نظريات العولمة
جون ماير ، جون بولي ، جيوفري توماس
تتعدد النظريات الليبرالية الجديدة حول العولمة. من أهمها نظرية "النظام العالمي" التي تحدد بدقة مفهوم "السياسة" بأنها تعني وجود المؤسسات السياسية بغض النظر عن وضعها القانوني. وهذه الفئة تشمل كلا من الدول التقليدية والنظم الاجتماعية والسياسية الأكثر اتساعا ومرونة مثل الوحدات الاجتماعية أو المجتمع المدني.
وقد وضعت نظرية "السياسات الدولية" في أبحاث جون ماير ، جون بولي ، جيوفري توماس وكذلك مؤلفين آخرين.
وفقا لهذا النموذج، يتطلب إنشاء "كيان سياسي عالمي" الخطوات التالية:
1- النظر للدول الوطنية التي تملك مؤشرات بدائية عن العولمة كما لو أنها نتاج منطقي للتواصل مع المجتمعات وقادرة بعقلانية على النظر لمشروع العولمة بأنه تأكيد جديد للمبادئ التي تقوم عليها هذه الدول الوطنية.
2- اعتبار الدول الوطنية بأنها تملك الفرصة لإنشاء هياكلها الموحدة وتحويل النماذج السياسية لديها (نظام بولونيا على سبيل المثال) إلى أنظمة قادرة على وضع قيم سياسية مشتركة مثل الديمقراطية وحرية الصحافة، والتجارة الحرة، وعدم تدخل الحكومة في الاقتصاد، وتأمين المناخ الاجتماعي المتسامح في ما يخص الأعراق والديانات المختلفة أو كافة الاختلافات المجتمعية الأخرى.
3- تشجيع المنظمات الوطنية غير الحكومية من قبل الدول الوطنية للعمل في إطار من الحياد الإيجابي مع المحافظة على القواعد والإجراءات العالمية لزيادة تعزيز ما يسمى بـ "المجتمع المفتوح" الذي يتصف بالفردية والكونية والسلوك العقلاني و"حقوق الإنسان".
4- عند هذه النقطة تصبح أيديولوجيا "المجتمع العالمي" هي السائدة وبالتالي يبدأ تحديد وتكبيل الدولة الوطنية على نطاق عالمي. وعندها تصبح قطاعات الدولة الوطنية قريبة من قطاعات الدول الأخرى بما يساعد، في ظل تطوير التواصل وحرية الحركة، على اختفاء الحدود الوطنية وإقامة الدولة العالمية.
نظرية العولمة هذه لديها عدد من المزايا الهامة:
• تجذب علنا باتجاه الأوروبية ولا تخفي حقيقة أنها تعتبر القيم الأوروبية هي القيم العالمية والقيم المشتركة.
• تعتمد النموذج الغربي الثقافي والسياسي.
• تثبت خطة متتالية المراحل من التحولات الاجتماعية والسياسية على حد سواء داخل الدولة وعلى النطاق العالمي.
• تعترف أن المجتمع العالمي هو هدفها الإيديولوجي.
• تؤكد أن المنظمات غير الحكومية هي الأدوات الفاعلة في العولمة لأنها أصبحت أدوات لإعادة ترتيب المجتمعات الوطنية والجماعات المشتركة العابرة للحدود.
نظرية الثقافة العالمية: . رولاند روبرتسون
يقدم عالم الاجتماع الانجليزي رولاند روبرتسون نظرة مختلفة تماماً حول نظرية العولمة جنبا إلى جنب مع مؤلفين آخرين (مايك فيذرستون، سكوت لاش ) الذين لديهم مواقف مماثلة حول هذه القضية.
ويعتبر روبرتسون واحدا من العلماء الأوائل الذين درسوا العولمة حيث وصفها بأنها " عملية انضغاط للعالم وتكثيف للعالم ككل".
ويرى روبرتسون أن السمة الرئيسية للعولمة تكمن في ضغط المجتمعات البشرية والأفراد ليعيشوا "معا" في نفس الفضاء. هذا الفراغ النوعي يتطلب كل جهد من الجهود الفردية التي كانت مسلوبة القدرة بسبب الامكانيات المحدودة في مجتمعاتها. في جميع الأحوال وعلى جميع المستويات فإن روبرتسون يعتمد هذا المفهوم الأساسي للعولمة، إن وجود العالم ككل متكامل هو الذي يشكل مشهد "الثقافة العالمية" قبل أي موضوع يتعلق بفرد أو جماعة، في هذا السياق فإن أي اختيار أو قرار أو تحرك يكتسب تلقائيا "بعدا عالميا". فنحن نعيش في ثقافة عالمية واحدة، وهذا أمر لا رجعة فيه.
هنا لابد من ذكر بعض الاختلافات عند السيد روبرتسون عن أولئك المشجعين لنظرية "السياسة الدولية" حيث يعتقد أن تعميم الثقافة الغربية ومفاهيم المجتمع الغربي والقيم الغربية ليس مرتبطاً بالضرورة بالعولمة.
روبرتسون يعتبر الجهات الأربع الرئيسية في العولمة هي:
• المجتمع الوطني (لكل دولة على حدة)
• الأنظمة الاجتماعية
• الفرد
• الإنسانية
هذه الجهات الأربع تتوافق مع أربعة أشكال من الوعي:
• التنشئة الاجتماعية
• التدويل (العالمية)
• الفردية
• ظهور وعي إنساني عالمي
إن وجود البعد الرابع الذي يمثل السمة الخاصة للعولمة نفسها ("الثقافة العالمية") يؤثر على العوامل الأخرى من أشكال الهوية بقدر ما يؤسس لبعد إضافي. من هذه النقطة، إن الخيارات التي اتخذت على مستوى "الوعي العالمي" تؤثر بقوة على الدولة الوطنية والعلاقات الدولية والوعي الفردي وتغير أيضاً هياكلها بشكل كبير. حتى يكون الفرد اجتماعيا بشكل كامل، على سبيل المثال، فإنه لا يحتاج إلى أن يذوب في المجتمع الوطني. وبدلا من ذلك يمكنه في كثير من الأحيان وعلى نحو متزايد تجاوز هذه المرحلة والعبور مباشرة (من خلال الفئات الاجتماعية الدولية أو المنظمات غير الحكومية) إلى الحالة الإنسانية. ونفس الشيء ينطبق على الأفق العالمي للبشرية بما يخص على سبيل المثال القضايا البيئية وتغير المناخ وغيرها من الموضوعات التي تضطر فيها الدول الآن لأخذ الاعتبارات بخصوصها على الرغم من المصالح الاقتصادية والاستراتيجية الوطنية. روبرت يميز ويصف خمس خصائص للعولمة ضمن هذا المفهوم:
• التناسبية
• المضاهاة
• العولمة
• الترجمة
• الطعن
التناسبية تجعل جميع المؤسسات التقليدية للفئات الاجتماعية والفئات السياسية متقاربة التسلسل الهرمي. إن الجنسية والمهنة والعرق فضلا عن سيادة نظام القانون الدولي تصبح كلها فئات أساسية وأصبحت أكثر مرونة وانعكاسية.
المضاهاة تعني أن المجتمع ككل يحضر موقفه الخاص نحو العولمة ونحو الفضاء العالمي المشترك، وعلى أساس من التحديات العالمية، ويمكن أن يستجيب بطرق مختلفة. هذا الوضع يختلف تماما عن تلك الوصفات التي تم اعتمادها في نظريات الثقافة العالمية وفي السياسات العالمية التي تتوقع أن يعتمد العالم كله على قانون موحد. يعتقد روبرتسون أن الاعتراف بوحدة الفضاء العالمي لا يعني بالضرورة أن يكون لدى العالم القواسم المشتركة وبشكل موحد. وهكذا فإن العولمة يمكن أن تقبل أو ترفض من قبل الجماعات الدينية التي قد تستجيب للتحديات العالمية ولكن وفقا للقواعد الفلسفية الخاصة بها. (الحالة تم إثباتها من خلال الأصولية الإسلامية).
العولمة هي المصطلح الأكثر شهرة من مصطلحات روبرتسون الجديدة. وهو ما يعني الاعتماد على السلوكيات العالمية في المجالات المختلفة مثل (المعلومات والاقتصاد وشبكات التجارة وأزياء الشباب، والديمقراطية السياسية) فإن العولمة في الواقع تسبب بعض الظواهر المتناقضة.
مجتمع الخطر وفضاء الثقافة مايك فيذرستون، سكوت لاش
قضية "الثقافة العالمية" لم تشغل فقط روبرتسون. بل ساهم علماء اجتماع آخرون بدراسة موضوع مجتمعات ما بعد الحداثة، مثل سكوت لاش ومايك فيذرستون.
في دراسته، طور سكوت لاش مفهوم الانفتاح وعدم التيقن من "المجتمع الدولي" في التحول من النموذج الحديث إلى نموذج ما بعد الحداثة. ووفقا له، "الثقافة العالمية" لا ينبغي أن توصف من قبل النموذج المطبق في الفترة الحديثة. سكوت لاش، إلى جانب أولريش بيك، وأنتوني جيدنز، سعى إلى دراسة ما سماه "مجتمع المخاطر" الذي لا تتوقف المشاكل والصراعات على "الآخر"، إنما داخليا من قبل الأفراد الذين يواجهون حلها على المستوى الداخلي.
إذا كان "الخارج" في الفترة الحديثة يعرف بأنه مجتمع مهدد، فإن التهديدات اليوم تترجم على أنها محلية أو خارجية من قبل الأفراد أنفسهم. اعتقد سكوت لاش أن المجتمع الدولي يجب أن يفهم على أساس العقلانية، فالمجتمع الدولي له جذوره في المجتمع المحلي ولكن مستقل عنه في حزم التطوير.
يعتبر "الفضاء الثقافي" وفقا للاش والمؤلف المشارك معه، فيذرستون، أساس العولمة والذي لا يتوافق مع حدود الدولة القومية. الثقافة لديها بنية جغرافية مختلفة وانتقالها يعتبر ظاهرة مستقلة نسبيا. في المجتمع العالمي، المواجهة بين الدول وبين الإيديولوجيات تتحول إلى صراعات بينية وخلافات بين "فضاءات الثقافة". والمجال الذي يوحد الانتاج الرأسمالي الحديث هو مجال دولي عابر للحدود، كما هو في الاقتصاد الحديث. ولكن الثقافة تختلف، حيث دلالات العمليات الاقتصادية تجد التعبير عنها، وهذا هو المفتاح. من وجهة النظر هذه، فإن مصير العولمة، التي يتعامل لاش، وفيذرستون، وروبرتسون معها بشكل مفتوح، والقوى المرتبطة بها، سواء كانت عالمية أو محلية، تحدد في سياق الصيغ الثقافية في المجال والشكل العابر للحدود.
"نهاية التاريخ" أطروحة، فرنسيس فوكوياما:
ومن المهم التأكيد على ثلاث مراحل في تطور مفاهيم العولمة منذ أواخر الثمانينات، هذا التقسيم الزمني للمراحل كان قد عرض من قبل مجموعة من العلماء من جامعة ستانفورد (ديفيد هيلد، أنطوني ماكغرو، ديفيد غولدبلات وغيرهم) ، ثم تم اعتمادها من قبل منظر العولمة ديفيد كروكر، ومنذ ذلك الحين أصبحت معترفا بها على نطاق واسع.
هؤلاء المؤلفين ميزوا ثلاثة تفسيرات عامة للعولمة، العولمة المفرطة، ومذهب التشكيك، والانتقالية، كل واحد منها يستحق الاهتمام.
اعتقد عدد من العلماء السياسيين والمحللين والخبراء أن تفكك المعسكر الاشتراكي والاتحاد السوفييتي، سيكون مؤشرا إلى نهاية النقاشات الجدلية التي كانت محتدمة حول مراحل العولمة وأن العالم سوف يندمج ويتكامل من دون أي اضطرابات في تطوير النموذج الليبرالي الرأسمالي المطبق على نطاق العالم. وهنا جاء مفهوم العولمة المفرطة لتمييز الموقف الإيجابي تجاه هذه التغييرات والاعتقاد أن "نقطة اللاعودة" قد مرت، وأن العالم أصبح على استعداد لتقبل العولمة والتوحد، وستنتهي باقي الصراعات والتوترات في شكل تدريجي.
كان للعالم السياسي الأميركي فرانسيس فوكوياما مثل هذا الرأي في بداية التسعينات، عندما كتب كتابه الشهير "نهاية التاريخ". واستند في أفكاره على فلسفة هيغل للتاريخ، الذي أكد أنه في سياق التطور التاريخي، أن الفكرة المطلقة ستصل ذروتها الموضوعية، ، وأن التاريخ الذي يعبر عن نفسه بحيث يكون مفهوما، سيصل إلى نهايته، ويحقق غايته، وطبق ماركس أفكار هذه الأطروحة في نسخته الخاصة من التطور الجدلي للقوى الانتاجية وعلاقات الإنتاج، والتي افترضت أن تأسيس الشيوعية هو ذروة التطور العالمي وبالتالي نهاية التاريخ". الفيلسوف الهيغلي أليكسندر كوجيف افترض أن التاريخ قد ينتهي مع النصر العالمي الكامل للرأسمالية الليبرالية، وقوى السوق، والديمقراطية البرجوازية. فوكوياما، في تحليله لتفكك الاتحاد السوفياتي، رأى أن نسخة كوجيف من التفسيرات الهيغلية كانت واقعية، وبدوره، كتب نصا برمجيا عن "نهاية التاريخ"، وبعد ذلك ألف كتابه الشهير تحت هذا العنوان ذاته.
"نهاية التاريخ"، وفقا للكاتب. فوكوياما، تعني نهاية الصراعات السياسية الرئيسية التي قسمت سابقا الإنسانية وأثرت في التطور التاريخي، وفي وقت سابق، في فترة "البربرية"، تصارع الجميع ضد بعضه الآخر، وكان للأقوى الحق في الهيمنة. أما في العصر الحديث، أصبحت الدول القومية، التي لديها نظام ويستفاليا غربي، تمثل مفهوم السيادة. حيث خاضت هذه الدول الحروب ضد بعضها البعض، وبالتالي تشكل التاريخ الأوروبي، ومن خلال مساعيها الاستعمارية فقد ساهمت في تاريخ العالم كله. بعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت المنافسة بين الدول أقل أهمية بالمقارنة مع المعركة الايديولوجية الحاسمة بين العالم الرأسمالي والعالم الاشتراكي.
أصبح معنى التاريخ بالتالي هو الاصطدام بين نظامين سياسيين واقتصاديين. فخلال صراعها ضد الشيوعية، تطورت البلدان الرأسمالية بشكل أوثق وأصبحت نموذجا أساسيا للكيان الاجتماعي والسياسي والاقتصادي العالمي الجديد، الذي أتبعه انتشار الديمقراطية الليبرالية والاقتصاد الحر والتجارة، ومفهوم "حقوق الإنسان " التي فرضت على بقية العالم. ووفقا لهذا السيناريو، فإن الدول القومية تبدأ بالاختفاء تدريجيا، وسيتم استبدال السياسة ليحل محلها الاقتصاد. الاقتصاد، الذي لا يوجد لديه تاريخ، ولا معنى، ولا توتر درامي، ويصبح العالم سوقا عالميا تكون فيه الخدمات اللوجستية والمثالية هما الأكثر أهمية، وسيتم تدريجيا السماح لجميع المشاركين في هذا النظام العالمي الوصول إلى المستوى الاقتصادي العالمي في المجتمعات المتقدمة (وفقا لأفكار فوكوياما).
ومن المهم أن نلاحظ، أن فوكوياما أعاد النظر في وقت لاحق بوجهات نظره واعترف أن توقعاته كانت متفائلة للغاية، وعلى الرغم من ذلك، فإن ملاحظاته وتصويبات اللاحقة هي أقل إثارة للاهتمام من أطروحته الرئيسية "نهاية التاريخ". والحقيقة أنه وصفه فلسفة العولمة في الليبرالية الحديثة في شكلها الأكثر اكتمالا، كان ذو أهمية كبيرة.
العولمة المفرطة: توماس فريدمان ، جاغديش باغواتي
وشارك الصحفي الأمريكي الشهير توماس فريدمان الأفكار نفسها التي طرحها وروج لها سابقا فوكوياما، في كتابه "العالم مسطح" وغيره من الأعمال، وهو يتصور العولمة في النظام العالمي الجديد لا يمكن وقفها. وعلى خلاف فوكوياما، لا يزال توماس فريدمان يتبنى هذا الموقف. إذا أرادت دولة ما الوقوف ضد العولمة، يقول فريدمان، فإنها ستدفع تكاليف عالية من التخلف التكنولوجي، والركود الاقتصادي والتهميش في المجتمع الدولي، وأخيرا، وبشكل حتمي، سواء طوعا أو مجبرة، سوف تنخرط في عملية العولمة. العالم المفتوح في العولمة يسمح بإنشاء "المجتمعات المفتوحة"، وأية محاولات لإغلاق المجتمع، ونظرا لتطور تكنولوجيا المعلومات على نطاق واسع، سوف تفشل مسبقا. وهكذا، فإن العولمة لا يوجد لها بدائل والمشكلة التي تواجهها البشرية ليست مسألة العولمة في حد ذاتها، ولكن كيف ستطبق العولمة بسرعة، وما هي التفاصيل الأهم والمجالات التي لها الأولوية، الخ؟
يحمل الخبير الاقتصادي المعروف جاغديش باغواتي نفس النظرة المتفائلة لعملية العولمة. ويذكر أن العولمة هي مفيدة بشكل جيد لكل من المجتمعات المتقدمة والمتخلفة، وبالتالي يجب أن تنتشر وتتعمق في كل مكان، بما في ذلك في البلدان الأكثر فقرا، حيث تقدم العولمة الفرص للإسراع في مراحل التنمية. وفي الوقت نفسه، باغواتي يؤكد أن العولمة ليست بحاجة إلى "وجه إنساني" (على النقيض من فكرة الاستعمار التاريخي أو المواجهة الأيديولوجية بين النظامين العالميين في القرن العشرين)، باغواتي يقارن العولمة (دمج جميع المجتمعات في نظام عالمي اجتماعي واقتصادي واحد) بالنمو الاقتصادي في حد ذاته، ولذلك يصر على أن البلدان المنخرطة في عمليات العولمة يجب أن تستبدل استراتيجياتها الخاصة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية. فهو يضع العولمة كجواب وحيد على ما يبدو لجميع القضايا الراهنة.
وعلى ذلك، فإن العولمة المفرطة تتلخص في النقاط التالية:
- تعتبر العولمة الخير المطلق، ونفقاتها لا أهمية لها.
- العولمة هي عملية موضوعية لمن يسعى إلى تتبع منطق التاريخ البشري.
- تعتبر العولمة قد عبرت بالفعل "النقطة الحرجة"، أي أن كل ما تحتاج إليه هو مزيد من معالجة بعض الأسئلة التقنية (بدلا من التاريخية والسياسية، أو الأيديولوجية) .
- العولمة هي الحل في حد ذاتها، وحقيقة لا جدال فيها.
الملخص:
النموذج الليبرالي أصبح ذا شعبية كبيرة، جنبا إلى جنب مع الواقعية، وهو واحد من اثنين من النماذج الأساسية في تفسير وتحليل وتنبؤ التحولات والتقدم الجاري في العلاقات الدولية. في السياسة، ممثلي أحزاب يسار الوسط والأحزاب الديمقراطية يتبعون تقليديا النموذج الليبرالي، في حين أن مذهب الواقعية يمثل من قبل المحافظين والانعزاليين، والقوى الوطنية. النموذج الليبرالي في السياسة الأميركية هي من سمات غالبية ممثلي الحزب الديمقراطي، الذين يميلون إلى مثل هذه النماذج في السياسة الخارجية.
منذ التسعينات، أصبحت التوجهات الليبرالية والنيوليبرالية ذات شعبية متزايدة في الدول الأوروبية بسبب تشكيل الاتحاد الأوروبي، الذي يمثل في حد ذاته مثالا رائعا لتنفيذ مفاهيم الليبرالية العابرة للحدود. من ناحية أخرى، تتميز أوروبا تقليديا بوضوح باتباع نهج واقعي "السيادية" الذي يشكك أتباعه بفكرة الاندماج الأوربي.
وقد يكون من المناسب في هذه النقطة رسم بعض الاستنتاجات بشأن التحول العابر للحدود، العولمة، والليبرالية الجديدة.
1. عمليات العولمة تغيير معالم العلاقة بين السياسة الداخلية والسياسة الخارجية التي كانت معيارا للنظريات الوضعية (الواقعية، الواقعية الجديدة، الليبرالية الكلاسيكية في بعض الأحيان). وهكذا، فإن الموضوع الأساسي في العلاقات الدولية يرتبط بمسألتين : السياسة الداخلية للدولة، والعلاقات الدولية. وهذا يؤدي إلى التداخل والتضارب بين العاملين.
2. مبدأ التواصل الدولي يؤدي إلى الاعتدال العالمي، حيث يجري التعامل مع المشاكل الداخلية في الدول التي تعاني الفوضى في المؤسسات وتفكك التسلسل الهرمي في داخلها من خارج الدولة نفسها، وقد تم إدخال الديمقراطية على السياسة الداخلية لهذه الدول عن طريق الوسائل الدولية من مؤسسات ومنظمات دولية وغيرها ( على سبيل المثال المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ومحكمة العدل الدولية، وما إلى ذلك).
3. أيديولوجية حقوق الإنسان (بالمفهوم العالمي وليس المحلي) تشكل مفهوم "الفرد الماهر" باعتباره واقعا أنثروبيولوجيا. هذا المعيار قبل كحقيقة بنيت عليها الأسس القانونية للنظام العالمي الجديد.
4. . ظهر مفهوم جديد، يسمى أحيانا النظام السياسي الدولي للمجتمع العالمي. ويستند هذا النظام السياسي العالمي على توحيد العالم في حقل سياسي مفتوح تماما مع بعض الجيوب الداخلية المغلقة نسبيا، في حين أن الجنس البشري ككل مجتمع يرقى في سياق الترابط العابر للحدود الوطنية.
5 . وهكذا، تشكل موضوع جديد في العلاقات الدولية أبعد من أفكار النظريات الوضعية الكلاسيكية في العلاقات الدولية.
.6. وبما أننا نتعامل مع مجتمع عالمي جديد نوعيا لا يواجه أي معارضة، فقد فتح أفقا جديدا لعلم الاجتماع. ومن هنا، في الواقع، نواجه إيديولوجيات جديدة في العلاقات الدولية، تختلف عن أدوات المدارس التقليدية في العلاقات الدولية التي تفقد أهميتها تدريجيا وبالتالي ضرورة إدراج نظريات اجتماعية جديدة..