الذهب الأسود في الشرق السوري

21.09.2017

تتسارع العمليات العسكرية في دير الزور، من قبل الجيش السوري من جهة و«التحالف الدولي» من جهة أخرى، في مواجهة تنظيم «داعش».
وإلى جانب البعد الميداني، يبرز في المعارك الدائرة مسألة الصراع على الحقول النفطية والغازية، التي تنتج دير الزور منها 40 في المئة من الإنتاج العام للبلاد. وفي هذا الاتجاه يخوض الجيش معارك بالقرب من معمل غاز كونيكو بهدف السيطرة عليه والوصول إلى حقلي التنك والعمر، وبقية الحقول النفطية والغازية في الريف الشمالي الشرقي لدير الزور.

فالجيش يهدف في عملية عبور الجهة الشرقية لنهر الفرات، بالإضافة إلى اتخاذ دير الزور بمعظم جغرافيتها منطقة عمليات، الحرص على استعادة كافة منابع الثروات الباطنية في المحافظة، لإعادتها الى كنف الدولة.
ويقول خبير اقتصادي لـ«الأخبار» إنّ «دير الزور تضم أهم وكبرى حقول النفط في البلاد، وهي التيم والعمر، بالإضافة إلى حقول مهمة كالتنك والورد وخشام والخراطة والحسيان والجفرة، كذلك يضم أكبر معمل للغاز في حقول كونيكو، وهي تشكل إلى جانب حقول البادية وحقول توينان والحباري والثورة أكثر من 60 في المئة من إنتاج البلاد». وهنا يبرز السباق بين الجيش و«التحالف الأميركي» للسيطرة على الثروات النفطية والغازية في المحافظة.

وفي هذا السياق، يشير مصدر ميداني إلى أنّ «الجيش عازم على استعادة كافة خطوط النفط في دير الزور بعدما تمكّن من استعادة معظم الحقول في الرقة والبادية». ويضيف أنّ «سيطرة الجيش ستعني تعافياً اقتصادياً مهماً للبلاد إلى جانب القضاء على آخر الموارد الاقتصادية للتنظيم الإرهابي في سوريا».

وتشكّل حقول النفط في ريف دير الزور الشرقي، الخزان الاقتصادي الأساسي للتنظيم، وكانت تدرّ عليه أموالاً طائلة، ولعبت دوراً مهماً في تمدّده، بعد طرده لـ«جبهة النصرة» في عام ٢٠١٤. وكان يقدَّر الإنتاج اليومي لـ«داعش» من مواقع النفط في الدير، ما بين 25 ألفاً إلى 30 ألف برميل، وبمعدل 750 ألفاً إلى 900 ألف برميل شهرياً، وذلك في عام 2015.
كذلك، يعتبر معمل غاز كونيكو شريان التنظيم الأساسي في تأمين حاجة المناطق الواقعة تحت سيطرته من الغاز المنزلي في سوريا والعراق، كذلك لا يزال يبيع النفط للتجار في حقول خشام والورد والتنك والجفرة.
وتقول مصادر أهلية لـ«الأخبار» إنّ «التنظيم كان يعتمد على الحدود التركية في نقل إنتاجه وبيعها لشركات وتجار بأسعار منخفضة قبل إغلاق الحدود التركية». وتضيف أنّ «التنظيم حوّل إنتاج الآبار بعد إغلاق الحدود إلى تجار لبيعها أو تهريبها خارج مناطق سيطرته».
وتَرَكت خسارة التنظيم لحقول النفط في البادية والرقة أثراً اقتصادياً كبيراً، وتلفت المعلومات المتواردة من مناطق سيطرته إلى أنّه خَفَضَ رواتب مقاتليه بنحو لافت، وبات أخيراً عاجزاً عن دفع قسم منها. إذ تشكّل العمليات العسكريّة في دير الزور بداية انهيار اقتصادي كامل للتنظيم في سوريا، وهي تمهد لانهيار عسكري يبدو أنه بات وشيكاً، في ظل تصاعد العمليات في آخر معاقله في دير الزور وريف الحسكة الجنوبي.
وكان الجيش السوري قد تمكّن من السيطرة على حقول التيم والخراطة النفطية في دير الزور، التي تُعَدّ من الحقول المهمة في المحافظة، إلى جانب استعادته حقول الشاعر والهيل وأراك في البادية، بالإضافة إلى حقول الوهاب والفهد وتوينان والحسين ودبيسان والقصير والثورة في ريف الرقة الشرقي والجنوبي، التي انعسكت اقتصادياً بعد إعادة تأهيل قسم منها، وإعادتها إلى الخدمة.
أما «وحدات حماية الشعب» الكردية، فتسيطر على كامل حقول نفط وغاز رميلان والشدادي، بالإضافة إلى معملي غاز السويدية والجبسة، التي تنتج قرابة ٣٥% من إنتاج البلاد في النفط والغاز.

المصدر: الاخبار اللبنانية