رفع الجدار الفرنسي بوجه روسيا أكبر من ماكرون
لولا فارق الإثنين في المئة لكانت هزمت ماري لوبان وفاز بدخول الدورة الثانية الرئاسية فرانسوا فيون بوجه امانويل ماكرون أو لفاز جان لوك ملينشون وقد نال كل منهما أقل من لوبان بـ2 ، وليس عبثاً أن تكون فرنسا انتخبت تحت ضربات الإرهاب لتمكين لوبان من دخول السباق إلى جانب ماكرون، لضمان فوزه، وإلا فتصير منافسته للمرشح المخضرم فيون أو المرشح الجذاب والساحر والواضح والدقيق ميلنشون منافسة محفوفة بالمخاطر، ففي حال فيون بوجه ماكرون سينتخب جمهور لوبان لصالح فيون وكذلك سيفعل جمهور ميلنشون، ويضمنان فوز فيون حكماً، وفي حال منافسة ماكرون لميلنشون يصوّت جمهور لوبان وفيون لصالح ميلنشون ويضمنان فوزه، والسبب ببساطة أنه رغم التباعد الكبير بين البرامج الداخلية للمرشحين الثلاثة لوبان وفيون وميلنشون، فإن التحدّي الذي فرضه الإرهاب من خيارات في السياسة الخارجية يضع هذا الثلاثي في دائرة واحدة هي الانفتاح على روسيا والتعاون مع رئيسها والانسحاب من الحرب على سورية ورئيسها، وما يعرفه المتابعون هو أنه سيكون صعباً لحد الاستحالة أن يدعم جمهور فيون وميلنشون التصويت للوبان في الدورة الثانية.
– ليست نظرية المؤامرة هي التي تدفع للبحث عن قوى خفية وضعت ثقلها لضمان نجاح ماكرون، فالمؤامرة ليست خفيّة وأصحابها لهم أسماء، تحددها سياسات الأطراف المنافسة التي أريد إزاحتها من السباق، فالانفتاح على روسيا وسورية ليس قضية ثانوية بل هو تغيير في الجغرافيا السياسية والتحالفات على المستويين الدولي والشرق أوسطي، والانسحاب من الناتو ليس قضية بسيطة، والاعتراف بدولة فلسطين ليس مزحة. ومن يتابع سيرة هذا المرشح الذي سيصير رئيساً مانويل ماكرون سيكتشف بسهولة أنه موظف وفي لمؤسسة روتشيلد التي تشكل قلب الصهيونية والليبرالية المتوحشة والمصارف والشركات الكبرى في أوروبا. وكلها لم يربكها الإعلان عن دعم ماكرون، وتمويل حملته الانتخابية والدعوة للانضمام لحزبه الذي تأسس قبل سنة فقط. وماكرون لم يكن قد أمضى في العمل السياسي إلا سنوات ثلاثاً قبل أن يعيّنه فرانسوا هولاند وزيراً للاقتصاد لحساب التكتلات الاقتصادية والمالية بعدما عينه موظفاً برتبة معاون الأمين العام لرئاسة الجمهورية.
– ماكرون ليس مجرد مرشح المصارف والشركات، فهو مرشح علني للماسونية التي أعلنت محافلها الفرنسية مساندته، ومرشح مساند لمواقف إسرائيل والسعودية في الشرق الأوسط في مواصلة لسياسة سلفه هولاند، فيما يحاول البعض تفسير صعود ماكرون بدعم هولاند له، يتناسون أن هولاند لم يحز أكثر من 7 من تأييد الفرنسيين قبل شهور، وأن مرشح حزبه بنوا أمون هو الذي يكشف حجم شعبية الحزب الأكبر من شعبية رئيسه، والحملات المنظمة لاستطلاعات الرأي والحماسة التي تبديها وسائل الإعلام الأميركية والغربية والعربية الممولة والمشغلة من الثنائي السعودي الإسرائيلي لماكرون ليست خافية على أحد، ولا يمكن إيجاد جذور لها عند الحديث عن شخص جاء من الغيب وهبط بالمظلة على الفرنسيين، بصورة لا تشبه حالة دونالد ترامب مثلاً الذي يملك تاريخاً حافلاً كرجل أعمال وحضوراً إعلامياً سابقاً بسنوات لترشحه الرئاسي، وتكشف الفضائح التي تفجّرت بوجه خصوم ماكرون عملاً مبرمجاً تقف وراءه أيدٍ فاعلة وقادرة وتتدخّل عند الضرورة كي لا تسقط فرنسا في جبهة أخرى وتغيّر التوازنات العالمية والشرق أوسطية.
– عندما تجمع الأصوات التي نالتها ماري لوبان وفرانسوا فيون وجان لوك ملينشون وتكون الحصيلة أكثر من 60 من الفرنسيين، ولا يكون المشترك بين هؤلاء الثلاثة إلا الانفتاح على روسيا وسورية. من حق الناتو أن يقلق ومن واجب المخابرات الأميركية أن تعلن حالة الطوارئ، فهذه فرنسا، ومن وظيفة إسرائيل أن تستنفر، وعلى السعودية أن تدفع، وهذا ما كان، مهمة رفع الجدار الفرنسي بوجه روسيا وسورية، أرباح لهؤلاء جميعاً، لكنها بوليصة تأمين للسعودية ولـ إسرائيل قبل الآخرين.