المواجهة الأمريكية الصينية... معركة القارات من أجل تكنولوجيا الجيل الخامس G5

22.05.2019

ليس هناك بديل لتكنولوجيا الجيل الخامس للاتصالات عالية السرعة (5G). ومن الواضح أن جميع دول العالم ستبدأ باستخدامها عاجلاً أم آجلاً، كما تم بالفعل مع تكنولوجيا الجيل الرابع (4G). ويبدو أن هناك تحديثاً عالمياً للاتصالات.

ومع ذلك، يحدث اليوم، إلى جانب التحديث، تفاقم للمواجهات السياسية في العالم. أصبحت الصين رائدة عالمياً في مجال تكنولوجيا المعلومات، وهي على استعداد لتزويد العديد من البلدان بـ "حزمة كاملة من الجيل الخامس" من الرقائق والمودم والمحطات الأساسية إلى الأدوات التي ستتلقى الإشارة. 

تشارك الولايات المتحدة أيضاً في تشغيل الجيل الخامس، لكن حتى الآن لا يمكنهم تقديم مثل هذه "الحزمة الكاملة" أو حتى التزود بها. تدرك واشنطن أنه في هذه الحالة، ستكون الصين سباقة حتماً بخطوة واحدة إلى الأمام، حيث ستزود أوروبا بالجيل الخامس، بينما اعتادت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة على إملاء إرادتها التكنولوجية على أوروبا. وأصبحت من الآن فصاعداً، السيطرة الرقمية الأمريكية في أوروبا تحت التهديد.

يكتسب الصراع الأمريكي مع شركة هواوي العملاقة الصينية، والتي تجسد اليوم كل ما هو ضروري للجيل الخامس، زخماً جديداً. في خضم الحرب التجارية المستمرة، اتهمت واشنطن مراراً وتكراراً الشركة الصينية بالتجسس واستخدام قدراتها الرقمية لهذا الغرض، بما في ذلك تقنية الجيل الخامس. لقد منع الأمريكيون وكالاتهم الحكومية بالفعل من استخدام أجهزة هواوي وطالبوا بأن تفعل أوروبا نفس الشيء، ورفضوا أيضًا إنشاء تكنولوجيا جيل خامس بأيدي صينية.

الحظر التام

أعلنت وكالة رويترز في 15 أيار، أن ترامب يستعد للتوقيع على مرسوم يحظر استخدام الشركات الأمريكية لمعدات الاتصالات الأجنبية التي قد تضر بالأمن القومي. لا يحتوي المرسوم على أسماء أي شركات، ولكن من الواضح أنه موجه بشكل أساسي لشركتي هواوي الصينية و ZTE.

ومع ذلك، حتى قبل هذا المرسوم، اتبعت الولايات المتحدة بعناد طريق التخلي عن المعدات الصينية، متهمة شركة هواوي بالتجسس. ونفت هواوي وهي ثالث أكبر شركة للهواتف الذكية في العالم هذه المزاعم، لكن واشنطن قررت بالفعل كل شيء. وقع ترامب في آب 2018، قانوناً يحظر على حكومة الولايات المتحدة استخدام المعدات من شركة هواوي أو المورد الصيني الآخر، ZTE. 

ولكن الشيء الأكثر إثارة للاهتمام هو ليس كيف تضع الولايات المتحدة حواجز أمام حزم الجيل الخامس الصينية، بل هو حقيقة أن الولايات المتحدة لا تستطيع حتى الآن تقديم أجهزة تضاهي أجهزة هواوي لمواطنيها. وعلى الرغم من الحظر، تواصل أجهزة المودم ZTE وهواوي العمل في أمريكا الأمريكية.

ولكن بشكل عام، تصبح المشكلة أكثر إلحاحاً، كلما بحثت الولايات المتحدة عن شركاء في عملية نشر شبكات الجيل الخامس. وكان من المفترض المفترض أن يكون التعامل مع شركتي سامسونغ وهواوي.

قالت الشركة الأمريكية AT & T في 18 كانون الأول 2018، إنها قامت بالإطلاق التجاري الأول لشبكات الجيل الخامس. وسيكون نظام الاتصالات الجديد متاحاً لسكان 12 مدينة، وأكبرها هي أتلانتا ودالاس وهيوستن ونيو أورلينز وسان أنطونيو. ومع ذلك، إذا كان لدى الشركة كل شيء جاهز بالنسبة لأجهزة الإرسال، فلا توجد أجهزة متوافقة لاستقبال الإشارة من قبل المستخدمين. وبعد استبعاد شركة هواوي، تباطأت الولايات المتحدة بشكل خطير في تطويرها لتكنولوجيا الجيل الخامس.

أوروبا أمام تحدٍ

بعد أن دخلت الولايات المتحدة في حرب تجارية مع الصين، متهمة إياها ليس فقط بـ "التجارة غير العادلة"، ولكن أيضاً بسرقة الأسرار الأمريكية، طالبت واشنطن الأوروبيين بالتخلي عن خدمات هواوي و ZTE لإنشاء شبكات جيل خامس. لكن كلما زادت الاتهامات الأمريكية، أصبح من الواضح أن أوروبا لن تستمع إلى واشنطن.

زودت المملكة المتحدة في أواخر شهر نيسان رسمياً شرك هواوي بوصول محدود إلى شبكاتها الرقمية للترقية إلى تقنية الجيل الخامس. تم اتخاذ هذا القرار في 23 نيسان في اجتماع المجلس البريطاني للأمن القومي، الذي عقدته رئيسة الوزراء تيريزا ماي.

ذكرت المصادر بعد ذلك أن بريطانيا قررت اتخاذ قرار متوازن، وتقييد وصول هواوي إلى الأجزاء الرئيسية من الجيل الخامس.

لم ترفض لندن خدمات هواوي، كما طلبت واشنطن. والأمر كله يتعلق بالمزايا التكنولوجية التي توفرها شبكة الجيل الخامس للمستخدمين. وحتى الآن، قد تشترط الولايات المتحدة فرض حظر على شركة هواوي في أوروبا، ولكنها غير قادرة على تقديم البديل الخاص بها.

علاوة على ذلك، فإن تاريخ إطلاق أول شبكة جيل خامس في المملكة المتحدة معروف بالفعل. فقد أعلنت شركة فودافون، التي تتعاون مع هواوي، عن طرح أول شبكة من هذا النوع في البلاد في 3 تموز.

يجب أن تصل خدمة الجيل الخامس في الثالث من تموز إلى برمنغهام وبريستول وكارديف وجلاسجو ومانشستر وليفربول ولندن. قالت الشركة أن الجيل الخامس، على عكس الجيل الرابع، يعطي تأخيراً أقل بين إرسال رسالة والحصول على استجابة، ويدعم أيضاً عدداً أكبر من الأجهزة المتصلة. هذا يعطي الحكومة والشرطة الفرصة للعمل بشكل أسرع. وهذه هي، فوائد التحول إلى الجيل الخامس التي لا يمكن إنكارها.

يوجد موقف مشابه في ألمانيا، ما لم يتم خرق الاتفاقية مع شركة هواوي تحت الضغط الأمريكي، رغم أن هناك في برلين آراء حول مخاطر التعاون مع شركة صينية.

وفقا لتقرير آخر لرويترز، لا تزال وزارة الخارجية الألمانية تشك في صدق بكين. واقترحت الأخيرة أن توقع برلين اتفاقاً على أن معدات هواوي لن تحتوي على أي رقائق أو برامج تجسس، لكن الألمان كانوا متشككين في هذا الاقتراح.

ومع ذلك، عقدت وكالة الشبكة الاتحادية الألمانية في نيسان مزاد لبيع خصائص الجيل الخامس بمبلغ 2.1 مليار دولار. تم الشراء من قبل شركات الاتصالات دويتشه تيليكوم وفودافون وتيليفونيكا و 1&1.

وبالتالي، فإن بريطانيا وألمانيا تتجهان نحو إدخال الجيل الخامس ولا تستخف بالتعاون مع هواوي. انقلب كل شيء بالنسبة للولايات المتحدة، على الفور رأساً على عقب. فقد سعى ترامب إلى رفض أوروبا للتكنولوجيا الصينية من أجل إعادة الأوروبيين إلى الوراء ثم، ربما، تصدير التكنولوجيا الأمريكية إلى القارة.

اتضح أن أوروبا تقدم بالفعل مثل هذه الشبكات بقوة وتعصي واشنطن. وأن الولايات المتحدة تحظر شركة هواوي ويمكنها الآن الاعتماد فقط على نفسها وعلى سامسونغ. ومن المحتمل أن تقدم الشركة الكورية الجنوبية الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وأجهزة المودم من الجيل الخامس إلى السوق الأمريكية، ولكن في وقت متأخر عن أوروبا.