خط رفيع يفصل بين العالم والحرب النووية

06.02.2017

وضع العلماء الذين يدرسون مخاطر وقوع حرب نووية عقرب ساعة القيامة الرمزية على 2.5 دقيقة قبل منتصف الليل. مما يعني أنهم يرون أن العالم أصبح أقرب بكثير الى حافة وقوع كارثة نووية من ما كان في العام 1953 بعد أن اختبرت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي القنابل الهيدروجينية. وتقول نشرة علماء الذرة، التي اخترعت هذه الساعة في العام 1947، بأن الرئيس ترامب هو السبب الرئيسي لهذا التطور المثير للقلق.

فعندما وصل الرئيس ترامب الى السلطة لم يكن لديه الكثير من المعلومات حول الترسانة النووية، والصواريخ والغواصات المشمولة فيها. فهو قد تحدث، بشكل مقلق، حول استخدام هذه الأسلحة ضد الارهاب، وحول توسيع قدرات أميركا النووية. وقال بأنه يقيّم عدم القدرة على التبؤ، مما يعني أنه يرغب أن تبقى الأمم الأخرى محتارة حول ما اذا كان سيستخدم الأسلحة النووية أم لا.

فقد صرح في حوار تلفزيوني في شهر كانون الأول: "فليكن سباق أسلحة". علماً أنه قد ناقض نفسه في نقاش معه قبل ثلاثة أشهر، قائلاً بأنه لن يكون بالتأكيد أول من ينفذ الضربة، وبعدها صرح بأنه لا يستطيع إلغاء أي أمر كان. ما يثير القلق في كل هذا أن قرار استخدام الأسلحة هو عكس ما كان يسعى اليه الرؤساء الجمهوريين والديمقراطيين منذ فترة طويلة، أي ضمان عدم استخدام هذه الأسلحة باندفاع أو إطلاقاً.

والخوف من هذا العمل المتهور هو ما دفع السناتور أدوارد ماركي من ماساتشوستس والممثل تيد ليو من كليفورنيا، اللذين ينتميان الى الحزب الديمقراطي، أن يقترحا تشريعاً ليمنعا أي رئيس من اطلاق الضربة الأولى من السلاح النووي من دون إعلان الحرب من الكونغرس.

الا أن مشروع القانون هذا لن يقوض قدرة الرئيس ترامب على رد على أي هجوم نووي بناءًا للسلطة الممنوحة اليه، هذه السلطة التي كان يتمتع بها الرؤساء كافة والتي يجب أن يتمتعوا بها. وقد نال مشروع القانون هذا دعم المناصرين لمكافحة الأسلحة الرائدين، بما فيهم وزير الدفاع السابق وليام بيري. وعلى الرغم من أنه لن يُنفذ في هذا الكونغرس الذي يقوده الجمهوريون، الا أنه يبعث رسالة واضحة للرئيس ترامب، مضمونها أنه لا يجب أن يكون أول من يستخدم السلاح النووي بعد الحرب العالمية الثانية. فالرئيس ترامب قد يستطيع استخدام طاقته بطريقة أكثر فعالة، كالاتفاق مع روسيا من أجل تخفيض ترسانة الدولتين النووية بشكل أكبر، والمحافظة على الصفقة النووية الايرانية، وايجاد طرق جديدة للحد من البرنامج النووي الخاص بكوريا الشمالية.

وفي هذا الاطار، اقترح مجلس البنتاغون الاستشاري أخيرا بأن الولايات المتحدة تنظر في مسألة إنشاء أسلحة نووية منخفضة القوة من أجل ايتاح خيار "الاستخدام المحدود للأسلحة" في النزاعات الاقليمية. علماً أن دور الأسلحة النووية الشرعي الوحيد هو الردع. لذلك، يجب رفض الفكرة السخيفة عن شن حرب نووية محدودة، يمكن أن تفتح الطريق أمام الرئيس ترامب لاستخدام الأسلحة النووية المنخفضة القوة. فالبلاد لديها أسلحة تقليدية متقدمة كافية لردع معظم التهديدات.

فترامب يحظى بـ4.000 سلاح لا يمكن لأحد غيره اطلاقه. وأي قرار بالرد على أي هجوم يجب أن يتخذ بسرعة. فهذه الخيارات المتعلقة بمسألة حياة أو موت قد تضع أي قائد تحت الاختبار، حتى هؤلاء الذين قد درسوا جيداً العقيدة النووية التي يصعب تذكرها، أي تعقيدات سياسات القوة، وأهمية عدم السماح للتوتر أن يصل الى نقطة يصبح من المرجح فيها استخدام الأسلحة النووية. بيد أن لا أحد من مستشاري الرئيس ترامب يُعرف بأنه خبير في المجال النووي، لذلك يحتاج الرئيس أن يضع استراتيجية نووية. فكما حذرت نشرة مجلس العلوم والأمن في الشهر الماضي، ان ترامب قد أبدا ميلاً مقلقاً الى مخاصمة أو رفض بشكل قاطع مشورة الخبراء.

لذلك من الممكن أن يصبح اتخاذ قرار سليم مع الرئيس ترامب تحدياً كبيراً، بسبب أسلوبه المضطرب والمتهور. من دون أن ننسى حقيقة أنه قد تولى السلطة في وقت غير مستقر، أي في الوقت الذي الشرق الأوسط قد أصبح فيه في حالة اضطراب، وفي الوقت الذي أصبحت فيه إيران والصين تلعبان دوراً أقوى. هذا هو وقت ضبط النفس والقيام بدراسة متأنية، ووقت أن يعلم القادة بشكل واضح أنه من الخطير جداً التهديد باستخدام السلاح النووي.

 

المصدر: صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية