لقد فعلها المحور متعدد القطبية حقا في سوريا
تقلا عن سبوتنيك عربي في 20/9/2016 فقد أفاد مصدر ميداني في محافظة حلب، بأن الصواريخ الثلاثة من نوع كاليبر التي أطلقتها السفن الروسية مؤخراً استهدفت غرفة عمليات للإرهابيين في ديرة عزة غرب حلب في منطقة جبل سمعان والتي تشتهر بالطبيعة الجبلية القاسية.
وبيّن المصدر لـ"سبوتنيك"، أن غرفة العمليات تضم 30 ضابطاً قيادياً من الجيش التركي والأمريكي والسعودي والقطري والبريطاني ومن الموساد، يديرون العمليات الإرهابية في حلب وإدلب.
نحن الآن ما نزال نعيش المرحلة القريبة بعد الاتفاق الذي تم التوقيع عليه من قبل وزيري الخارجية الروسية والأمريكية بعد نقاش طويل ومضني لإيجاد حل للأزمة السورية التي أتعبت العالم بأسره كما أتعبت الشعب السوري. هذا الاتفاق الذي التزم به فقط الجيش السوري وحلفاؤه بينما تعاملت معه الأطراف الأخرى في الساحة السورية وكأنه غير موجود، وأما الولايات المتحدة التي وقعت الاتفاق بالأصالة عن نفسها ونيابة عن وكلائها وأدواتها في الساحة السورية فقد ظهرت وكأنها لا تؤثر على وكلائها الإقليميين وعلى الجماعات المسلحة التي أنشأتها مع وكلائها الإقليميين في المنطقة.
الاتفاق الذي ينص على الهدنة كان مجالا لنقاشات كثيرة بين المراقبين الذين تحدث أكثرهم عن فرصة ضئيلة بنجاحه بسبب تعقيدات المشهد السوري وكثرة الفصائل المسلحة ونعدد انتماءاتها وتبعياتها الإقليمية وكذلك تم الحديث عن صعوبة فصل المجموعات الارهابية عن المجموعات المعتدلة.
إن النظر إلى هذا الاتفاق نظرة منفصلة عن المنظور التاريخي والاستراتيجي للأزمة السورية هو سبب هذه النظرة السطحية لهذا الاتفاق وهو سبب هذه التحليلات السطحية أيضا. فلا أحد يقبل أبدا أن القوتين الأعظم في العالم تتباحثان كل هذه المدة الطويلة وهما لا تستطيعان فرض تطبيق اتفاق على هذه الدرجة من الأهمية ولا تعلمان كيف يمكن الفصل بين المجموعات المسلحة أو كيف يتم فرض الفصل بينهما عند الضرورة أو كيف يتم إلزام كل الأطراف الإقليمية للقبول بكل مكونات الاتفاق.
الاتفاق هو اتفاق على قضايا أساسية ومبادئ عامة بين الدولتين الأقوى في العالم وهو في حيثياته ينص فيما ينص عليه على مجموعة قضايا من أهمها:
• اتفاق الدولتين على ألا تكون هذه الأزمة سببا لاندلاع حرب عالمية بين محورين يتصارعان على قضايا إستراتيجية لا يستطيع أي منهما تحمل الخسارة الكاملة فيها ولا بد من وجود تفاهمات لإظهار الطرفين بصيغة الرابح رابح
• الاتفاق على مبادئ عامة حول الأزمة السورية حددتها سابقا الاتفاقات في فيينا وكذلك قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بحق الشعب السوري في اختيار ممثليه تحت إشراف الأمم المتحدة ومشاركة جميع السوريين في ذلك ووحدة الأراضي السورية
• الإرهاب خطر على العالم كله والاتفاق على التعاون في محاربته والتخلص منه قبل أن يهدد البشرية كلها
• إدخال المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة على الأرض السورية
الولايات المتحدة وحلفاؤها هم الحلف الخاسر في هذه المعركة لأنهم ببساطة لم يستطيعوا تحقيق أهدافهم الجيوستراتيجية الرئيسية في سوريا وهي تحويل سوريا وبالتالي منطقة الشرق الأوسط لتكون ركيزة تابعة للولايات المتحدة وحلفاها الإقليميين وكسر المحور الذي تنتمي له سوريا سواء على مستوى المنطقة (محور المقاومة) أو على المستوى العالمي (محور التعددية القطبية) الذي يرفض الهيمنة الأمريكية على العالم من خلال تمسكه بالسيادة الوطنية للدول ويعتمد القيم والمصالح كنظام للسلوك الدولي يتم من خلاله المحافظة على القيم والمصالح كأدوات للاستقرار من خلال اعتماد القانون الدولي وشرعة حقوق الإنسان.
الاتفاق الذي تم توقيعه لن يتم إلغاؤه بل سيتم التمسك به أكثر لأنه ببساطة حاجة عالمية ويجنب العالم المزيد من الويلات، والخلاف اليوم ليس على ما تم الاتفاق عليه بل على تطبيق بعض بنوده، والهدنة في سوريا هي إحدى هذه النقاط موضوع الخلاف، كما أن مناطق نفوذ الأطراف المتحاربة هي موضوع خلاف أهم. فبعد الاتفاق مباشرة لاحظنا تحركات كثيرة من مختلف الأطراف المتصارعة، التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضرب الجيش السوري ضربة مؤلمة في دير الزور ليقول أن الشمال الشرقي في سوريا هو منطقة نفوذ أمريكية، وإسرائيل ضربت الجيش السوري في الجنوب لتقول أن الجنوب السوري هو منطقة نفوذ إسرائيلية، وكذلك الأتراك من خلال المجموعات التي شكلوها من الإرهابيين تحت مسمى الجيش الحر بدؤوا التقدم في الشمال السوري.
الجيش السوري وحلفاؤه ردوا بقوة على كل هذه الأطراف التي تريد أن تحدد مناطق نفوذها بالقوة، للمرة الأولى في الحرب السورية تنطلق صواريخ ال س 200 المتطورة لتهدد الطيران الإسرائيلي وتقول برسالة واضحة إلى إسرائيل وحلفائها أننا مستعدون للحرب مع إسرائيل مع أصدقائنا في المقاومة حزب الله وإيران وهم يعلمون أن احتمالا كهذا سوف يؤرقهم ويسلبهم راحة البال، وأن وحدة الأرض السورية هي خط أحمر وسيتم تنظيف الأرض السورية كلها من جميع الإرهابيين، وهذه الصواريخ السورية هي أيضا رسالة لتركيا بأن الخطوط الحمر قد رسمت في هذا الاتفاق.
أما الرد الأكبر على الولايات المتحدة فقد كان من قبل الحليف الروسي من خلال الصواريخ الثلاثة من نوع كاليبر على غرفة عمليات الإرهابيين غرب حلب حيث كانت الرسالة ليس فقط للأمريكيين بل لجميع حلفائهم من الأتراك والسعوديين والإسرائيليين وغيرهم بأن معالم الاتفاق النهائية تحدد أن محورنا هو الرابح، وأن روسيا قد عادت قوة عالمية عظمى، وأن سوريا قد انتصرت على الرغم من قسوة الآلام وكبر الخسائر، وأن منطقة الشرق الأوسط الجديد هي منطقة مقاومة للمستعمرين الجدد وداعمة رئيسية لمحور التعددية القطبية من خلال صمود الشعب السوري وقيادته وتمسك محورنا بمنظومة القيم التي تدعو إلى الفخر وتؤسس لنظام عالمي جديد لا تكون فيه المصالح على حساب القيم.