"الجواسيس الروس": النمسا وجدت عذراً لتمديد العقوبات الأوروبية

12.11.2018

اتُهم عقيد متقاعد في النمسا بالتجسس لصالح روسيا. وجاء هذا على الفور بعد أن قام مبعوث من وزارة الخارجية الأمريكية بزيارة فيننا بمهمة خاصة، عشية تمديد الاتحاد الأوروبي للعقوبات ضد روسيا.

وصل المحافظون والقوميون إلى السلطة في النمسا قبل عام، وتحدثوا قبل وبعد الانتخابات حول تطبيع العلاقات مع روسيا وحتى رفع العقوبات المفروضة من الاتحاد الأوروبي. يتعلق الأمر أولاً بحزب الحرية النمساوي، الذي تمثله وزيرة الخارجية "كارين كنايسل". وكانت قد دعت فلاديمير بوتين كضيف شرف لعرسها في الصيف حتى أنها رقصت معه، تاركةً العريس دون اهتمام. ومع ذلك، تحدث رئيس الحكومة "سيباستيان كورتز"، بلطف عن روسيا، وخلال نصف سنة من توليه منصب المستشار قد زار الكرملين مرتين. كما أن النمسا واحدة من عدد قليل من دول الاتحاد الأوروبي التي رفضت طرد الدبلوماسيين الروس بسبب "قضية سكريبال".

لكن اليوم حدث خلل في العلاقات بين موسكو وفيينا. فقد وُجهت تهمة جنائية ضد عقيد متقاعد عمره 70 عاماً في سالزبورغ، النمسا، بناء على معلومات من المخابرات الألمانية. زعموا أنه قد نقل إلى موسكو معلومات سرية عن أزمة الهجرة، ونظم الطيران العسكري والمدفعية، على مدار 30 عاماً وحصل على 300 ألف يورو لقاء هذا. ألغت وزيرة الخارجية النمساوية "كارين كنايسل" زيارتها إلى روسيا. ووصف "كورتز" تصرفات روسيا بأنها "غير مقبولة" وألمح إلى تدهور العلاقات.

الصداقة مع روسيا -"تهديد لأمن النمسا"

المعارضة النمساوية من حزب الخضر و"قائمة بيتر بيلز" وضعت المسؤولية على حزب الحرية النمساوي الحاكم، واصفين العلاقات الجيدة مع روسيا بأنها "تهديد لأمن النمسا".

بعد الزيارة

فوجئ المؤرخ النمساوي والخبير في المخابرات "سيغفريد بير" في مقابلة مع إذاعة "Ö1 " بأن الحكومة النمساوية تقوم بمثل هذه المشكلة الكبيرة من فضيحة التجسس. يعتبر التجسس هو ظاهرة مقبولة بشكل عام. كما يعتبر قصة "الجاسوس الروسي" مبالغ فيها، ولديه الانطباع بأن السياسيين النمساويين لا يعرفون شيئاً عن هذا الأمر. لا يتوقع المؤرخ عواقب وخيمة على العلاقات الثنائية، على الرغم من أن "كورتز" قال في أن الحادث "سيؤدي إلى تدهور العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي".

وتأكيداً لرأي "بير"، يمكننا أن نتذكر كيف أن النمسا في شهر حزيران اتهمت ألمانيا، والتي نقلت معلومات عن "الجواسيس الروس" إلى النمساويين. لكن هذا لم يسبب فضيحة كبيرة بين الدولتين العضوين في الاتحاد الأوروبي. ربما تحاول برلين توجيه الأسهم إلى موسكو؟

إذا نظرنا إلى الموضوع ليس في سياق إقليمي، بل في سياق عالمي، فإن هناك ظروفاً تصاحب الكشف عن هوية الجواسيس الروس في سالزبورغ. حيث تترأس النمسا مجلس الاتحاد الأوروبي، الذي سيجتمع في كانون الأول لمناقشة العقوبات ضد روسيا. وفيينا بحاجة إلى ذريعة لتمديدها. وبوصفه رئيسا للقمة، لا يستطيع "كيرتز" أن يظهر على أنه مؤيد لروسيا.

كما كان الأمريكيون يدفعون النمساويين لتشديد نبرتهم تجاه موسكو. زار "ديفيد تيسلر"، المتحدث باسم وزارة الخارجية، فيينا قبل بضعة أيام في محاولته لإقناع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، لتمديد وتوسيع العقوبات ضد روسيا كرد على محاولة تسميم سيرجي سكريبال، والتجسس. محطة "تيسلر" التالية هي إيطاليا، حيث يوجد "أصدقاء موسكو" في السلطة أيضاً. من يدري، ربما غدًا سيجدون جاسوساً روسياً في روما أيضاً.