لماذا تتمسك روسيا بمادورو وفنزويلا... إليكم الجواب
جاء الدور على فنزويلا بعد كل من العراق وليبيا وسوريا وأوكرانيا، الرابط بين كل هذه الدول هي روسيا التي تربطها علاقات مميزة ووثيقة تاريخيا واقتصاديا وعسكريا مع أنظمة هذه الدول وشعوبها.
الحملات الأمريكية في العالم لن تتقلص، وبالتالي فإن الإدارات الأمريكية المتعاقبة تحمل نفس الأسلوب في التعاطي مع الدول "المارقة" التي لا تعطي الولايات المتحدة صكوك تعهد ومبايعة عمياء للأمريكي اقتصاديا وسياسيا وثقافيا.
من جهة أخرى، تمارس الإدارة الأمريكية سياسية "الضربة المزدوجة" التي ترى فيها انتصارا وربحا اعتادت عليه خلال حملاتها على الدول "المارقة" في السنوات الأخيرة، فالهدف الأول هو القضاء على النظام "المعادي" و"الممانع" لأمريكا عبر أدواتها "الديموقراطية" في داخل هذه الدول مقدمة كل الدعم المالي والثقافي واللوجستي أو من خلال الثورات الملونة تحت عنوان وشعارات الحرية والديموقراطية.
أما الهدف الثاني لأمريكا هو تقليص النفوذ والدور الروسي في هذه البلدان من خلال تدمير كل ما بنته روسيا من علاقات سياسية واستثمارات اقتصادية ومالية في دول كانت تاريخيا في المحور الاشتراكي المناهض للإمبريالية الأمريكية وسياستها التوسعية في العالم.
روسيا واستثمارتها الاقتصادية في فنزويلا
تطورت العلاقات بين روسيا وفنزويلا منذ سنوات طويلة إبان حكم هوغو تشافيز حيث قدمت موسكو لكراكاس قروضا بقيمة 17 مليار دولار أمريكي خلال السنوات العشر الأخيرة، فالبرغم من المحاولات الأمريكية المختلفة لإسقاط الحكم البوليفاري في فنزويلا بقيت موسكو على ثقة كبيرة بشريكها الفنزويلي، واليوم تواجه فنزويلا سيناريو مشابه لسيناريوهات أمريكية مدبرة كانت ضد النظام خلال عهد تشافيز ومادورو.
ووفقا لمصادر وحسابات دولية أجريت مؤخرا عن 10 سنوات من العلاقات الاقتصادية بين البلدين، قدمت الحكومة الروسية وشركة "روسنفط" قروضا وهبات بقيمة 17 مليار دولار أمريكي لفنزويلا، حيث تسلمت شركة النفط الفنزويلية من روسنفط مبلغ 6 مليار دولار أمريكي كدفعة أولية وعلى دفعات.
ووفقا لبيانات وزارة التنمية الاقتصادية الروسية فإن الاستثمارات الروسية الحالية في فنزويلا تعد من الأضخم حيث تصل لحوالي 5 مليار دولار أمريكي والجزء الأكبر منها لشركة النفط الروسية "روسنفط". بالإضافة إلى استثمارات أخرى وبمجالات أخرى تضاف إلى المجموع العام وأبرزها استثمارات لمصرف "غازبروم بنك" وفروعه الفنزويلية وتقدر بحوالي 300 مليون دولار.
واستثمارات لشركة "كاماز" للأليات والسيارات والتي تقوم بانتاج حافلات في فنزويلا ويقدر المشروع الإجمالي بقيمة 22 مليون دولار أمريكي.بالإضافة إلى استثمارات في حقول النفط الفنزويلية.
كما ارتفع التبادل التجاري بين الدولتين بين سنتي 2017 و 2018 إلى نسبة 48% وقدر بحوالي 84 مليون دولار أمريكي، وبلغ التصدير الروسي لفنزويلا حوالي 84 مليون دولار مقابل 800 ألف دولار لفنزويلا.
أما من الجانب العسكري، يعتمد الجيش الفنزويلي عموما على التسليح الروسي في كل القطاعات العسكرية بدءا بالأسلحة الفردية والرشاشة وصولا إلى المدرعات والطائرات والسفن. بالإضافة إلى الاستثمارات العسكرية وأخرها بناء مركزين للمروحيات العسكرية ومصنع لرشاشات كلاشينكوف الذي سيتم بناءه عام 2019.
كما افتتحت روسيا في فنزويلا مجمع الأجهزة والبرمجيات الروسية "الغرافيت"، التي تسمح بتخزين المعلومات حول حالة التسلح والمعدات العسكرية وإخطار القيادة العسكرية حول المشاكل في الوقت الحقيقي.
كما شهدت فنزويلا حدثا هاما خلال عام 2018 وهو توجه طائرتين من طراز "تو-160" إلى فنزويلا مؤخرا في رحلة تدريبية روتينية ما أعطى إشارات واضحة لمدى التعاون العسكري الروسي الفنزويلي وإمكانية ظهور قاعدة عسكرية روسية في الحديقة الخلفية للولايات المتحدة.
روسيا والاصلاحات في فنزويلا
تعمل روسيا منذ سنوات على مساعدة فنزويلا من خلال تقديم اقتراحات اقتصادية لمساعدة الأخيرة الخروج من دوامة الأزمة الاقتصادية، خصوصا أن كراكاس تعتمد على النفط كمصدر أساسي ومع انخفاض الأسعار تحاول روسيا وشريكتها ايجاد مجالات اقتصادية أخرى للاستثمار.
كما قامت موسكو بإعادة هيكلة الدين الفنزويلي الذي يخفف قليلا من عبء الضغوط المالية والذي يأتي ضمن الخطة لتحسين الاقتصاد الفنزويلي.
أخيرا تعتبر فنزويلا شريكا مهما وأساسيا لروسيا في أمريكا اللاتينية حيث ما يجمع البلدين أكثر من عقود واستثمارات واتفاقات عسكرية وتبادل ثقافي وتجاري، فالتاريخ والمفاهيم التي تجمع البلدين تجعل الصداقة أمتن بين شعوب البلدين، لهذا تقف روسيا اليوم أمام الأطماع الغربية والأمريكية في فنزويلا وتساند شعبا بأكثريته يدين الولاء لمادورو الذي بدوره يحاول استنهاض بلاده والسير بها على خطى هوغو تشافيز.
الكاتب: حسين سمور - وكالة سبوتنيك الروسية