ما العلاقة بين أزمة النظام وضرورة المقاومة؟

11.02.2019

استبق أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله المطالبين بحصرية السلاح بيد الدولة بكشف ضعفهم حتى بالدفاع عن أنفسهم، فكيف عن مساحات فيها ملايين الناس المتنوعة؟

اقتراح السيد استراتيجي على الرغم من أن الإجابة عنه واضحة، لكن أهميته تتركز في حشر «العاملين اللبنانيين» في النظام السياسي من بين الموالين للخارج الأميركي والخليجي والإسرائيلي وفضحهم.

فجاء اقتراح أمين عام حزب الله باستعداده لتأمين دفاع جوي مجاني من إيران للبنان، أشبه برمية شديدة أصابت المنادين بحصرية السلاح بيد الدولة بما يشبه البُكم المؤقت بانتظار تدبّر شعارات جوفاء جديدة.

كيف بدأ هذا الأمر؟

انتبهت قيادة الحزب الى الترابط بين انتصاره في الميدان السوري واتساع دوره الإقليمي في العراق واليمن مع ارتفاع أصوات داخلية تطالب باستراتيجية دفاعية لبنانية تحصر السلاح بيد الدولة. وهذه تعابير ملتوية هدفها نزع سلاح المقاومة.

كما ربطت القيادة هذا التصعيد بتشكيل الحكومة الحالية، لهدفين اثنين: إبعاد المقاومة عن الحكومة الجديدة أو حصر دورها الوزاري في أضيق الأطر أي بمقاعد وزارية محدودة وثانوية.

لم يتأخر الحزب في تطويق هذه الاتجاهات فأصابها كاشفاً في الوقت نفسه أن العجز عن الدفاع عن لبنان، هو جزء بنيوي من أزمة نظام سياسي ضعيف تمنعه ارتباطاته الإقليمية والدولية من أي إنجاز وطني وتحولُ طوائفيته المتكئة على الإقليم ايضاً دون الدفاع عن البلاد.

للتوضيح فإن مرامي العرض إقفالُ ثغرة عسكرية كبيرة تمنع الجيش اللبناني من الدفاع عن السيادة جواً وبحراً باعتبار أن إمكانية الدفاع عن البر موجودة بالتحالف بين الجيش والمقاومة، لكن هناك سلاح جو اسرائيلي متطوّر يجول في الأجواء اللبنانية وكأنه يرتاد مقهى لاحتساء القهوة، وهي انتهاكات يومية ودائمة تحوّلت مع الوقت وسائل لقصف سورية من أجواء لبنان أيضاً، ولولا الضغط الداخلي من بعض القوى الوطنية لما تجرأت الدولة اللبنانية على التقدم حتى بشكوى ضد «إسرائيل» في الامم المتحدة.

هذا الداخل اللبناني اصيب من عرض السيد بضربة على أُم رأسه، مسجلاً إجابات خرقاء غير منطقية، فما معنى الزعم بأن لبنان يُنسقُ سياساته الدفاعية مع جامعة الدول العربية، فهل منع هذا التنسيق انتهاكات الطيران الإسرائيلي؟ وهل حال ارتماء السياسة اللبنانية في الأحضان الأميركية الخليجية دون هذه الخروق اليومية البحرية والجوية؟

هناك سؤال أكثر أهمية ويبدأ بالتساؤل لماذا لا يبيع الغرب لبنان سلاحاً جوياً؟

ويمنعه من امتلاكه من مصادر أخرى؟ ألم تعرض روسيا علينا أسلحة جوية مجانية ورفضناها، ألم توجه إيران أكثر من مرة عروضاً بأسلحة مجانية؟..

ما يدفع الى الاستنتاج بوجود سياسة أميركية خليجية بمنع لبنان من امتلاك اسلحة دفاع جوي، لكن هذا لا يكفي. فالتتمة هي في وجود نظام لبناني يستجيب لهذا الرفض وينفذه حرفياً، وذلك بسبب ضُعفه البنيوي المنبثق من ارتباط مكوّناته الطائفية بقوى الخارج الإقليمية والدولية، فالسيطرة الأميركية الخليجية على معظم قوى النظام الطائفي تجعل هذا النظام عقيماً لا عمل له على المستوى الوطني إلا التحاصص في الصفقات الاقتصادية واختراع نأي بالنفس لا يطبقه إلا في الامتناع عن شراء أسلحة للدفاع عن لبنان.

بل يتوغل أكثر في الإصرار على نزع سلاح مقاومة له مهمة وحيدة وهي الدفاع عن البلاد من دون الاستثمار السياسي على الطريقة الطائفية المعهودة في لبنان.

ويبدو أن الفريق الخليجي الأميركي في الداخل يعمل بدقة على هدي تطور السياسة الخليجية نحو التحالف مع «إسرائيل» فاختبأ خلف الخطاب السياسي للوزيرة الشدياق التي تجسدُ بشكل كامل هذه السياسة الخليجية الجديدة، الرافضة لسلاح المقاومة.

وهذا يعني أنها موافقة على الاجتياحات الاسرائيلية للبنان. وهذا ليس غريباً عن قوى دخلت الى بيروت عام 1982 على متن الدبابات الإسرائيلية؟

هذه هي أزمة النظام التي كشفها السيد حسن نصرالله وهذه هي الأزمة التي تتطلب واحداً من حلين: اما تسليح الجيش بشبكات دفاع جوي وأسلحة بحرية تمنع «إسرائيل» من سرقة موارد الغاز والبترول وانتهاك الأجواء، وإما عدم الاعتراض على امتلاك المقاومة أسلحة موازية ليس على النظام الطوائفي تحمل تبعاتها أمام معلميه في الخارج.

بأي حال تجدُ المقاومة نفسها في وضعية المُضطر الى امتلاك سلاح جوي لأنها مستهدَفة من عدو إسرائيلي يستعمل تفوّقه الجوي لإيذاء لبنان والسبب أن هذا النظام اللبناني لن يتجرّأ أبداً على قبول أسلحة من أي مصدر غير غربي أو خليجي والسياسة الأميركية الخليجية ذاهبة نحو فرض تطبيع خليجي إسرائيلي على حساب لبنان وفلسطين وسورية، لكن المقاومة ذاهبة باتجاه الدفاع عن بلادها في إطار حلفها الإقليمي بالتعايش مع نظام سياسي لبناني يواصل السقوط التاريخي نحو الهاوية.