بريكس.. نموذج جديد لتعاون عالمي
يحدثنا السفير الروسي لدى المملكة المتحدة، ألكسندر ياكوفينكو، عن دور وأهمية منظمة بريكس، وجهودها لتعزيز التواصل السياسي والإقتصادي والتقني بين أعضاء هذه المنظمة، (التي تضم أكبر خمسة إقتصادات واعدة في العالم – البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب أفريقيا) على النطاقين الإقليمي والعالمي.
أصبحت منظمة "بريكس" قوة عابرة للقارات ذات اقتصاد متين ضمن النظام الحالي للحوكمة العالمية. لا يوجد أمر ثوري أو تمردي في هذا المفهوم. وقد تطورت الحركة من خلال نشاط أعضائها وهم مؤسسيها وتكثيف التفاعل بينهم، وأثبتوا القدرة على المساهمة في الازدهار والأمن العالمي. وازدادت مساهمة بريكس في الناتج المحلي الإجمالي إلى 31 في المئة مقارنة مع 24 في المئة في عام 2007
وقد عكست قمة بريكس الثامنة التي تمت استضافتها في الهند في مدينة غوا في فترة منتصف أكتوبر/تشرين الاول الفائت، مستوى عاليا من التعاون القائم على البعد الاستراتيجي ضمن هذه المنظمة، كما تم تقديم فرص إضافية لإجراء دمج حقيقي بين أعضاء البريكس. وعكس المؤتمر كفالة استمرار آلية الدعم كما اتخذت المبادرات التي تم طرحها في مدينة اوفا، روسيا، في عام 2015.
أسفرت قمة بريكس عن اعتماد إعلان غوا ووضع خطة عمل لتنفيذه، كما تم لحظ التخفيضات الجمركية في لجنة التعاون وكذلك ادراج نص مذكرة تفاهم لتأسيس منصة أبحاث بريكس الزراعية ومذكرة تفاهم بين الأكاديميات الدبلوماسية في الدول الأعضاء .
يدل هذا بوضوح على أن دول بريكس لا تزال ملتزمة بالتطوير الشامل للنمو الاقتصادي والاستقرار المالي، وكذلك في تشكيل نظام عالمي ديمقراطي متعدد الأقطاب. وتتخذ الدول الأعضاء مواقف متقاربة بشأن القضايا العالمية والإقليمية الحالية، كما تدعو إلى اتخاذ إجراءات حازمة لمكافحة الإرهاب وبذل الجهود المشتركة لمواجهة التهديدات والتحديات المشتركة الأخرى. حيث لا أحد يملي على أحد، وكل الأمور تخضع لتوافق في الآراء.
لقد تم توضيح التعاون الاقتصادي والمالي من خلال تأسيس مصرف التنمية الجديد وبدء عمل مجلس الاحتياط المشروط. وقد وافق بنك التنمية بالفعل على أول خمسة مشاريع للاستثمار في قطاع الطاقة النظيفة (مشروع واحد في كل دولة من الدول الأعضاء). وحسب جدول الأعمال
سيكون تنفيذ هذه المشاريع وتمويلها من خلال العملات الوطنية لدول بريكس. كما تم إعداد خارطة طريق للتعاون الاستثماري، ومنظومة بريكس مستعدة لاعتمادها، وستبدأ تنفيذ استراتيجية الشراكة الاقتصادية عام 2020.
وكلاعب عالمي الآن، تعمل منظومة بريكس على تنويع أنشطتها عن طريق زيادة عدد المبادرات في مجال التعاون الصناعي والعمالة والتوظيف، والتعليم، والزراعة، والتعامل مع آثار الكوارث الطبيعية وتغير المناخ والتهديدات الصحية العالمية، بما في ذلك الإيدز، والإيبولا، وزيكا ومرض السل. في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، ستستضيف روسيا المؤتمر العالمي رفيع المستوى والمعني بمرض السل، الذي سيبحث خطوات مكافحة هذه الأوبئة وغيرها من الأمراض الخطيرة.
كما تشارك منظمة بريكس في المحادثات مع دول أخرى غير دول المنظمة، لتعزيز التعاون الاقتصادي العالمي. وعلى هامش القمة، اجتمع قادة دول بريكس مع رؤساء الوفود من خليج البنغال في مبادرة للتعاون متعدد القطاعات، تشمل التعاون التقني والاقتصادي .وقد تم الاتفاق على "إثراء التفهم والشراكة مع المنظمة" من خلال تنظيم قمة BIMSTEC على أرض النمسا في المستقبل القريب والعاجل.
في هذا الاطار عقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أيضا محادثات ثنائية بناءة جدا، كما تم توثيق الاتفاقات الموقعة بشأن التعاون في مجالات المعلومات والاتصالات، والتعاون العسكري والنفط والغاز، وتطوير السكك الحديدية عالية السرعة، ونشر أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية... الخ.
هذا التفاعل الديناميكي عكس أداء أقوى بكثير لمنظمة بريكس، الى درجة أن بعض المنتقدين أصبحوا على أهبة الاستعداد للاعتراف بفعالية المنظمة. فهو يزيد من القدرة التنافسية العالمية للدول الأعضاء فيها، ويخفض الحواجز أمام التجارة والاستثمار، فضلا عن تعزيز أصواتهم في مناقشة جدول الأعمال الاقتصادي والسياسي.
وقد أجمع أعضاء بريكس على التزامهم بالدبلوماسية متعددة الأطراف، وسيادة القانون، وعلى الدور الرئيسي للأمم المتحدة في الشؤون الدولية.
كما تجدر الإشارة إلى أن بريكس تقف ضد أية تحالفات مشتركة لها تشابكاتها المعقدة. الدول أعضاء بريكس لا تعارض أي شخص أو أي شيء، ولكن بشكل جماعي يعزز الأعضاء مصالحهم الوطنية. والتي يتم توضيحها ضمن تعاريف الإحداثيات الحقيقية لعالم اليوم ومع قضايا التنمية على رأس الأولويات في جدول الأعمال.
وبالنسبة لروسيا، يعتبر هذا التحالف عنصرا رئيسيا لمحور الجغرافية الاقتصادية مع آسيا وشبكة الدبلوماسية الدولية بشكل عام.