هل غولن هو من أمر بقتل السفير الروسي؟

23.12.2016

السؤال الافضل هو ان تسأل: "هل يهم الأمر حتى؟" حسنا، نعم، بمعنى أن ما يهم هو من الذي رتب هذه الاتهامات ولماذا؟، وليس بالضرورة كيف يمكن إثباتها في نهاية المطاف.  باعتبار أن أكثر شخصيتين رفيعتي المستوى في الدولة التركية قامتا الآن بزعم أن فتح الله غولن المشتبه فيه بتدبير الانقلاب والمتهم بدعم الإرهاب المقيم في الولايات المتحدة له علاقة باغتيال السفير الروسي إلى تركيا.
زعم الرئيس أردوغان ما يلي:
"كان هذا الرجل مولود مرت الطن طاش عضوا في منظمة فتح الله غولن "فيتو" وليس هناك حاجة للتغطية على هذه الحقيقة.  فالمكان الذي نشأ وترعرع فيه ووضعه الأخير يدلان على ذلك.  وينبغي القول صراحة بأن أعضاء تلك المنظمة القذرة لا يزال من الممكن العثور عليهم في صفوف الشرطة لدينا وفي القوات المسلحة ".
كانت تصريحاته مدعومة من قبل وزير الخارجية تشاويش أوغلو ، الذي قال ما معناه أنه أخبر نظيره الأميركي أن أنقرة وموسكو "كانتا تدركان أن فيتو (منظمة فتح الله غولن الإرهابية) وراء هذا الهجوم."
ما هو مهم ليس بالضرورة صحة هذه الادعاءات، ولكن حقيقة أنها صادرة عن السياسي والدبلوماسي الأهم في البلاد.  وهذا أقرب ما يكون لزعيم عالمي يلقي اللوم على الولايات المتحدة بهذا الهجوم الإرهابي دون أن يقول الكثير مباشرة، والتي تصب في مجرى الشكوك الروسية.
وينبغي أن نتذكر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعرب علنا ​​عن اعتقاده بأن اغتيال السفير كان يهدف إلى عرقلة المحادثات الثلاثية التي كان من المقرر أن تعقد في اليوم التالي في موسكو بين روسيا وإيران وتركيا، مستنتجا بشدة أن الفاعل (أيا كان) أو مجموعة الفاعلين يريدون أن يروا فشل تغيير إطار قواعد اللعبة التاريخي.
ليس من المتوقع أن يكشف علنا عن دليل واحد يثبت صلات القاتل أو أيا من الأدلة بأنه لم يكن "ذئبا وحيدا". ومع ذلك، فإن حقيقة أن أردوغان وتشاويش أوغلو يصران أن غولن كان له صلة بهذا الهجوم الإرهابي يجب عدم إرجاعها إلى حيلة مرتبطة بمصلحة ذاتية بإلقاء اللوم على هذه الشخصية الغامضة حيال كل شيء خاطئ في هذا البلد.
بدلا من انتقاد  رد فعل تركيا، من الأفضل أن تولي اهتماما كيف أن هذا الذي يمثل بلدا"حليفا"  للناتو يتهم علنا ​​الولايات المتحدة بشكل كبير وغير مسبوق بإيواء إرهابي دولي في عاصمتها ويتهمها رسميا بتهمة التواطؤ في اغتيال السفير الروسي. وكذلك كيف تشارك الحكومة التركية هذه المخاوف مع نظيرتها الروسية، التي اختارت بشكل غامض عدم التعليق عليها حتى الآن من أجل الحفاظ على هالة من الغموض الدبلوماسي التي يمكن أن تبقي الولايات المتحدة على حافة الهاوية متسائلة حول ما تعتقده موسكو حقا.
إلى جانب التنسيق بين روسيا وتركيا من خلال الصيغة الثلاثية، لدى واشنطن سببا للاعتقاد بأن موسكو وأنقرة أقرب من أي وقت مضى في تاريخهما بسبب الطريقة التي يعمل بها رئيسيهما الآن معا لمعرفة من الذي أمر بقتل السفير، إذ يشير أردوغان إلى غولن ومقره الولايات المتحدة ويختار بوتين بذكاء الرد بعدم إنكار تلك النظرية.
تحليل هذا الحدث من زاوية أكبر، يشير إلى أنه  من الواضح أن تركيا سئمت تماما من الولايات المتحدة وهي تتجه نحو التمحور يشكل حاسم مع أوراسيا، كما كان متوقعا من قبل المؤلف في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة الموالية لأمريكا هذا الصيف .
ونتيجة لذلك، وعلى الرغم من أن الحجة قد تبدو واهية بشكل فعلي حتى الآن، إلا أنه ينبغي عدم الاستهزاء بتأكيد تركيا أن غولن هو من أمر بقتل السفير الروسي، بسبب الطريقة التي تمثلت بقوة رفض أنقرة لواشنطن واحتضانها لنظام عالمي ناشئ متعدد الأقطاب.