تحليل في الفرق بين الأسعار و مستوى المعيشة و سعر الصرف في سوريا

26.02.2018

تختلف السياسات و البرامج و النهج الاقتصادي للدول حسب مراحل النمو و التنمية، وكذلك تختلف ما بين بيئة أمن و أمان و بيئة حرب و صراع وأزمة وحتى ضمن الأزمات و الحروب لكل مرحلة برامج مختلفة.
وفي سورية نستطيع القول بالنسبة لما كان مخطط وما راهن عليه الأعداء إن الإدارة الاقتصادية للأزمة كانت في الإطار الكلي العام ناجحة وفق المنظور الأزموي للحفاظ على مؤسسات الدولة و التكيف مع الموارد المتاحة ومنع هذا التعاطي من تحويل الدولة السورية لدولة هشة فاشلة رغماً من قسوة الأدوات و تعددها و بعدها اللا إنساني.
ولكن النجاح من منظور أزموي لا يعني عدم وجود ثغرات قد تتماهى مع ما يتمناه الآخرين للولوج لأهدافهم القذرة و لكن دوماً في الأزمات وخاصة المعقدة و المركبة الأهداف الوطنية الكلية هي الأهم و هي المنظار و يبقى للجزئيات دور ثانوي أو غير رئيسي، فرغماً من الآثار السلبية للسلوكيات اللا حضارية  لقوى متوحشة هدفها فرض وقاحة ووحشية قوى التعولم من فقر  وتشرد ونزوح و عطالة و هجرة و موت و إعاقة و نهب و سرقة وحرق وإعاقة وإخراج طاقات إنتاجية و رغما  من حجم الدمار و النهب والسرقة حوالي 300 مليار دولار حجم الخسائر و ورغما من العقوبات اللا إنسانية و الحصار الظالم والذي كلف 22 مليار دولار وجعل التوريد حتى للسلع الضرورية شبه مستحيل وأقل محدودية وأماكن التوريد قليلة.
رغما من كل ذلك كان لتكامل الأساليب و السياسات والبرامج من تقشف إجباري عبر تزاوج سياسات اقتصادية و مالية و نقدية و اجتماعية وعبر الخطوط الائتمانية و المعونات وعبر التحايل على العقوبات بشخوص وتسهيلات  أثر كبير في تجاوز المخطط التدميري الإستنزافي القاتل للحجر و البشر .
ومر العام الماضي شبه خال من الأزمات ورغماً من صعوبة المعيشة و الظروف القاسية وصبر الشعب في ظل ظروف صعبة  تماهى صبر الشعب  مع منجزات المؤسسة العسكرية لينقذ البلد من القتل المبرمج فضمن معطيات وأرقام بمتوسط أجور حوالي 26  ألف ليرة سورية  والحاجة لمبلغ  حوالي  235 ليرة سورية لتامين الحاجات الأساسية تعليم صحة سكن كساء غذاء لأسرة مؤلفة من 5 أشخاص .

وإن أردنا توسيع حاجات الحياة لتكون الأسرة ضمن عداد الطبقة الوسطى على تخوم المعيار و ليس في العمق فيتطور هذا المبلغ ليصبح على أبواب الـ 300 ألف ليرة سورية وسط فجوات كبيرة و مفقرة ورغماً من ذلك حافظ الشعب على حياته وسط تقشف إجباري لعدم توفر الإمكانات تقشف أنعكس على نوعية الغذاء و الكساء و أسلوب التنقل و التواصل، ورغماً من الإنجاز عبر تكامل الدور الوظيفي لأغلب الشعب و لبعض العقلاء الوطنيين كان هناك ثغرات لم نعرف لها تحليل و يبقى دورنا التسليط عليها و دور المعنيين تصحيح المسار إن كشفت ثغرات أو أخطاء .

و رغما من المعاناة فرضت الأزمة سياسات اقتصادية أزموية راعت مخلفات الأزمة فكان دور وزارة حماية المستهلك محدودا سواء في المراقبة أو المتابعة أو التدخل لتقويض الاحتكار علما انه بالأزمات الإدارة الحكومية هي الأساس ورغماً عن إعادة وزارة حماية المستهلك للحياة بعد أن قتلها نهج الدردرة قبل الأزمة ولكنه لم تكن إلا هيكل وكأنها لم توجد سواء من حيث مراقبة الأسعار أو التدخل الايجابي أو مواجهة الاحتكار. فكانت فوضى الأسعار هي العنوان و كانت تابعة للسوق بدلاً من أن تكون أسعارها هي المعيار و كانت فاشلة بالتدخل الايجابي كونها قيدت نفسها بالاستجرار من محتكري المواد أنفسهم وحتى عندما أرادت أن تثبت تواجدها لويت ذراعاها رغماً من هامشية السلع التي تصدت لفرض أسعارها بين المتة و الشاورما متناسية الحاجات الأساسية للمواطن المأزوم بمنعكسات أصعب أزمة تتذكرها البشرية، وكانت حركتها بلا بركة ولم تستطع أن تعيد الثقة للمواطن ليأخذ دوره كمراقب ومساند لفرض عملها في ضبط الأسعار وحماية المستهلك حتى عقوباتها كانت انتقائية ولم تكن وسيلة وإنما غايية فقط، واستمرت تبعية جمعية حماية المستهلك للوزارة بدلاً من أن تكون مستقلة وتؤازر بجمعيات أهلية ضاغطة لأسعار موازنة للتكاليف تحقق العدالة بين المنتج والمواطن ليبقى التحيز ضد المواطن.

وبالنسبة للسياسات النقدية كان يوجد تخبط وهو ما وجدناه بالفترة الأخيرة بخصوص السيارات والقرض العقاري وكذلك التصريحات التي قطعت الطريق على هبوط سعر الصرف وهو ما نادينا به سعر صرف منخفض ينعكس على أسعار الطاقة وبالتالي تنخفض تكاليف الإنتاج فتتحسن معيشة المواطنين بدلا من زيادة الأجور....سياسة المركزي غريبة هل هي أزموية معروفة أم تتعرض لضغوطات.

وهنا يجب وضع مخطط يحوي أبعاد الخيارات لسعر الصرف للسير به و عدم التخفي و التستر وإن كانت رؤية سعر صرف منخفض علاج في ظل استخدام الأدوات النقدية المتاحة و المتحكم بها و في ظل التعاون كفريق عمل لكل الوزارات و المؤسسات المعنية و حسم هذا الخيار ضرورة للسير بخيارات تحسن معيشة المواطن المنتظر و الصابر و الصامد و الحاضن لأبطال حماية سورية  مع تأكدنا أن أي زيادة للأجور في ظل المعطيات الحالية لن يؤدي ما يراد منه و قد يحصل العكس وفق متوالية تضخمية لا تنتهي ولكن هذا لا يعني الاختباء  فرض الأمر الواقع الصعب وكلنا يعلم أن حجم الاحتياطي و أن المكتنز من الدولار أو المحتفظ به لأن الاكتناز للذهب و في ظل سياسة صحيحة قادر على إعادة الروح لسعر الليرة وفق دراسات متكاملة فيما يخص العرض و الطلب من السلع وتقويض الأدوات المعرقلة .

في ظل الأزمات الهدف الأكبر هو الأهم و بالتالي لم يكن الأداء الاقتصادي قريب من أداء المؤسسة العسكرية ولم يناسب قيمة الدماء فهل سيكون العام القادم عام المواطن السند في الصبر للمؤسسة العسكرية..إن لم تعود للمؤسسات قوتها وفعاليتها و الانطلاق لإصلاحات تقوض دواعش الأزمة وتقوي دور المؤسسات فالقادم صعب بانتظار صاروخ مؤسساتي يرعب تجار الأزمة و يقوي دور المؤسسات و يحقق حسب إمكانياتنا عدالة مطلوبة و يؤسس لعودة الأموال المهاجرة وأموال المغتربين و ما نهب و سرق من خيرات البلد وسط تغيير العقلية لتوسيع المشاركة و تكريم الوطنيين الشرفاء من كل الجهات ممن لم يبخلوا بجهد لحماية وطن أريد له القتل ,التعاون بين كل الطاقات في كل القطاعات عام خاص مشترك شعبي مطلوب و تنقيتها من الشوائب ضرورة وطنية ..