لعبة تغيير العلاقات بين الهند والصين
يتوجه مستشار الأمن القومي "أجيت دوفال" إلى الصين لإجراء محادثات في الفترة من 23 إلى 25 تشرين الثاني مع ووزير الخارجية الصيني "وانغ يي". ستكون هذه الجولة الأخيرة من المحادثات بهذا الشكل خلال الفترة المتبقية لحكومة رئيس الوزراء الهندي "ناريندرا مودي". وقد وفر هذا الشكل فرصة فريدة لتغطية جميع جوانب العلاقات الثنائية، باستثناء بذل الجهود لحل النزاع الحدودي. لكنها لم تُستغل بالقدر الكافي في السنوات الأخيرة.
ومع ذلك، هناك أهمية إضافية للمحادثات، فسوف يجتمع مودي مع الرئيس الصيني "شي جين بينغ" في الأرجنتين على هامش قمة مجموعة العشرين وبعد ذلك بفترة وجيزة، سيزور وانغ الهند في كانون الأول.
هذه التبادلات العالية المستوى تجري في خلفية مواتية. منذ قمة ووهان غير الرسمية بين رئيس الوزراء مودي والرئيس شي في نيسان، تحسن مناخ العلاقات الصينية-الهندية بشكل ملحوظ في جميع المجالات تقريباً، وفي العلاقات العسكرية، على وجه الخصوص. يكفي القول بأن هناك فرصة متاحة للارتقاء بالعلاقات الهندية الصينية إلى مستوى جديد نوعي.
يكمن التحدي في تعزيز المحتوى الاقتصادي للعلاقة. ويتطلب هذا من جانب الهند، الابتعاد عن مخاوف المانويين من أي ترابط اقتصادي مع الصين.
في حين أن الاعتماد المتبادل بين الطرفين يمكن أن يكون مفيداً بشكل متبادل ويمكن أن يجعل أي علاقة أكثر استقراراً. هذا هو الدرس الذي يمكن أن نستخلصه من حرب التعرفة الأمريكية - الصينية الأخيرة. ومما لا شك فيه أن الترابط الاقتصادي بين القوتين الكبيرتين قد ضمن أنه لن تكون هناك حرب باردة جديدة بينهما.
بدأ ترامب بشكل علني يتحدث عن صفقة مع الصين التي كانت على الأبواب. وقال في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض يوم الأربعاء: "سنقوم (هو والرئيس الصيني شي جين بينغ) بعقد اجتماع جيد (على هامش قمة العشرين في الأرجنتين) وسنرى ما يمكننا القيام به. لكن عليّ أن أقول هذا: إن مليارات الدولارات سوف تتدفق قريباً على خزانة بلادنا من الضرائب التي تدفعها الصين لنا ... ولكننا سنحاول عقد صفقة مع الصين لأنني أريد أن أقيم علاقات عظيمة مع الرئيس "شي"، وكذلك مع الصين".
من الواضح، أن ترامب يستشعر أن أمريكا ستستفيد من التعاون مع الصين، ويمكن أن يستفيد من هذه العملية أيضاً في محاولة إعادة انتخابه في عام 2020.
من المنظور التاريخي، تكمن قوة مودي أيضاً في السعي إلى التقارب مع الصين. لكن ضاع الكثير من الوقت، حوالي 80 في المائة من فترة ولايته البالغة خمس سنوات. ومن المؤكد أن الوقت قد حان لتوضيح أهمية الهند في الانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق، التي تملك القدرة على تغيير قواعد اللعبة.
وقد كان موقف الهند ضد مبادرة الحزام والطريق ناتج عن دعاية واسعة النطاق واستفزاز بلا داع. على العكس من ذلك، ما نشهده اليوم هو أن معايير مبادرة الحزام والطريق تتطور بشكل مطرد وأن بكين تضعها في مكانة قوية لضخ قوى السوق وجعلها متساوية مع المعايير العالمية. إن خطة الصين لإشراك البنك الدولي كمستشارين للممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني وفتحه لمشاركة دولة ثالثة هي دليل على ذلك.
وتتابع الهند في الوقت نفسه، باهتمام أن الصين أرسلت إشارة واضحة للغاية تعطي الأولوية لتقدم مبادرة الحزام والطريق بالاشتراك مع اليابان في الاهتمام العام بالتطوير العالي الجودة للمشروع. كان هناك منذ العام الماضي، انعكاس دراماتيكي لموقف اليابان تجاه مبادرة الحزام والطريق، الذي كان في السابق متناقضاً ومليئاً بالشكوك.
وتقدر اليابان أن العمل مع الصين وتعزيز المبادرة بشكل مشترك سيعطي دفعة جديدة لتعزيز مكانة اليابان في آسيا وفي المشهد الجيوسياسي والاقتصادي العالمي، وزيادة الفرص للشركات اليابانية لتوسيع أعمالها. وكانت أحد التعليقات الأخيرة في منتدى شرق آسيا:
"بالنسبة لليابان، إنها طريقة براغماتية لإشراك الصين. بينما يبحث صانعو السياسة الصينيون عن طرق لتحسين توزيع رؤوس الأموال الضخمة في الخارج، فإن لدى اليابان خبرة في القيام بالشيء الذي يعود إلى السبعينيات بما في ذلك الضغط الجيوسياسي. إذا فهمنا أن الحزام والطريق جاهزة للبقاء، فإن المشاركة اليابانية يمكن أن تشكل الاستثمارات الضخمة والحصول على المزيد من الأعمال لشركاتها. كما أنه جزء من عملية تحوط أوسع ضد علاقة اليابان والولايات المتحدة غير الموثوق بها على نحو متزايد ".
انضم رئيس الوزراء الياباني "شينزو آبي" خلال زيارته لبكين في تشرين الأول، إلى منتدى التعاون السوقي الثالث بين الصين واليابان. الهند هي المكان المثالي لتوفير المسرح لبكين وطوكيو لبدء التعاون في السوق من طرف ثالث. كونها أكبر ثلاثة اقتصادات في آسيا، كما أن الصين، واليابان، والهند، جميعها لها مزاياها واحتياجاتها. ويمكن للدول الثلاث تحقيق التآزر الإيجابي. وقد أكدت كتابات صينية حديثة أن بكين منفتحة على الفكرة.