فخ أمريكي جديد لمحاربة "حزب الله"
تركت منظمة الأمم المتحدة كل هموم ومشاكل وحروب العالم وانصرف اهتمامها بـ"حزب الله" اللبناني، كما لو أنه لم يعد في العالم نزاعات ومخاطر وتهديدات جدية أكثر من هذا الحزب الذي "يؤرق العالم" بنشاطه السياسي والعسكري.
جاءت المخاوف الأممية والدولية على لسان أمينها العام استنادا إلى تقرير أممي أعده خبراء دوليون شغل فيها "حزب الله" بالهم في الفترة الأخيرة، تاركين وراءهم كل قضايا العالم المهددة للبشرية، الجوع والأمراض والأوبئة وصولا إلى النزاعات العرقية والمذهبية في دول العالم، عدا عن قضايا حقوق الإنسان واحترام سيادة الدول ولحن "الديمقراطية" المعزوف دائما في أروقة المنظمة العالمية.
"حزب الله" يشغل الأمم المتحدة
جاء طلب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من الحكومة اللبنانية باتخاذ كل التدابير اللازمة من أجل منع "حزب الله" من مواصلة الحصول على الأسلحة.
كما حذر من العواقب الوخيمة لاستمرار تورط الحزب في الأزمة السورية والقتال في أماكن أخرى في المنطقة، الأمر الذي يحمل في طياته خطر توريط لبنان في النزاعات الإقليمية.
لا شك أن تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة جاءت في ظروف مناسبة للأمريكيين وكل المناهضين للحزب، حيث جاءت بعد سلسلة من العقوبات الأمريكية الجديدة على إيران والحرس الثوري الإيراني وطالت بها الحزب في لبنان.
سقطت الأمم المتحدة وأمينها العام مجددا بهفوة، لكن هذه المرة "سياسية بامتياز"، أجبرتها على ذلك الولايات المتحدة والدول الغربية التي أخفقت في تحديد الهدف والهجوم على الحزب من هذه الزاوية خصوصا أن الهفوة هذه المرة أكثر مسؤولية، فهل نسي غوتيريش أن للأمم المتحدة والدول قوات حفظ سلام في الجنوب اللبناني حيث للحزب حاضنة شعبية ومركز ثقل سياسي وعسكري؟
سيناريو جديد للضغط على "حزب الله"
قد تبدو الأمور وكأنها مصيدة جديدة تدبر من العقل الأمريكي لإسقاط المنظمة الأممية في "أشواك" بيئة الحزب في لبنان، عبر تحركات واحتجاجات عفوية لمناصري الحزب بوجه القوات الدولية العاملة في الجنوب اللبناني، لكن الحزب سيتعامل معها بحكمة عبر عدم الرد وإعطاء أي معنى للتصريحات والاتهامات الدولية.
ما سيؤدي إلى نقمة عالمية على الحزب الذي سيتهم بأنه هو المسؤول عن كل ما ستؤول إليه الأمور في الجنوب اللبناني من تهديد للقوات الدولية وحياة الجنود الدوليين، وبعدها ستكون الدول المناهضة على خطوة جديدة من خلال اتخاذ قرار أممي لاستهداف الحزب… لكن تبقى هذه الأمور قيد التحليل السياسي ليس أكثر.
التوظيف الأمريكي المستمر للأمم المتحدة
تعمل الولايات المتحدة الأمريكية على تقديم الدعم المستمر لمنظمة الأمم المتحدة والترويج لدور فاعل لها على الساحة الدولية، وذلك لضمان استخدام المنظمة كوسيلة نافعة لدبلوماسيتها العالمية من ناحية، وبانسياق المنظمة وراء الاستراتيجية الأمريكية وأهدافها، واتخاذها إطارا لإضفاء الشرعية الدولية على أنماط سلوكها المختلفة من ناحية أخرى.
فتوظيف الولايات المتحدة الأمريكية للأمم المتحدة يعد أحد الآليات السياسية المهمة في إضفاء الشرعية على القرارات التي تنسجم مع المصالح والأهداف الأمريكية في العالم، وهذا بدوره يعزز من الهيمنة الأمريكية على الساحة الدولية، ولعل التوظيف الأمريكي للمنظمة الدولية في معالجة القضايا المختلفة يعد إحدى الآليات الرامية الى تعزيز الهيمنة الأمريكية على القضايا الدولية في العالم.
الكاتب والمحلل السياسي حسين سمور (وكالة سبوتنيك الروسية)