حول مسألة الانسحاب من معاهدة الحد من الأسلحة النووية متوسطة المدى. الجزء الثالث

20.04.2016

الخصائص العامة لمعاهدة الحد من القوات النووية متوسطة المدى INF والحالة الراهنة لعملية التنفيذ
تم توقيع معاهدة الحد من الأسلحة النووية بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة بشأن إزالة الصواريخ النووية قصيرة المدى والصواريخ النووية متوسطة المدى في 8 ديسمبر/كانون الأول 1987، ودخلت حيز التنفيذ في 1 يونيو/حزيران 1988.
ووفقا لمعاهدة الحد من الأسلحة النووية متوسطة المدى، كان على كل طرف تصفية صواريخه الباليستية وصواريخ كروز البرية متوسطة المدى (1000-5500 كم) والقصيرة (500-1000 كم) في غضون السنوات الثلاث الأولى من إبرام الاتفاق. وبالإضافة إلى ذلك، تخضع لهذه الاتفاقية، الصواريخ التي كان من المقرر أن تنتج أو تختبر. وإضافة للصواريخ، خضعت جميع مؤسسات الإطلاق ومعدات الدعم وقواعد النشر وحقول النشر والقواعد التشغيلية ومرافق الدعم للصواريخ أيضا للتصفية. الصواريخ السوفيتية المنتشرة في تسع من جمهوريات الاتحاد السوفيتي، خاضعة للتصفية  أيضاً وهي: بيلاروسيا وكازاخستان، لاتفيا، ليتوانيا، روسيا، تركمانستان، أوزبكستان، أوكرانيا، استونيا، وكذلك ألمانيا الشرقية وتشيكوسلوفاكيا. وكانت الصواريخ الأمريكية الموجودة على أراضي دول الناتو الأوروبية خاضعة للتصفية كذلك في: بلجيكا، بريطانيا العظمى، إيطاليا، هولندا، وألمانيا.
ونتيجة لتنفيذ الاتحاد السوفييتي للاتفاق، تم في 1 يونيو/تموز 1991، إزالة 1846 صاروخا منها 889 متوسطة المدى من الأنواع  (654 RAR-10، 149 R-12، 6 R-14، و80 RK-55 من صواريخ كروز) و957  صاروخا قصيرة المدى من الأنواع (718 OTR-22 و 239 OTR-23).
من جانبها قامت الولايات المتحدة بإزالة 846 صاروخا منها 677 صاروخا متوسطة المدى (234 "بيرشينج 2" و443 صاروخا من طراز توماهوك البحرية) و169 صاروخا قصير المدى "بيرشين-1 آ".
ومن خلال هذه المعاهدة لم يتم إزالة الصواريخ القديمة وحسب، ولكن أيضا الصواريخ الجديدة التي نصبت حديثا وحتى تلك التي لم تتطابق بالضرورة مع بنود المعاهدة. دمرت الولايات المتحدة 680 صاروخا مثل صواريخ ("بيرشين 2" وBGM-109g)، والاتحاد السوفيتي نحو 950 صاروخا (RAR-10 آر أي آر، RK-55 ووتر-23).
معاهدة الحد من الأسلحة النووية متوسطة المدى نصت على آليات الرقابة بطريقة لا مثيل لها، فللمرة الأولى في ممارسة نزع السلاح النووي، حصلت أنشطة التفتيش على تسجيل قانوني.
وبهدف السيطرة الكاملة على تنفيذ الاتفاق، كان لكل طرف الحق، خلال 13 عاما من لحظة تنفيذ المعاهدة، تفقد أراضي الطرف الآخر وأراضي البلدان التي كانت تنتشر فيها مثل هذه الصواريخ. ونصت الاتفاقية على استمرار عمليات التفتيش على إنتاج الصواريخ، مثل مصنع بناء الآلات "فوتكينسك" في الاتحاد السوفيتي ومحطة "هرقل" في الولايات المتحدة في ماجنا، ولاية يوتا.
في غضون سنوات صلاحية الاتفاقية نفذت 442 عملية تفتيش من قبل الاتحاد السوفييتي و774 من قبل الولايات المتحدة. وبلغ العدد الإجمالي للخبراء المشاركين في أعمال التفتيش بموجب المعاهدة ما يقارب 7000 شخص من الاتحاد السوفيتي (روسيا) و13000 شخص من الولايات المتحدة.
منذ تاريخ انتهاء أنشطة التفتيش لمعاهدة الحد من القوات النووية متوسطة المدى في 31 مايو/أيار 2001، تتم المراقبة الآن عن طريق الوسائل الوطنية والفنية وعن طريق تبادل الإشعارات.
من أجل تنفيذ معاهدة الحد من الأسلحة النووية متوسطة المدى، تم إنشاء هياكل تنظيمية خاصة لم تكن موجودة من قبل. في الاتحاد السوفيتي، تم إنشاء المركز الوطني للحد من الخطر النووي وهو مركز لتبادل المعلومات في إطار المعاهدة وتم تخصيصه بهذه المهمة بمقتضى اتفاقات لاحقة. داخل القوات المسلحة للاتحاد السوفيتي، تم تشكيل وحدات إضافية لحسم مهمة إزالة الأسلحة وضمان عمليات تفتيش الولايات المتحدة لوحدات القوات المسلحة للاتحاد السوفيتي. وكانت مهمة هذا المركز إدارة عملية التصفية، وتحويله لاحقا إلى مركز لضمان تنفيذ الاتفاقات (CHORD).
للمساعدة في تنفيذ معاهدة الحد من الأسلحة النووية متوسطة المدى، تم إنشاء لجنة الرقابة الخاصة أيضا التي تدرس المسائل المتعلقة بتنفيذ الالتزامات المطلوبة والتدابير اللازمة للتنسيق الفعال لزيادة كفاءة المعاهدة، كعمل لجنة تطوير إجراءات التفتيش، وحل المسائل القانونية والمادية، والتعامل مع الحسابات المالية المتبادلة. واعتبر عمل اللجنة مهما لتتم مراعاة أحكام المعاهدة.
عقدت هذه اللجنة 29 جلسة حتى الاجتماع الأخير في أكتوبر/تشرين الأول 2003. لم تعقد اللجنة أي اجتماع مرة أخرى منذ ذلك الحين.
يجب بالضرورة إيلاء اهتمام خاص بحالة معاهدة الحد من القوات النووية متوسطة المدى فيما يخص إنهاء وجود الاتحاد السوفيتي كموضوع يتعلق بالقانون الدولي نتيجة ظهور 15 دولة جديدة على أراضيه السابقة.
أيدت الولايات المتحدة الموقف الذي يقول، في أعقاب تفكك الاتحاد السوفيتي، إن جميع دول الاتحاد السابقة يجب أن تخضع للمسؤوليات التي كانت تترتب على الاتحاد السوفييتي في المعاهدة ككل. وتم استثناء دول البلطيق فقط على الرغم من أن كمية كبيرة من الكيانات الخاضعة للتفتيش وفقا لمعاهدة الحد من الأسلحة النووية متوسطة المدى كانت على أراضي لاتفيا وليتوانيا واستونيا. في العام 1993، أعلن الجانب الأمريكي رسميا أنه لن ينفذ عمليات التفتيش على أراضي هذه الدول ولا يعتبرها من الاتحاد السوفيتي.
في العام 1992، تم توقيع  اتفاقية بشأن مشاركة دول ما يسمى برابطة الدول المستقلة في معاهدة الحد من الأسلحة النووية متوسطة المدى، وقعتها كل من أرمينيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان ومولدوفيا وروسيا وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان وأوكرانيا.
ووفقا لهذا الحل، سعت دول رابطة الدول المستقلة لتنفيذ أحكام معاهدة الحد من الأسلحة النووية متوسطة المدى مع الأخذ بعين الاعتبار مصالحها الوطنية، واتخذت التدابير اللازمة للتسجيل بمساعدة من الولايات المتحدة، لترتيب المقابلة في تنفيذ الاتفاق. مثل هذا الاتفاق لم يوقع مع الولايات المتحدة، مما يترك وضع دول الاتحاد السوفييتي السابقة بحكم القانون غير محدد في شروط معاهدة الحد من الأسلحة النووية متوسطة المدى.
من الناحية العملية (لضمان أنشطة التفتيش والمشاركة في أعمال اللجنة الخاصة)، تصرفت روسيا وروسيا البيضاء وأوكرانيا، و كازاخستان وكأنها دول ذات صلة بالاتحاد السوفيتي.
معاهدة الحد من الأسلحة النووية متوسطة المدى هي معاهدة لأجل غير محدد. ومع ذلك فإن لأي من الدول المعنية من خلال الحفاظ على السيادة، الحق في الخروج من المعاهدة إذا ما قررت ذلك في ظل ظروف استثنائية، كأن تكون محتويات المعاهدة تهدد المصالح العليا الخاصة بها. في هذه الحالة فإن على الطرف الذي يرغب في إلغاء المعاهدة قبل ستة أشهر، أن يخبر الأطراف الأخرى بقراره. يجب أن يحتوي الإشعار بيان عن الظروف الاستثنائية التي يعتبرها الطرف الذي يرغب بمغادرة المعاهدة  مهددة له.