ترامب وإيران.. لهذه العوامل مستعدون لمواصلة نهج العدوان
يحاول رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب دوماً مهاجمة إيران. فأشار باستمرار منذ توليه لمنصبه إلى الدولة الإيرانية على أنها دولة راعية للإرهاب، كما أشار إلى حزب الله حليف إيران في لبنان على أنه "منظمة إرهابية" ومسؤولة عن مذبحة القوات الأمريكية في لبنان عام 1983. وكان قرار ترامب بعدم إعادة التصديق على اتفاق "خمسة زائد واحد" يدفع أمريكا في طريق مواجهة مسلحة مع إيران.
تهدف الولايات المتحدة من خلال تصعيد التوتر مع إيران إلى إشعال حرب باسم إسرائيل. ويُذكر أن إيران لم تغزو أي دولة منذ حوالي 200 عام، وهي دولة وقعت على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية مع عمليات التفتيش المرافقة لها، ووافقت بالإضافة إلى ذلك على اتفاق "خمسة زائد واحد" متعدد الجنسيات. ويجب أن نذكر أيضاً أن مجتمع الاستخبارات في الولايات المتحدة وحتى الموساد الإسرائيلي أدركوا أن ليس لإيران أهداف عسكرية تتعلق باكتساب القوة النووية. وقد ناقشت القيادة الإيرانية هذا الأمر، وقررت منذ وقت طويل عدم السعي إلى الخيار النووي.
قاوم الرئيس السابق باراك أوباما إصرار اللوبي الصهيوني على استخدام الولايات المتحدة لشن هجوم عسكري على إيران، من خلال الوصول إلى اتفاق "خمسة زائد واحد". جاء هذا بعد جهود منسقة قام بها بنيامين نتنياهو قوض فيها موقف أوباما من خلال قبول دعوة أعضاء الكونغرس الجمهوريين للتحدث أمام الهيئة التشريعية الأمريكية دون موافقة صريحة من الرئيس.
كتب الرئيس دونالد ترامب على تويتر مُذكراً بمسؤولية حزب الله المزعومة عن مقتل مشاة البحرية الأمريكية في لبنان عام 1983، وقام نائبه مايك بنس بذلك أيضاً. تكمن المشكلة في هذا التركيز على حزب الله واعتباره كمحرض للإرهاب، أن معظم الأعمال الإرهابية التي ارتُكبت ضد الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية كانت من قبل المنظمات الوهابية والتي تنبع إيديولوجيتها من السعودية التي هي حليف لأمريكا. واستخدمت في الواقع الولايات المتحدة هذه المنظمات سراً لمضايقة أعداء أمريكا في الشيشان وسوريا وليبيا وزعزعة استقرارهم وإسقاطهم.
أقحم ترامب وبنس اسم حزب الله في حادثة قتل العسكريين الأمريكيين، ولكن لم يذكر أي منهما شيئاً عن البحارة الأمريكيين الذين قُتلوا عمداً خلال الهجوم على سفينة (يو إس إس ليبرتي) من قبل القوات المسلحة الإسرائيلية في حزيران عام 1967.
ولن يعترف هذان الرجلان بأن حزب الله نشأ بعد المذبحة التي أعقبت الغزو الإسرائيلي على لبنان في مطلع الثمانينات، وأنه عاش تجربة مكافحة الاحتلال الإسرائيلي للبنان الذي دام 18 عاماً.
يبدو أن ترامب من خلال تهديده بإلغاء المعاهدة متعددة الأطراف مع إيران، يخدم اللوبي الإسرائيلي الذي لديه نوايا حتى الآن بتدمير إيران.
كانت إيران وحزب الله أهدافاً مُقترحة أيضاً في ورقة قُدمت في عام 1996 إلى بنيامين نتنياهو خلال ولايته الأولى كرئيس وزراء إسرائيل . تم ذلك بقيادة ريتشارد بيرل المحافظ الجديد الأمريكي، الذي اقترح دحر الدولة السورية التي هي حليف حزب الله من خلال الحرب بالوكالة.
أبرز الانقلاب السياسي الذي أشار إليه الجنرال الأمريكي ويسلي كلارك في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول، إستراتيجية المحافظين الجدد للإطاحة بسبع دول خلال خمس سنوات بما في ذلك سوريا ولبنان (بمعنى حزب الله) وإيران.
تشكل كل من إيران وسوريا وحزب الله في لبنان محور المقاومة الذي يهدد سيطرة إسرائيل العسكرية على الشرق الأوسط. ويثير هذا التحالف أيضاً قلق السعودية التي أقامت معها إسرائيل علاقات وثيقة وإن كانت غير رسمية.
استمرت المحاولات لإضعاف إيران وحلفائها على مدى ثلاث إدارات متتالية للولايات المتحدة الأمريكية، جورج دبليو بوش وباراك أوباما والآن دونالد ترامب. لم تختلف السياسة الخارجية لأوباما كثيراً عن سياسة بوش إلا في أمر واحد، وهو إتباع العمل السري بدلاً من الحروب العلنية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية. وحصل على هذا الأساس التمرد في سوريا في عام 2011 والذي سمح للمرتزقة الإسلاميين الأجانب بالتسلل عبر حدود سوريا بمساعدة حلفاء أمريكا في المنطقة. وكان هذا خطة لمحاولة إضعاف قوى المقاومة، من خلال عزل حزب الله عن طريق تدمير سوريا التي تشكل القناة الرابطة بين حزب الله وإيران.
يُعتبر حزب الله القوة الوحيدة في العالم العربي الراغبة والقادرة على مواجهة القوة العسكرية الإسرائيلية. وكان حزب الله مسؤولاً عن انسحاب إسرائيل من لبنان في عام 2000 بعد احتلال دام قرابة عقدين، وهزم إسرائيل في مجال الاستخبارات وفي ساحة المعركة في حرب لبنان عام 2006.
أرادت إسرائيل منذ فترة طويلة أن توسع حدودها إلى نهر الليطاني طمعاً بالموارد التي يوفرها هذا النهر، إلاّ أن استعادة مناطق شاسعة من الأراضي السورية من الجماعات الإرهابية مثل جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية من قبل الجيش السوري وبمساعدة القوات الجوية الروسية والمستشارين والجنود الإيرانيين، قد أحبط خطة قطع حزب الله عن إيران. وأحبط ذلك أيضاً رغبة إسرائيل غير المشروعة في ضم مرتفعات الجولان لأراضيها .
رفض الرئيس أوباما سابقاً الاستسلام لضغوط إسرائيلية للتضحية بالأرواح الأمريكية في مغامرة عسكرية ضد إيران، ولكن يبدو أن الرئيس ترامب مستعد لمواصلة طريق العدوان.
وجاء في بيان مشترك صدر في وقت سابق من هذا الشهر من قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا، يؤكدون تأييدهم لكلمات رئيس الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية، ومؤكدين على أن الاتفاق يعمل بشكل جيد، ويسعى الرئيس ترامب للحصول على تصور مسبق لجدول الأعمال.
سيكون جدول الأعمال هذا هو جدول أعمال حرب. وستكون كارثة بالنسبة للولايات المتحدة إذا شنت حرباً ضد إيران نيابةً عن إسرائيل. فكانت النتائج الخبيثة لغزو العراق والحرب بالوكالة في سوريا واضحة للجميع.