حامي إسرائيل غير الممجد: أوباما
مع دخول إدارة أوباما في عامها الأخير، قال عدد من المسؤولين إن الرئيس أوباما حاول بشكل محبط إحياء محادثات السلام في الشرق الأوسط وقد وضع خطته الخاصة لاتفاقية السلام القائمة على أساس حل الدولتين بين الاسرائيليين والفلسطينيين، في شكل قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وإذا حدث ذلك، فإن ردود الفعل ستكون في أن يعارض رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو ذلك، وسوف تبدأ جوقة السياسيين والمعلقين الأميركيين بالإشارة إلى أنه من غير مسبوق - حتى من غير المتصور - أن يدعم رئيس أمريكي قرارا في مجلس الأمن دون موافقة إسرائيل، بدلا من اسقاطه.
عندما انتشرت تقارير مماثلة، في الربيع الماضي، قال السيناتور جون ماكين من أريزونا إن مثل هذا الإجراء من شأنه أن "يتعارض مع السياسة الأمريكية لآخر 10 رؤساء للولايات المتحدة.". وقدم رئيس الجلسة الجمهوري وعضو ديمقراطي في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب رسالة احتجاج نصت على أن "الولايات المتحدة قد استخدمت لعقود حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن للأمم المتحدة لحماية إسرائيل من ضغوط لا داعي لها في المنظمة الدولية.". وكانت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ طلبت تأكيدات على ضمان عدم تغيير هذه السياسة.
ولكن من الواضح أن هذه الاحتجاجات " بأن الرئيس أوباما سيرتكب خيانة غير مسبوقة للعلاقة الأمريكية الإسرائيلية إذا لم يمنع كل قرار في مجلس الأمن يتحدى الإجراءات أو مواقف الحكومة الإسرائيلية" هي غير منطقية.
تتلاشى هذه الاحتجاجات في مواجهة الحقيقة. حيث لأكثر من سبع سنوات، وأوباما لم يسمح بتمرير أي قرار في مجلس الأمن ضد إسرائيل. ولكن دراسة متأنية تبين أنه منذ عام 1967، كل رئيس أميركي كان يسمح بتمرير قرارات في مجلس الأمن توبخ إسرائيل لاتخاذها إجراءات وسياسات عدائية تجاه الفلسطينيين وجيرانها العرب الآخرين.
خلال إدارة "ليندون جونسون"، اعتمد مجلس الأمن سبعة قرارات على الأقل مثل هذه القرارات؛ وفي عهد ريتشارد نيكسون، 15 مرة على الأقل، وفي عهد الرئيس غيرالد فورد، مرتان. وفي عهد جيمي كارتر 14 مرة.
وصل العدد ذروته إلى 21 مرة في إدارة رونالد ريغان، عندما صوتت الولايات المتحدة في عام 1981 لإدانة الهجوم الجوي الإسرائيلي على المفاعل النووي العراقي، الضربة التي هدفت إلى إحباط طموحات العراق النووية. كما دعا هذا القرار إسرائيل لوضع المواقع النووية الخاصة بها تحت المراقبة الدولية. رد مجلس الوزراء الإسرائيلي أنه "مع الأسف العميق، نلاحظ أن الولايات المتحدة، صديقتنا وحليفتنا" قد "أعارت يدها إلى المكان الذي يجلب الباطل إلى إسرائيل."
انتقدت قرارات أخرى خلال إدارة الرئيس ريغان ضم إسرائيل لمرتفعات الجولان، والأنشطة العسكرية في لبنان، وعملياتها ضد منظمة التحرير الفلسطينية في تونس، وأنشطتها في الأراضي المحتلة. وأكدت عدة قرارات على تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة، التي اعتمدت في عام 1949، والمتعلقة بالأراضي المحتلة، وتشمل القدس كذلك، وتنص الاتفاقية أن على دولة الاحتلال " أن تمتنع عن ترحيل أو نقل جزءا من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها". وفي الواقع، سمحت الولايات المتحدة بقرارات تقول إن جميع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية تنتهك القانون الدولي.
في عهد الرئيس جورج بوش الأب، تبنى مجلس الأمن تسعة قرارات تنتقد إسرائيل، بما في ذلك إدانة اقتحام قوات الأمن الإسرائيلية للمكان الذي يطلق عليه العرب " الحرم الشريف" ويعتبر عند الإسرائيليين مكانا مقدسا حيث قتل أكثر من 20 فلسطينيا وأصيب 150 آخرين من المدنيين، ندد سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة بالقرار ووصفه بأنه "من جانب واحد"، معتبرا أنه "يتجاهل تماما الهجوم على المصلين اليهود في عطلة عيد العرش عند الحائط الغربي"، ورفض مشاركة الأمم المتحدة في "أي مسألة تتعلق القدس".
ومن القرارات الأخرى التي سمحت إدارة بوش الأولى بتمريرها كان انتقاد إبعاد إسرائيل للفلسطينيين واختطافها لزعيم ديني لبناني.
انخفض عدد هذه القرارات إلى ثلاثة فقط خلال فترة رئاسة "بيل كلينتون"، التي تميزت جهود السلام بين اسرائيل والفلسطينيين فيها أنها واعدة، ثم ارتفع إلى ستة في عهد "جورج دبليو بوش" الابن، الذي شهد زيادة في العنف مع اندلاع الانتفاضة الثانية. في مايو/أيار 2004، صدر قرار اعتبرته اسرائيل أيضا "من جانب واحد" حيث أدان هدم إسرائيل لمنازل الفلسطينيين في غزة، وفي عام 2002 صدر قرار دعا إلى وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من المدن الفلسطينية، احتجت إسرائيل أن هذا القرار يفتقر إلى "دعوة مماثلة لوضع حد للإرهاب بجميع أشكاله وخاصة التفجيرات الانتحارية."
أما أوباما، وعلى النقيض من أسلافه، فقد حمى تماما إسرائيل من هذه القرارات. هذه الحقيقة توضح أن رئاسته تتداخل مع الحكومات التي تعتبر من بين أكثر الحكومات اليمينية في تاريخ إسرائيل، أي الحكومات التي تحدت باستمرار وبشكل علني جهود السلام التي تقودها الولايات المتحدة والسياسة الأمريكية في معارضة التوسع الاستيطاني.
هذه الملامح في سياسة أوباما المتعلقة بقرارات الأمم المتحدة ظهرت في عام 2011، عندما اعترضت الولايات المتحدة على مشروع قرار متعلق بالمستوطنات الإسرائيلية. وفي تصريحات تشرح سبب تصويتها، أوضحت سوزان رايس، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة حينذاك، أن الإدارة اعترضت على القرار لا على المضمون، وذلك بسبب المخاوف من أنه يمكن أن يضر بجهود مفاوضات السلام. وبعبارة أخرى، تأمل الإدارة أن هذا الاعتراض على القرار من شأنه أن يشجع حكومة نتنياهو على الانخراط بصورة بناءة في جهود السلام.
ولكن هذا لم يحدث. فسياسات نتنياهو، وكلماته وأفعاله (وخاصة استمرار التوسع الاستيطاني ومصادرة أراضي جديدة)، أثبتت أن تكتيك أوباما كان غير فعالة، وربما أتى بنتائج عكسية.
أنصار السلام الإسرائيلي-الفلسطيني، لديهم بعض الأمل في أن السيد أوباما، الذي طالما حمى إسرائيل، هو الآن على استعداد لتبني إجراءات مجلس الأمن التي تتعلق بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
حل الدولتين هو السبيل الوحيد للحفاظ على أمن إسرائيل وطابعها كدولة يهودية وديمقراطية، في الوقت الذي يحقق الحرية والكرامة والسيادة للفلسطينيين. نأمل في أن الرئيس أوباما الآن قد أدرك أن الحفاظ على هذا الحل للمستقبل هو الإرث الأكثر أهمية الذي يمكن يترك في هذا المجال. ولكن لتحقيق ذلك، يجب أن يكون على استعداد لمقاومة، المخاوف المعادية للسلام في إسرائيل والولايات المتحدة، ويجب أن يكون على استعداد للدفاع عن المصالح الأمريكية في تحقيق السلام في الشرق الأوسط، والوقوف مع حلفاء أمريكا في مجلس الأمن في دعم حل الدولتين.
إذا لم يفعل ذلك، فإن الرئيس أوباما لن يكون خائنا لإسرائيل. وسيكون صديقا حقيقيا لإسرائيل. وإنه سوف يسير على خطى جميع الرؤساء الثمانية الآخرين اللذين سبقوه منذ عام 1967، من الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء.
لارا فريدمان، نيويورك تايمز
لارا فريدمان، موظفة سابقة في الشؤون الخارجية في الولايات المتحدة الأمريكية، ومديرة العلاقات السياسة والحكومية لمنظمة (أميركيون من أجل السلام الآن)، وهي تابعة لمنظمة (السلام الآن) الإسرائيلية.