تصاعد التوتر بين موسكو وواشنطن.. حرب نووية تلوح في الأفق

04.10.2016

في ظل تصاعد التوترات الدولية حول سوريا، يبدو أن حربا نووية تلوح في الأفق، إذ بدأ المسؤولون الروس ووسائل الإعلام الروسية، بإعداد الشعب الروسي لاحتمالات هجوم نووي من الغرب، وفي المقابل يدرس البنتاغون الأمريكي احتمالات صد "الهجمات الفظيعة" من موسكو.

وقالت قناة "زفيزدا" التابع لوزارة الدفاع الروسية، إن "المصابين بانفصام الشخصية في أمريكا، يعدون الأسلحة النووية ضد موسكو"، موضحة أن الولايات المتحدة تسعى لعقاب روسيا لأنها تحدتها في الشرق الأوسط.

وقال مسؤول في وزارة الطوارئ الروسية، إن السلطات أسست ملاجئ تحت الأرض قادرة على تأمين لجوء لشعب موسكو كاملا (12 مليون شخص).

واتهمت الخارجية الروسية واشنطن الأسبوع الماضي بسعيها لتبرير أي هجمات ذرية مستقبلية عبر "تشويه" سياسات روسيا النووية، بعد تصريح وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر، بأن "البنتاغون يراجع دليله النووي" ليحمي نفسه ضد الهجمات الفظيعة من روسيا.

وتملك روسيا أكبر مخزون من الأسلحة النووية بـ8400 رأس نووي، مقارنة بـ7500 رأس لأمريكا، وتسمح لها عقيدتها النووية باستخدام أول رد على التهديدات.

وصرح ديمتري كيسليوف، رئيس "روسيا سيفودنيا"، الوكالة الرسمية الرئيسة، بأن "روسيا هي الدولة الوحيدة القادرة على تحويل أمريكا إلى رماد مشع".

وحذر الكرملين الأسبوع الماضي من أن أمريكا ستواجه "تبعات فظيعة" إذا تجاهلت محادثات السلام في سوريا واتخذت إجراءات ضد قوات الأسد، كما قال العميد إيغور كوناشينكوف، الناطق الرسمي باسم الدفاع، إن المعارضة المدعومة من الغرب "إرهابيون تتحكم بهم الولايات المتحدة".
ودربت روسيا مواطنيها مرتين منذ تولي الرئيس الروسي فلاديمير بوتن الرئاسة، على كيفية الاستجابة لصفارات الإنذار التي تنبه المواطنين بأن أسلحة نووية قد بدأت باستهداف بلادهم.

في سياق متصل، أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمرا بتعليق الاتفاق مع الولايات المتحدة حول معالجة البلوتونيوم بسبب خطوات واشنطن غير الودية حيال موسكو.

وجاء في بيان نشر الاثنين 3 أكتوبر/تشرين الأول على الموقع الرسمي للمعلومات القانونية، "بسبب تغير الظروف بشكل جذري وظهور خطر على الاستقرار الاستراتيجي نتيجة خطوات غير ودية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الاتحاد الروسي وعجز واشنطن عن تأمين تنفيذها التزاماتها حول معالجة البلوتونيوم العسكري الفائض وفقا للاتفاقات الدولية، وكذلك بسبب ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة من أجل حماية روسيا قرر الرئيس الروسي تعليق سريان مفعول الاتفاقية الروسية الأمريكية حول معالجة البلوتونيوم المذكور والتعاون في هذا المجال".

تجدر الإشارة إلى أن الاتفاقية الروسية الأمريكية المذكورة وقعت في 29 أغسطس/آب عام 2000، وقضت بتصفية فائض البلوتونيوم العسكري في روسيا والولايات المتحدة، خاصة من خلال معالجته وصنع وقود الأكسيد المختلط واستخدامه في مفاعل نووية للطاقة وتحويله إلى مادة غير قابلة لصنع أسلحة وكذلك دفنه. ويذكر أن روسيا تقوم، على سبيل المثال، بتدوير البلوتونيوم العسكري إلى الوقود للمحطات الكهرذرية.

وكان من المفترض أن يباشر كل من الجانبين بإزالة احتياطياته المكشوفة من البلوتونيوم بحجم 34 طنا في عام 2009، إلا أن العملية تعثرت بسبب ظهور خلافات حول مصادر وحجم التمويل. ووقعت في عام 2010 وثيقة إضافية تنص على بدء عملية المعالجة في عام 2018.

وكان الرئيس الروسي قد اتهم الولايات المتحدة في أبريل/نيسان الماضي بعدم تنفيذ التزاماتها الخاصة بتصفية البلوتونيوم العسكري، مشيرا إلى أن واشنطن أعلنت عن تغيير تكنولوجيا معالجة البلوتونيوم من جانب واحد بشكل يسمح لها بالحفاظ على إمكانية إعادة معالجة المادة وتحويل البلوتونيوم إلى البلوتونيوم العسكري من جديد.

من جهته قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يوم الاثنين، إن تعليق روسيا للاتفاق بشأن التخلص من البلوتونيوم الذي يمكن استخدامه في صنع أسلحة هو مؤشر لواشنطن بأن الحديث مع روسيا من موقع قوة وبلغة العقوبات والتحذيرات النهائية لن يجدي نفعا.

وأضاف لافروف في بيان نشره موقع وزارة الخارجية على الانترنت بأن تعليق روسيا للاتفاق هو "إجراء قسري" وإن الطريقة التي تتخلص بها الولايات المتحدة من البلوتونيوم المستخدم في صنع أسلحة لا تضمن عدم العودة لاستخدامه لأغراض عسكرية.

وذكرت مصادر مطلعة أن روسيا ستستأنف العمل باتفاقية البلوتونيوم مع الولايات المتحدة في حال ألغت واشنطن العقوبات وفق" قانون ماغنيتسكي" وكل العقوبات الأخرى ضد روسيا. ويتضمن ذلك العقوبات الأمريكية ضد روسيا وفق قانون دعم حرية أوكرانيا في 2014، وكل العقوبات المفروضة ضد الشخصيات والمؤسسات الروسية، ويجب أيضا تقليص المنشآت العسكرية في دول الناتو.

وأكد المرسوم الرئاسي أن الحديث يدور عن البلوتونيوم، "الذي لا يستخدم لأهداف صنع أسلحة نووية أو معدات تفجير نووية أخرى ولا يستخدم في دراسات وتجارب وأعمال تخطيط متعلقة بتلك المعدات أو لأي أهداف عسكرية أخرى".

وتشدد الوثيقة على ضرورة حصول روسيا على تعويضات عن كل الخسائر التي سببتها العقوبات والعقوبات المعاكسة، وعلى الولايات المتحدة أن تقدم خطة واضحة ودقيقة عن التخلص الذي لا عودة فيه من البلوتونيوم الذي يقع تحت تأثير الاتفاقية.

من جهته، أعلن المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض جوش إرنست الاثنين 3 أكتوبر/تشرين الأول أن الولايات المتحدة تشعر بخيبة أمل بسبب القرار الروسي بالانسحاب من اتفاق ثنائي بشأن التخلص من البلوتونيوم. وقال خلال مؤتمر صحفي: "هذا البيان هو بمثابة قرار الانسحاب وقد خيب أملنا".

وأضاف قائلا: "هذا القرار يصب في إطار القرارات الأخرى التي تؤدي إلى العزلة الدولية لروسيا"،  مشيرا إلى أن "مثل هذه القرارات تتضمن السياسات الروسية في أوكرانيا وفي سوريا."

من جانبها، نفت الناطقة باسم الخارجية الأمريكية إليزابيث ترودو، أن "تكون هناك صلة بين وقف العمل باتفاقية البلوتونيوم بين واشنطن وموسكو ووقف التعاون بينهما في الشأن السوري"، قائلة: "من جانبي ليس هناك رابط بين المسألتين".