اغتيال عملية السلام في الشرق أمس

20.12.2016

دعونا نعمل على تبسيط المنطق. حسابيا، نحن نحاول أن نضع عواطفنا  جانبا بخصوص ما حدث أمس في أنقرة، وعلينا أن نتجنب التفكير في تحميل تركيا المسؤولية واعتبارها الجهة المسؤولة عما حدث. تركيا ضحية مثل عملية السلام في الشرق والتي تم تقديمها من قبل روسيا. بعد ذلك يمكن لأي شخص أن يطرح استنتاجاته الخاصة.

ذات مرة كان هناك بلد ديمقراطي قريب من منطقة مشتعلة جدا. حيث قرر بعض الأشخاص  وضع علم جديد لصالح الدين الإسلامي لمقاتلة جميع الحكومات العتيدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. في تلك الدولة كان هناك رئيسها الذي لم يسمح لخصومه بالتعبير عن أنفسهم بشكل حر. وفي جزء آخر من العالم قيل " يجب على الطاغي  القبيح والذي يعتمل الشر في قلبه أن يغادر" . ولكن هذا الطاغية لم يرغب أن يذهب بعيدا.

ثم بدأ بعض خصومه في تلقي المساعدات لتنظيم أمورهم حيث تواجد أيضا بعض ما يسمى الإسلاميين الذين يريدون التخلص من هذا الطاغية وجميع داعميه . كما أن بعض السادة من أقصى الغرب (الذين لا يريدون هذا الطاغية أيضا ) قرروا تحمل كافة  التكاليف لتصدير "الديمقراطية" إلى هناك (ديمقراطيتهم، بطريقتهم الخاصة، عن طريق الأشخاص الذين يريدونهم. وهكذا التقى هذا السيد من أقصى الغرب، مع المتمردين (الذين  كان قد ساعدهم سابقا بالفعل) كذلك ما يسمى بالإسلاميين، والذين لم يكن سابقا على استعداد لمساعدتهم بشكل فعال . وبعد تلك الفترة ، أصبح الموضوع طبيعيا .

ثم بدأت الأمور تسوء والرئيس المنتخب حسب الأصول، أعاد التفكير مليا وطلب المساعدة من بلد آخر يكن له الاحترام. وكان هذا البلد العظيم قد قرر مساعدته. وعندما بدأ هؤلاء السادة الغربيون، المهووسون "بالديمقراطية" ، إدراك أن أسوأ أعدائهم السياسيين، أصبحوا حلفاء لهذا الطاغية الذي يريدون استبداله، قرروا تقديم الدعم المالي لمن يسمون الإسلاميين وأرسلوا اليهم الأسلحة والموارد. وبما أن أصدقاء الرئيس المنتخب حسب الأصول (والذي يحتمل أن يكونوا دكتاتوريين أيضا، ولكن من هوالمؤهل لذلك ؟) لهم اليد العليا، فقد قرروا خلق حالة من عدم الاستقرار.

وهكذا حصل هؤلاء السادة على فرصة أن يزورهم الوزير المهم من ذلك البلد العدو. وكان هذا الوزير في زيارة دولة أخرى والذين لديهم مشاكل من أجل تحقيق السلام والعمل معا في صراعات ضد ما يسمى الحركة الإسلامية. أولئك السادة أرسلوا  ثلاث رسائل واضحة إلى العالم:
من الأفضل الالتفات إلى شؤونكم الخاصة وألا تساعدوا هؤلاء الرؤساء الذين لا يملكون الكفاءة حسب اعتقاد المهووسين بالديمقراطية. 
إن التجوال في أنحاء الأرض لتحقيق السلام وتحسين العلاقات، وبالتالي تعزيز الموقف الدولي الخاص ببلدك، قد يزعج الحكومات  في تلك الدول التي تملك وصفات دسمة للمعالجة .
لا تعقد تحالفات مع الدول الأخرى الراغبة حقا في محاربة ما يسمى الجماعات الإسلامية.

ريما يكون لهذه القصة نهاية سعيدة. ماعدا عندما يتعلق الآمر بتهميش هذا البلد العريق والقوي، والذي يكون عادة صابرا ومتسامحا، فيصبح عصبيا ويستحضر كيانه من الماضي كونه أكثر من إمبريالي، ليتبنى عملا يتجاوز كونه ردة فعل قوية ومباشرة .
من الواضح والواضح جدا، لماذا تم قتل هؤلاء "الإرهابيين". لأنهم يمكن أن يتحدثوا  ويعترفوا ليصلوا بالتحقيق ليشمل الأشخاص المناسبين.  

هؤلاء الناس يتطلعون إلى أن يكونوا من ضمن أولئك الذين لا يريدون محاربة المتمردين ويفضلون عالما من عدم الاستقرار حيث أنه أسهل نسبيا للسيطرة على الناس، وبيع الأسلحة، والأهم من ذلك، منع أي نوع من التوسع الروسي والاستقلال الحقيقي لدول الاتحاد الأوربي. 

وعادة تكون ردة فعل بوتين الأولى هادئة وباردة، ولكن هذا العمل الفظيع هو بداية للحرب العالمية الثالثة. وسوف تكون مختلفة، سنتحدث عن ذلك في وقت قريب، ولكننا نشهد اليوم بداية النهاية
تم تصميم نهاية العالم على أساس التعارض بين الشرق والغرب، بين الرأسمالية والشيوعية، وبين "الخير" و "الشر". وسيتم إعادة تصميم السيناريوهات الجديدة بخط واضح: لقد تم اختلاق  الأزمة الاقتصادية بشكل مصطنع لتوليد الصراعات. كما تم تصدير الأزمة من الولايات المتحدة إلى باقي دول العالم من أجل جعل البلدان الأخرى ضعيفة ومقسمة. والقصد الحقيقي هو جلب أشخاص من عامة الشعب لبدء التمرد ليتم في وقت لاحق إنشاء عنصر تحكم جديد، مائع ، وغير مادي، ورقمي، ولكنه خطر وحقيقي بقدر مستوى التصعيد العسكري.

نأمل أن تركيا وروسيا الآن ومعهما بعض دول الاتحاد الأوروبي، ستحافظ على بعض المسافات القريبة من التخطيط والبدء في التعاون من أجل إبقاء القتال القبلي  تحت السيطرة بقدر الامكان.  فالديمقراطية ليست شيئا يمكنك تصديره مع أفكارك الخاصة. وهي ليست النموذج الأفضل للحكومة في الشروط  المطلقة أو في جميع الحالات.  إذ يمكن للشعوب والدول تصميم نموذجهم الخاص بهم، ويمكن للمرء الآن إعادة كتابته بشكل طبيعي من دون عملية نشوئية.