لماذا قرّرت واشنطن زيادة قواتها في سورية؟

27.11.2017

لا يزال الغموض يلفّ قضية عديد القوات الأميركية في سورية. مصادر رسمية أميركية كانت تقول إنّ عديد هذه القوات يبلغ 503 عسكريين من الوحدات الخاصة، تقارير أميركية غير رسمية قالت إنّ العدد الفعلي هو أكثر من 4000 آلاف عسكري من الوحدات الخاصة. مؤخراً جرى تسريب معلومات تتحدّث عن زيادة عديد القوات إلى حوالي 2000 عسكري.

الشيء الواضح والثابت أنّ الولايات المتحدة بصدد زيادة قواتها في الفترة القريبة المقبلة، ولكن لماذا هذه الزيادة الآن، أيّ بعد أن أوشكت المعارك ضدّ تنظيم داعش على الانتهاء في سورية، وتحديداً في المنطقة الشرقية، حيث تنتشر الوحدات الخاصة الأميركية؟

هناك عاملان يفسّران هذه الزيادة في هذا التوقيت بالذات. العامل الأول، تراجع وجود داعش العسكري، ومعروف أنّ الولايات المتحدة كانت تعتمد على هذا الوجود للضغط على سورية وحلفائها لقبول تسوية للأزمة السورية وفق الرؤية الأميركية. في هذا السياق جاءت تصريحات وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري قبل أسبوع من مغادرة منصبه في وزارة الخارجية، عندما اعترف بهذه التصريحات بأنّ الولايات المتحدة لم تعترض هجمات داعش على الجيش السوري، لأنها كانت تريد أن يولد ذلك ضغطاً على الحكومة السورية لقبول رأي الولايات المتحدة بالتسوية. اليوم تنظيم داعش لم يعد موجوداً، وما تبقى له من وجود لم يعد قادراً على ممارسة ضغط فعّال على الجيش السوري وحلفائه وقريباً سيقضي الجيش السوري على ما تبقى من هذه الجماعة، وبالتالي لم يعد داعش يلعب الدور الذي راهنت عليه الولايات المتحدة، وليس هناك جماعة سورية أخرى مسلحة قادرة على لعب هذا الدور.

ولذلك بات على الولايات المتحدة أن تقوم بنفسها بهذا الدور، ولهذا قال وزير الدفاع الأميركي إنّ القوات الأميركية لن تنسحب وستبقى لممارسة الضغط لكي لا تعود الدولة السورية إلى المناطق الواقعة تحت سيطرتها، وبالتالي يتكرّس بقاء الرئيس الأسد في سدة الرئاسة. ولكن للتعويض عن ما كان يقوم به داعش، وفي ظلّ انحسار وجود الجماعات الإرهابية الأخرى لا بدّ من زيادة عديد القوت الأميركية، ولهذا كان القرار بزيادة القوات. العامل الثاني، بعد انتهاء المعارك مع داعش ستنمو تناقضات وصراعات داخل منطقة تواجد القوات الأميركية، ولا سيما بين الأكراد والجماعات العربية، ومن شأن ذلك أن يخلق واقعاً أقلّ أمناً بالنسبة للقوات الأميركية بسبب الفوضى، وقد تستهدف القوات الأميركية، ولهذا لا بدّ من زيادة عديد هذه القوات كي تكون قادرة على مواجهة أيّ هجمات محتملة قد تستهدفها في مناطق تواجدها.