جنب مع مهربي السلع الحية في اختيار المهاجرين غير الشرعيين من السواحل الليبية ونقلهم إلى إيطاليا.
الخطوة التالية هي قمع هذا العمل المظلم. ويجري تشديد تراخيص الدخول "للاجئين"، وهناك استعدادات لعمليات ترحيل جماعية للأشخاص المحرومين من "اللجوء". وأحد الأدلة على أن التغيرات الخطيرة لم تعد بعيدة عن الدراسة هي مدرسة هامبورغ للإعلام وجامعة لايبزيغ المختصة بالإعلام..
حسنا، أن تصل متأخراً خير من ألا تصل أبداً.