العلاقات التجارية مع القذافي جلبت المتاعب لساركوزي

25.03.2018

يتم التحقيق مع الرئيس الفرنسي السابق "نيكولا ساركوزي" وأقرب مساعديه. و قد يتم اتهامه بالتعامل مع القذافي.

تم سجن "نيكولا ساركوزي" الرئيس السابق وأحد السياسيين الأكثر خبرة، بشكل مؤقت، ولكن لم تكن هذه المرة الأولى في مسيرته. ولكن تعتبر هذه أول مرة فيما يتعلق بالقضية الليبية، وربما هذا يشير إلى ظهور أدلة جديدة ضد الرئيس الفرنسي السابق. وهذا التحقيق استمر خمس سنوات حول احتمال تمويل ساركوزي للحاكم الليبي السابق معمر القذافي، والذي كان صديقاً لساركوزي. ووفقاً للوسيط فقد تبرع القذافي بما لا يقل عن خمسة ملايين يورو، ونقلها في عدة حقائب من ليبيا وسلمها مباشرة إلى وزارة الداخلية الفرنسية، والتي كان يديرها ساركوزي آنذاك.

كانت هذه مجرد شائعات حتى وقت قريب، ولكن الآن بدأت السلطات الليبية الجديدة بالتعاون في التحقيق مع الفرنسيين في هذه القصة القذرة. وبالرغم من علاقة ساركوزي الودية مع القذافي فقد وافق على تغيير النظام في ليبيا.

وادعى ساركوزي أنه فعل ذلك لشطب كل ديون هذا الديكتاتور الليبي المجنون، ولكن كل هذا كان فرضية، ويجب إما إثباتها أو دحضها، وهذا ما يتم التحقيق به الآن.

هل هي مسألة سياسية؟

لا يمكن استبعاد وجود دوافع سياسية في هذه المسألة. إن تشويه سمعة أحد أبرز السياسيين، وبالتالي الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه، والذي يعتبر زعيمه الجديد "لوران فاكويو" في علاقات ودية مع ساركوزي، مفيد للكثيرين. وأولهم الذين يشغلون مناصب يسارية، الوسطيين ورئيسهم "إيمانويل ماكرون". وأيضاً لمن هم على اليمين ويحاولون أن يصبحوا في الآونة الأخيرة وجهاً محترماً أكثر للسياسة الفرنسية – الجبهة الوطنية "مارين لوبان"، من أجل كسب المزيد من اليمينيين العاديين. ومع ذلك فلن يكون لمؤسسة الحزب المضطهد أي تأثير مباشر على إنقاذ القانون والنظام القانوني الذي تتمتع به الدوائر الحاكمة، لذلك لا يمكن تصديقه تقريباً.

هل يمكنه المراوغة مرة أخرى؟

احتجز ساركوزي في مقر الشرطة القضائية في نانتير قرب باريس، وجري التحقيق مع مساعده الأقرب "بريس أورتيفو" الذي شغل عدداً من المناصب الوزارية في عهد الرئيس السابق. وسينتهي الأمر بحل من اثنين: إما بتقديم تهمة محددة لساركوزي أو بالإفراج عنه. لدى الرئيس السابق العديد من المحامين الجيدين، فهو ذكي ولطالما تجنب في الماضي المخاطر التي واجهته. تم للمرة الأولى الإعلان عن قضية تمويل القذافي لحملة ساركوزي الانتخابية في آذار 2011، عندما طلب سيف الإسلام ابن الزعيم الليبي معمر القذافي، في مقابلة مع قناة "يورونيوز" التلفزيونية، أن يعترف ساركوزي أن تمويل حملته كان مساعدة من والده. وأنكر بالطبع الرئيس السابق ساركوزي حدوث ذلك. 

ومع ذلك فإن وسائل الإعلام الفرنسية مقتنعة بالعكس وتطالب بالمبالغ الأكبر التي يُزعم أن ساركوزي تلقاها من القذافي. ونشر موقع "ميديا بارت" في عام 2012، بعض الوثائق التي تشير إلى نقل ليبيا لاحتياجات من حملة ساركوزي التي كلفت 50 مليون يورو. وتم في عام 2016 استجواب رجل أعمال من أصل فرنسي – لبناني "زياد تاديدين". وأظهر الاستجواب أنه في أواخر عام 2006 وأوائل 2007، كان يسلم حقائب بقيمة نقدية قدرها خمسة ملايين دولار من ليبيا مباشرة إلى وزارة الشؤون الداخلية التي كان يرأسها ساركوزي. كانت السلطات الليبية الجديدة مهتمة بهذه القضية، وكما ذكرت الصحافة الفرنسية، فقد سلمت السلطات الليبية بعض الوثائق لباريس. لذا يجب على ساركوزي أن يقلق هذه المرة رغم أن لديه الخبرة.

مصلحة محتملة

محاكمة الجمهوريين علناً أمر مفيد للحكومة الحالية في المقام الأول. فقد انخفضت شعبية الرئيس ماكرون بشكل ملحوظ مع نهاية العام الماضي، ووفقاً لاستطلاعات الرأي فإن نصف الفرنسيين يعارضونه. ولكن إذا نجح ماكرون في سجن السياسي الفرنسي الذي لا يمكن المساس به، فإن شعبيته ستزداد بشكل ملحوظ. وهو يحتاج ذلك في عشية الإصلاحات الجذرية للاتحاد الأوروبي والتي تنوي فرنسا تنفيذها بدعم من ألمانيا. يحتاج ماكرون إلى دعم سياسي إضافي ويمكن لقضية ساركوزي مساعدته.

تلقى المحققون أوراق تدين ساركوزي وبدأوا بأداء واجباتهم. علق ساركوزي سابقاً في الكثير من القضايا ولكنه نجح بالخروج منها. استندت هذه المرة جميع التصريحات حول تلقيه لأموال من القذافي من أجل حملته الانتخابية، إلى كلام ابن القذافي ورئيس المخابرات السابق. وحتى الآن لا يوجد أي دليل مادي على ذلك، ولكن انتقل ساركوزي من موقع الشاهد إلى موقع المشتبه به، وفي هذه الحالة تم إيقافه مؤقتاً.