الجيش السوري يجابه عشر قوى في تحرير إدلب
تقتفي القوى المعادية لتحرير محافظة إدلب حركة الجيش السوري في أنحاء بلاده منذ ثماني سنوات وتواصل إطلاق اتهامات بأنه يقتل المدنيين، لكن هناك ملاحظة أساسية، فهذه القوى لم تجتمع في ايّ تقدّم للجيش السوري بمثل هذه الشراسة التي هي عليها اليوم وبالوتيرة العالية نفسها بالرفض والتهديد كانت في المراحل السابقة تترك لجزء منها إدارة المعركة والتهديد، وتمنح القسم الباقي وجهاً معتدلاً كافياً خلفها لمرحلة اللزوم.
يبدو أنّ لمعركة إدلب خصوصية عالية المستوى في الصراعات السورية الداخلية والإقليمية والدولية، تدفع كلّ هذه القوى الى الانغماس العلني بشكل لا تختلف فيه عن المنظمات الإرهابية التي تحتل ادلب وأرياف حماه وحلب.
مَن هي هذه القوى؟
تركيا هي المتورّطة الاولى في محافظة ادلب والشمال وأرياف حلب وحماة وفي آخر موقف لها أرسلت تعزيزات عسكرية تركية مباشرة ودعم عسكري بالأسلحة الثقيلة من دبابات وصواريخ لهيئة تحرير الشام النصرة والقاعدة وجيش العزة ومنظمة حراس الدين واللواء التركستاني وكتائب الاخوان المسلمين ولديها غرفة أركان لإدارة المعركة قالت كل وسائل الاعلام انها بمحاذاة حدودها مع سورية.
أما المتورط الثاني فهم الأميركيون الذين أطلقوا تهديدين متتابعين ضد اي هجوم لتحرير ادلب، مرة في 2018 حذر فيه رئيسهم دونالد ترامب من الهجوم على المحافظة لعدم قتل المدنيين رابطاً بين هجوم فوري لبلاده وأي استعمال للكيماوي.
لكنه اليوم يبدو أكثر عنفاً فيستند الى اتهام أطلقته جبهة النصرة الارهابية زعمت فيه أن الجيش السوري استهدف بالكيماوي قرية في شمال اللاذقية من دون اي اصابات في صفوف الإرهابيين.
فعمم الأميركيون الاتهام زاعمين انهم بدأوا تحقيقاً هو الذي سيحدد شكل تصرفهم والطريف أن القرية المعنية لا تزال تحت سيطرة الإرهاب فكيف يرسل الاميركيون فريقاً للتحقيق؟ ألا يدل هذا الأمر على مدى التنسيق بين الطرفين؟ ويفضح اسباب التحذير الاميركي العنيف من اي هجوم على ادلب؟
لجهة الطرفين الرابع والخامس فهما من اللوازم القانونية لهيمنة الاميركيين وهي الامم المتحدة التي حذرت من قتل المدنيين ودعت الى وقف لإطلاق النار.
وفعلت مثلها جامعة الدول العربية بدعوتها لوقف إطلاق النار واستنكرت الهجوم الصاروخي على مكة ففهم المتابعون ان ابو الغيظ يظنّ أن ادلب في جوار مكة.
وهذا حال الأوروبيين في بريطانيا وفرنسا اصحاب الموقعين السادس والسابع فهؤلاء يتبعون المعلم الأميركي في سورية لعلهم يقعون على بئر غاز او نفط وصفقات إعادة إعمار واقتصاد.
فيحضرون مواقفهم مكتوبة مسبقاً ويتلونها بالتوافق مع المصالح الاميركية واحلامهم بالعودة الى المسرح الدولي.
على مستوى السعودية فلا تنفك تصرخ لحماية المدنيين في ادلب، وهي المتهمة بالقتل والسفك منذ تأسيسها، والإعدام عندها بقطع الرأس بالسيف أصبح فولوكلوراً سعودياً عادياً شبيهاً برقصة «العرضة» ومسابقة «أجمل بعير».
وآل سعود الذين يعادون السياسة التركية في العالم العربي بحدة كبيرة، يجدون أنفسهم في ادلب على مقربة منهم، ليس حباً بهم بل لذعرهم من امكانية انتصار الدولة السورية وانتهاء الحرب على اراضيها، فينتهي عندها الدور العربي السعودي بشكل كامل لذلك يواصل السعوديون تمويل الإرهاب تحت مسمى دعم العشائر والكرد في شرقي الفرات ومحافظة ادلب.
لجهة الإمارات فهي جزء اساسي من الدور الاميركي في الشرق العربي، فلا تفعل الا بالانسجام معه لتنفيذ كل مقتضياته، خصوصاً دعم المنظمات الارهابية في سورية والعراق وليبيا والسودان والجزائر.
هذه القوى التسع تدعم الارهاب الذي يجسد الموقع العاشر منتشراً في مساحات كبيرة بين ارياف حماه وحلب وشمالي اللاذقية وادلب، بعديد يصل الى ثلاثين ألف ارهابي ينتمون الى عشرات الجنسيات الصينية والروسية والغربية والعربية والأوروبية والسورية.
وهذه معلومات موثقة تؤكدها المرجعيات الأمنية والإعلامية الدولية.
بالعودة الى الاسباب التي تدفع الى اتفاق هذه القوى على رفض تحرير ادلب يجد الاميركيون ان تحرير سورية لمحافظتها في إدلب لا يعني إلا نقل الصراع معها الى شرقي الفرات وبداية انقراض نفوذها هناك الى جانب تراجع منظمة قسد الكردية وانفراط عقدها، الأمر الذي يدفعهم الى التمسك بإدلب فيمنعون ايضاً الحل السياسي للازمة السورية لأنهم لا يريدون عملياً الا مراوحة هذه الازمة لاطول مدة ممكنة، وهذا لا يكون إلا بإبقاء الارهاب في ادلب.
الترك من جهتهم يربطون بين دورهم السوري ومحافظتهم على احتلال ادلب لأن تحريرها يدفع حججهم للبقاء في شمال سورية ويمنع اي دور لهم في الدولة السورية، كما انهم يخشون من انفلات الدور الكردي في سورية الى تركيا نفسها.
هذا ما يجعل من الطرفين الأميركي والتركي متناقضين في شرقي سورية والعراق وليبيا واليمن، ولا يتفقان إلا في ادلب لأنهما يسندان بعضهما بعضاً في وجه الدولة السورية والصعود الروسي وحزب الله وإيران المتحالفين بعمق مع الدولة السورية.
لجهة الإرهاب فالقاعدة والاخوان يتشبثان بإدلب فهي آخر مواقع لهم اي آخر نفوذهم الاجتماعي والسياسي والارهابي واندحارهم من ادلب هو شبه نهاية ما تبقى من دولة عثمانية او خلافة وامارة مؤمنين.
إسرائيل بدورها تصرُ على استمرار الازمة السورية لأنها تمنع بذلك اعادة تأسيس دولة سورية بوسعها منع تمرير صفقة القرن.
اما بالنسبة لجامعة الدول العربية والأمم المتحدة والاوروبيين فهؤلاء أبواق اميركية تدوي عند الحاجة الاميركية اليها.
بالمقابل تسأل الدولة السورية كيف يمكن لهذا التحالف الدولي أن يطلب منها عقد وقف إطلاق للنار مع النصرة الإرهابية وان تصر المخابرات التركية على دعم الإرهاب وتمثيله في اجتماعات وقف إطلاق النار.
ان إنهاء الدور التركي في سورية يبدأ من بوابة تحرير ادلب كما يقول السوريون تماماً، كما ان انهاء الدور الأميركي في المنطقة يصل الى مبتغاه مع فرار الجيش الاميركي ومعه «قسد» الكردية من شرقي الفرات.
وهذا ما يعمل عليه الجيش السوري تدريجياً بسلسلة تحالفات مع حزب الله وايران وروسيا لتنفيذ التحرير على انقاض الارهاب وداعميه الداخليين والاقليميين والدوليين.