انسى كيم الآن.. لقد حان موعد اللقاء بين القوى النووية.. لقاء بوتين وترامب

31.05.2018

في أعقاب إلغاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للقمة التي كان من المقرر عقدها في 12 حزيران مع كيم جونغ أون، أصبحت الأمور أكثر سوءاً:

كوريا: يعد الإلغاء انتصاراً لفريق الأمن القومي في حكومة ترامب، فمعظمهم، إن لم يكن جميعهم، يشعرون بالرعب من احتمال لقاء ترامب مع كيم. من وجهة نظر هذا الفريق سيكون غموض الاجتماع هو النتيجة الأفضل. وإن الحديث عن النموذج الليبي أنجز المهمة، حتى أكثر من إدراج طائرات B-52 في التدريبات مع كوريا الجنوبية.

من الضروري الآن أن تقوم مؤسسة الأمن القومي بتحميل ترامب بمطالب غير قابلة للتفاوض، ولن يكون أمام كيم خيار سوى رفض فرصة إعادة تحديد موعد القمة عن طريق جهود رئيس كوريا الجنوبية "مون جاي إن" أو ربما ترامب نفسه. وستفسر رغبة بيونغ يانغ المستمرة في الحديث من قبل واشنطن على أنها يأس ودعوة لتجديد الضغط.

إيران: لقد سلم وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى طهران ما لا يمكن اعتباره سوى إنذار نهائي. ويتم إبلاغ طهران بتفكيك كامل وجودها الأمني الإقليمي وإلا. ويُقصد بكلمة "وإلا" حملة لزعزعة الاستقرار (اغتيالات، إثارة الاضطرابات الداخلية، وحركات التمرد من قبل الجماعات العرقية والدينية، مثلما حصل في سوريا في عام 2011). أو إذا فشل ذلك سيتم القيام بعمل عسكري مباشر (مثلما حصل في ليبيا في عام 2011 والعراق في عام 2003). بالإضافة لصفعة العقوبات الثانوية على الشركاء، فإن قسوة شروط بومبيو صممت لزعزعة أمل الأوروبيين بأنهم يستطيعون كبح جماح الولايات المتحدة المتهورة في الحرب.

سوريا: على الرغم من تأكيد ترامب المتكرر بأنه يريد إخراج القوات الأمريكية من سوريا، هناك ما يدعو للاعتقاد بأنه يرسخ وجودهم أكثر. وهذا لا علاقة له بهزيمة داعش. ومع البناء المخطط للقوات السنية السعودية والأجنبية الأخرى في المنطقة التي تسيطر عليها الولايات المتحدة والأكراد، فإن الهدف الرئيسي هو إيران. إن سياسة الولايات المتحدة في سوريا يدفعها العداء الإسرائيلي والسعودي لإيران. وتشمل قائمة بومبيو للمطالب الغير قابلة للتفاوض سحب القوات الإيرانية وحزب الله من سوريا. من الغريب كيف أن الولايات المتحدة، التي ينتهك وجود قواتها في سوريا القانون الدولي وربما القانون الأمريكي المحلي، لها الحق في المطالبة بخروج القوات الموجودة قانونياً في سوريا بدعوة من الحكومة المعترف بها دولياً. قامت الولايات المتحدة بتوجيه ضربات جديدة ضد قوات الحكومة السورية ضمن خطتها لمواجهة إيران، في حين تباهت إسرائيل باستخدامها الأول للمقاتلات الأمريكية F-35.

أوكرانيا: اشتدت حدة القتال على خط دونباس. وفي هذه الأثناء تقوم قوات كييف باختبارات لصواريخ "جافلين" المضادة للدبابات التي تلقتها من إدارة ترامب، والتي رفضت إدارة أوباما تقديمها سابقاً. في الظاهر تهدف هذه الاختبارات إلى ردع هجوم روسي، ولكن يمكن استخدام هذه الصواريخ في هجوم ضد قوات دونباس، متبوعاً بإدخال قوات حفظ السلام الدولية. وتعتبر روسيا كأس العالم، من 14 حزيران إلى 15 تموز نافذة زمنية لتنفيذ مثل هذا الهجوم.

البلقان: تدعو مراكز الفكر المرموقة التي جعلت البلقان حطاماً لمدة ربع قرن، إلى مواجهة النفوذ الروسي.

على الرغم من الانهيار المتسارع للمؤامرة المناهضة للدستور لإغراق ترامب من قبل عناصر من الولايات المتحدة (في وكالة المخابرات المركزية، ومكتب التحقيقات الفيدرالي، ووزارة العدل وأماكن أخرى)، فإن الهدف الأساسي للسياسة تم تحقيقه: فقد تم منع الرئيس ترامب عن رغبته المعلنة في تحسين العلاقات مع موسكو. إن معالجة أي من القضايا الإقليمية المذكورة أعلاه يمكن أن تصل إلى أزمة خطيرة في أي لحظة. وسيكون أكثر جدوى العمل مع واشنطن وموسكو. 

في بعض النواحي تعتبر الحرب الباردة الثانية هذه أكثر خطورة من الحرب الأولى. فإن غرائز ضبط النفس والحذر التي تراكمت على مدار عقود من المواجهات قد تلاشت الآن. في الوقت الذي لاتزال فيه الولايات المتحدة وروسيا تحتفظان بترسانات نووية ضخمة، استمرت التكنولوجيا الجديدة في إحراز تقدم سريع في مجالات مثل أسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت وغيرها. كما أنه خلال الحرب الباردة الأولى سعى المخططون الأمريكيون والسوفييت بوعي إلى تجنب الاتصال المباشر بين قواتهم في حروب الوكالة. واليوم تقترب القوات الروسية والأمريكية من بعضها البعض.

من المستحيل أن نعرف إلى أي مدى تخلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تعهده بتحسين العلاقات مع روسيا، أو أنه لم يقصد ذلك منذ البداية. ويجب أن يلتقي الرئيسان بوتين وترامب في قمة رسمية في أقرب وقت ممكن. ويجب أن يبدأ التفاهم المنتج بين الولايات المتحدة وروسيا في القمة.

وقال رونالد ريغان: " لا يمكن كسب حرب نووية ولا يجب خوضها أبداً. والقيمة الوحيدة في دولتينا التي تمتلك أسلحة نووية هي التأكد من أنها لن تستخدم أبداً". ولسوء الحظ تشكل الحرب الباردة الجديدة بين الولايات المتحدة وروسيا مرة أخرى تهديداً وجودياً كبيراً لشعب كل من البلدين وشعوب العالم أجمع. لذلك نحث الرئيس ترامب على اتباع خطوات رونالد ريغان، وبدء حوار مباشر مع الرئيس بوتين بحثاً عن ترتيبات أمنية موثوقة. وكما قال الرئيس ترامب مراراً وتكراراً: فقط الكارهين والحمقى لا يفهمون أن العلاقات الجيدة بين الولايات المتحدة وروسيا مفيدة أيضاً لأمريكا. ويشعر الرئيس بوتين بكل المؤشرات بنفس الشعور بالنسبة لبلاده، ويجب ترتيب قمة في أقرب وقت ممكن.

لا يجب أن يعتقد أحد أن توسل البيت الأبيض يمكن أن يغير السياسة الأمريكية. ومع ذلك إذا كانت هناك عناصر من فريق ترامب لا تتعارض تماماً مع فكرة القمة، فقد يؤدي عرض الدعم العام إلى تعزيز قضيتهم ضد المعارضين. 

والأهم هو ترامب نفسه. فإذا كان ترامب على استعداد لعقد قمة مع كيم بسبب الأسلحة النووية، فيمكنه أن يفعل ذلك مع الرئيس الوحيد على هذا الكوكب الذي يمتلك أسلحة نووية كافية لتدمير الولايات المتحدة. 

حصل أوباما على جائزة السلام التي قُدمت له لمجرد كونه أسود وفاز في الانتخابات. وعلى النقيض من ذلك، إذا أراد الرئيس ترامب الحصول على جائزة السلام هذه فيجب عليه العمل من أجل الحصول عليها.