دمشق تنقل الصراع بمهارة من "المنطقة الأمنة" إلى "اتفاق أضنة" مع تركيا
اعتبر نائب رئيس مجلس الشعب، نجدت أنزور، أن عرض روسيا لإعادة تفعيل «اتفاق أضنة»، يأتي من منطلق أن «ضرراً أصغر يقوم بدفع ضرر أكبر».
وفي تصريح لـ"الوط" السورية، قال أنزور: إن «النقلة مما يسمى «المنطقه الآمنة» إلى «اتفاق أضنة»، فيها مهارة عالية، إذ إنه ينقل شكل الصراع إلى أصله ويثبت فيه إرادات الدول، فهذا اتفاق تم بين دولتين لهما إرادة سياسية كاملة، وفي تفاصيل الاتفاق هناك جهات مراقبة متبادلة وأصول حتى لشكل وآليات مكافحة أي ظاهرة تضر بالأمن القومي التركي، ولا يترك الموضوع على هواه كما يطلب التركي»، لافتاً إلى أن المسافة المذكورة في نص الاتفاق هي 5 كم هي بالتنسيق مع الأجهزة السورية ولعمل غير موسع أبداً.
وبين أنزور أن إخفاق العدو الإسرائيلي في ترسيخ الاشتباك مع الدولة السورية بالوكالة من خلال البنى الإرهابية الضخمة جداً، اضطره إلى أن يعيد شكل الصراع إلى قواعده الأصلية، أي الاشتباك المباشر، موضحاً أن هذا الأمر حتى لو كان مكلفاً ومؤلماً، إلا أنه أوضح وسيوحد البنى المجتمعية كافة خلف مؤسسات الدولة الوطنية.
من جهته قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن "اتفاق أضنة" المبرم بين أنقرة ودمشق عام 1998، يتيح لتركيا دخول الأراضي السورية عند حدوث أمور سلبية تهدد أمن بلادنا".
وأضاف أردوغان أن "ما يجري في حدودنا مع سوريا وراءه حسابات تتعلق بتركيا وليس بسوريا". "لسنا بحاجة لدعوة أحد، نحن ضمنا بالفعل حق التدخل (ضد الإرهاب في سوريا) عبر اتفاق أضنة 1998".
وتعليقاً على "اتفاق أضنة" الذي بقيت بنوده سرّية منذ التوقيع عليها، قال أستاذ القانون الدولي العام الدكتور أيمن سلامة لـ"سبوتنيك" إن "الاتفاقيات السرية مثل الاتفاقيات الشفهية غير المحررة لا يعتد بها أمام منظمة الأمم المتحدة وهيئاتها المختلفة ومنها بالطبع محكمة العدل الدولية، حيث يلزم ميثاق المنظمة (م 102) بإيداع المعاهدات والاتفاقيات المحررة لدى الأمانة العامة لمنظمة الأمم المتحدة، وهنا يقوم الأمين العام للمنظمة بتسجيلها في أمانة المنظمة". مشيراً إلى أن هناك "أكثر من 30 ألف معاهدة واتفاقية دولية مسجلة لدى UN حتى تسعينيات القرن الماضي".
وأضاف سلامة أن "إيداع وتسجيل ونشر المعاهدات الدولية من جانب الأمم المتحدة يعد حجة فقط على الدول المودعة لهذه المعاهدات وذلك تأكيداً للأثر النسبي للمعاهدات الدولية، لكن المعاهدات والاتفاقيات السرية والشفاهية يجوز الاعتداد بها أمام الهيئات والمؤسسات الدولية خارج منظمة الـUN مثل هيئات التحكيم الدولية "تدليلاً".
وبينما استند الخميس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى "اتفاق أضنة" المبرم بين أنقرة ودمشق عام 1998، لتبرير تدخل قواته في سوريا، أكدت دمشق، اليوم السبت، التزامها بـ"اتفاق أضنة للتعاون المشترك مع تركيا والاتفاقيات المتعلقة بمكافحة الاٍرهاب بكافة أشكاله من قبل الدولتين"، وقالت في الوقت ذاته إن "تركيا تخرقه باستمرار".
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية قوله "إن "سوريا تؤكد أنها مازالت ملتزمة بهذا الاتفاق والاتفاقيات المتعلقة بمكافحة الاٍرهاب بأشكاله كافة من قبل الدولتين، إلا أن النظام التركي ومنذ عام 2011، كان ولا يزال يخرق هذا الاتفاق عبر دعم الاٍرهاب وتمويله وتدريبه وتسهيل مروره إلى سوريا، أو عبر احتلال أراض سوريا من خلال المنظمات الإرهابية التابعة له، أو عبر القوات المسلحة العسكرية التركية بشكل مباشر".
وتابع المصدر قائلاً "بالتالي فإن الجمهورية العربية السورية تؤكد أن أي تفعيل لهذا الاتفاق يتم عبر إعادة الأمور على الحدود بين البلدين كما كانت، وأن يلتزم النظام التركي بالاتفاق ويتوقف عن دعمه وتمويله وتسليحه وتدريبه للإرهابيين، وأن يسحب قواته العسكرية من المناطق السورية التي يحتلها، وذلك حتى يتمكن البلدان من تفعيل هذا الاتفاق الذي يضمن أمن وسلامة الحدود لكليهما".
ومن جانبها عبرت روسيا عن موقفها بشأن ذلك الاتفاق إذ أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى قبوله بذلك الاتفاق مع تحفظه على "المنطقة العازلة" وقال إنه "تم إبرام اتفاق أضنة لعام 1998 بين تركيا وسوريا، ويتمثل جوهرها في القضاء على مخاوف تركيا بشأن أمنها. وافقت قيادة الجمهورية العربية السورية على إبرام هذه الاتفاقية، وتحملت التزامات معينة، ونحن نفترض أن هذه الاتفاقية لا تزال سارية المفعول. كما أفهم، فإن الدول المشاركة في هذا الاتفاق تعتقد هذا أيضا".
لكنه قال في الوقت ذاته خلال مؤتمر صحفي مع نظيره المغربي أمس: "بالنسبة للمناقشات حول المنطقة العازلة، المنطقة الأمنية، لا يمكن أن يكون هذا موضوع اتفاق بين روسيا وتركيا. يجب أن يكون هذا خاضعاً للاتفاق بمشاركة الحكومة السورية، لأن الحاجة في نهاية المطاف تتمثل باستعادة الحكومة السورية السيطرة على كامل أراضيها، بما في ذلك المنطقة الأمنة، وهو أمر واضح للجميع".
وشدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من جانبه على ضرورة طرح هذا الاتفاق للنقاش مجدداً، وقال إن أنقرة ليست لديها مطامع احتلالية في سوريا. وتابع: "نحن لم نكن دولة قبائلية في السابق، وحالياً لسنا كذلك، ولن نسمح بإعادة ترتيب أراضينا أو تقاسمها بين الدول"، مضيفاً: "كافحنا طوال 16 عاماً من أجل الحفاظ على قوة تركيا، وهناك من ينتظر سقوطنا".