وجهة الجيش السوري المقبلة
معركة تحرير الحجر الأسود في أيامها، بل ساعاتها الأخيرة. وترحيل الإرهابيين من شمال حمص وجنوب حماة على وشك الانتهاء، ولم تتبقّ مناطق خارج سيطرة الدولة السورية سوى ثلاث مناطق، الأولى تقع في محافظة إدلب وريف حلب الشمالي الغربي، والثانية في المنطقة الجنوبية، لا سيما في محافظة درعا، والثالثة الواقعة تحت سيطرة الاحتلال الأميركي في محافظة الرقة، وفي أرياف محافظتي دير الزور والحسكة.
السؤال المطروح الآن: ما هي وجهة الجيش السوري القادمة، بعد أن استكمل تحرير الجيوب التي كانت تحت سيطرة الإرهابيين في دمشق وريفها، وفي ريفي حمص وحماة؟
لا شك أنّ لكلّ منطقة من المناطق الثلاث التي لا تزال خارج سيطرة الدولة السورية حسابات خاصة بها، وسيكون اختيار منطقة من هذه المناطق لتكون في البداية هي وجهة الجيش السوري خاضعاً لهذه الحسابات، وبناء على تقدير عام للموقف ولحسابات كلّ منطقة من هذه المناطق، تتحدّد الأولوية بما يخدم المعارك اللاحقة في المناطق الأخرى. ومما لا شك فيه أنّ هذه الحسابات هي ملك القيادة العامة للجيش السوري، وليس ملك أيّ جهة أخرى، وهي صاحبة القرار في تحديد الوجهة التالية لتكون أولوية الجيش في معاركه المقبلة لاستكمال تحرير ما تبقى من أرض سورية لا تزال خارجة عن سلطة الدولة السورية.
لكن بكلّ تأكيد لكلّ منطقة من هذه المناطق الثلاث حسابات خاصة، وقد تتساوى الأهمية في ما بينها، وسيكون الاختيار لتحديد منطقة من بينها لتكون لها الأولوية أمراً حساساً ودقيقاً للغاية وله تأثير كبير على المعارك اللاحقة لاستعادة سيطرة الدولة على المنطقتين الأخريين.
معركة تحرير المنطقة الجنوبية أسهل من الوجهة العسكرية على الجيش السوري، ولكن لها حسابات سياسية مختلفة تتعلق بالوضع مع الأردن والكيان الصهيوني. معركة تحرير إدلب سهلة في بعض مراحلها، كما أظهرت معركة تحرير الريف الجنوبي الشرقي من المحافظة، ولكن لها حسابات خاصة عندما يقترب الحسم من الحدود التركية.
أما تحرير المنطقة التي تخضع للاحتلال الأميركي فدونها المواجهة الكبرى مع الدول التي كانت وراء الحرب على سورية، وبالتالي لها حسابات خاصة.
حديد المنطقة التي سوف يقوم الجيش السوري بإعطائها الأولوية بين المناطق الثلاث، وهو القرار الذي سُيتخذ بعد حسابات دقيقة قد تحتاج لبعض الوقت، لا يعني أنّ المعارك الكبرى ستكون متوقفة في هذه الفترة، بل إنّ بعض المعارك الأساسية سوف تبدأ في اللحظة التي يُستكمل فيها نقل القوات التي شاركت في تحرير الغوطة الشرقية والجنوبية، والقلمون الشرقي، وريف حمص الشمالي والريف الجنوبي من محافظة حماة.
أما المناطق التي ستكون وجهة الجيش السوري المقبلة قبل بدء المعارك الكبرى في المناطق الثلاث فيمكن تحديدها على النحو الآتي:
ـ بعض المناطق الواقعة على الحدود الإدارية بين محافظتي القنيطرة ودرعا لأنّ هذه المناطق تشكل امتداداً لمعارك تحرير بيت جن ومزرعة بيت جن وفك الحصار عن بعض البلدات المحاصرة. ومعروف أنّ مدينة البعث في القنيطرة تتعرّض دائماً لاعتداءات الجماعات الإرهابية المسلحة بدعم ومساندة من قوات الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي فإنّ هذه الجماعات انتهكت اتفاق خفض التصعيد في المنطقة الجنوبية، وبالتالي أصبح الجيش السوري في حلّ من الالتزام بخفض التصعيد، على الأقلّ في هذه الفترة بعد تكرار اعتداءات الجماعات المسلحة.
ـ بعض المناطق القريبة من الحدود الإدارية لمحافظتي اللاذقية وإدلب، حيث تقوم جبهة النصرة والتشكيلات الإرهابية الأخرى بالاعتداء على مواقع الجيش في هذه المناطق، والأرجح أن يولي الجيش السوري أهمية خاصة لهذه المنطقة كون المعركة هناك تمهّد لمعركة إدلب، فضلاً عن أنّ اعتداءات المسلحين على مواقع الجيش في هذه المنطقة شكّلت خروجاً على اتفاقات خفض التصعيد وأعطت الجيش السوري الحق في استعادة هذه المنطقة إذا كانت من ضمن أولوياته الراهنة.
ـ منطقة الريف الشمالي لمحافظة حماة، بدءاً من سهل الغاب غرباً مروراً بمورك وانتهاءً بكل المنطقة التي تقع شرق الأوتوستراد الدولي، حيث تسيطر على هذه المنطقة جبهة النصرة المستثناة في اتفاقات خفض التصعيد من وقف القتال ضدّها، وحيث أكدت هذه الاتفاقات على حق الجيش السوري في تحرير هذه المنطقة وفتح الطريق الدولي الذي يربط محافظة حماة بمدينة حلب، وكان الجيش السوري قد بدأ هذه المعركة وأوقفها بعد تقدّم تحرير الغوطة كأولوية على استكمال تحرير هذه المنطقة.