أستانا العاشر ... تركيا والإنذار الأخير!!
أنجز أمس الثلاثاء 31 تموز/يوليو، اللقاء العاشر من اجتماعات أستانا، على أرض مدينة سوتشي الروسية، حيث جاء في مسودة البيان الختامي لهذا اللقاء، تأكيد كل من الدول الضامنة ( روسيا، إيران، تركيا)، على إنهاء الحرب في سوريا وإعادة النازحين واللاجئين ورفض الأجندات الانفصالية.
وعقب إعلان البيان الختامي، عقد رئيس الوفد الرسمي السوري، الدكتور بشار الجعفري، مؤتمرا صحفيا، تحدث فيه عن آخر التطورات الحاصلة عسكريا وسياسيا في بلاده، وعن مخرجات هذا اللقاء، مشيدا بنتائج هذه الجولة من الاجتماعات، خاصة وأن هذا الاجتماع أنتج بعض "الأفكار الهامة"، كبحث موضوع عودة السوريين إلى وطنهم، مبينا أيضا أن "المعوق الرئيسي" الذي يمنع عودة السوريين إلى وطنهم، هو استمرار فرض "الإجراءات القسرية الأحادية" على سورية.
"تركيا وللمرة العاشرة تنقض تعهداتها، في البيان الختامي لاجتماعات أستانا"، هكذا بدأ الجعفري مؤتمره، تعليقا على ما يخص الاحتلال التركي، لمناطق في شمال سوريا، حيث شددّ أن الخلل الأساس في تطبيق مخرجات إستانا جميعها، يقع على الجانب التركي حصرا، مبينا أن تركيا لم "تحترم التزاماتها" بموجب إنشاء "منطقة خفض التصعيد" في إدلب، حسبما تم الاتفاق عليه في اجتماع إستانا الرابع، "امتحان" لصدقية النوايا التركية.
كما أكد الجعفري أن السلطات التركية لم تقف عند حد "العدوان والاحتلال العسكري" وانتهاك السيادة السورية فقط، بل قامت بممارسات "خطيرة للغاية"، تنتهك أيضا القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، مثل إحلال "الهوية التركية" و " العملة التركية" و "العلم التركي" عوضا عن الهوية والعملة والعلم السوري، في المناطق المحتلة من قبلها، واصفا إياها بأنها فعلت تماما، مثلما قامت به إسرائيل في الجولان السوري المحتل، ليخلص بقوله أن السلطات التركية تتحدث "بلسانين" لسان منافق يقول أنه يحترم السيادة السورية، ولسان آخر "أكثر" نفاقا، يقوم بكل هذه الأعمال "المشينة"، والتي تنتهك السيادة السورية.
وفي إجابته على جملة من الأسئلة الموجهة له، من صحفيي وسائل إعلامية مختلفة، فيما يخص الشأن التركي، أكد الجعفري أنه من حق الحكومة والشعب السوري أن يستعيد كل "الأراضي السورية المحتلة"، من قبل تركيا في الشمال السوري، بموجب القوانين والمواثيق الدولية، وبموجب أحكام اتفاق أستانا.
كذلك أوضح الجعفري في إجابته عن سؤال بخصوص "الانتهاكات العشرة" التركية لاتفاق أستانا، وماذا فعلت سوريا حيال ذلك، قائلا: "سبق للعثمانيين أن بقوا في أراضينا أربعمائة سنة، وطردناهم، هذه المرة لن نسمح لهم بالبقاء أربعمائة سنة، ولا أربع سنين، وسنطردهم"، مشيرا إلى أن كافة القوانين والمواثيق الدولية واتفاق إستانا، لجانب الحكومة السورية، حيث انه لا يمكن لتركيا أن "تبرر" احتلالها لجزء من أراضينا، لا هي ولا الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، التي ترعى "الشذوذ" التركي في الشمال الغربي السوري.
وفيما يخص كل من تنظيمي جبهة النصرة وداعش المتواجدين في إدلب, وحول إمكانية دخولهما ضمن أيها مصالحة قد تحصل، أشار الجعفري إلى أن بيان أستانا يعتبرهما "كيانين إرهابيين" وكذلك تعتبرهما قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ولذلك فإن الحديث عن المصالحات الوطنية، لا يشمل هذين التنظيمين الإرهابيين، ووجود كل من النصرة وداعش في إدلب، هو امتحان لمدى "صدقية" الجانب التركي، في تطبيق قرارات مجلس الأمن واتفاقات إستانا.
حقيقة اللافت في هذا المؤتمر والتصريحات فيما يخص الجانب التركي، أنه وللمرة الأولى يفرد رئيس الوفد الرسمي السوري، الدكتور بشار الجعفري، مساحة شبه كاملة خلال مؤتمره الصحفي، كالذي عقده أمس، عقب انتهاء الجولة العاشرة من اجتماعات إستانا، للحديث بالتفاصيل، عن الانتهاكات التركية في الشمال والشمال الغربي السوري، ما يفتح الباب أمام تساؤل وحيد، ومعركة إدلب تقرع طبول حربها، من كل حدب وصوب، استعدادا وجهوزية لتحريرها، من العناصر الأرهابية:
هل كان هذا المؤتمر الصحفي، بمثابة الإنذار الأخير لتركيا، للخروج من الشمال السوري سلما، وإما فهي الحرب والمواجهة لا محالة؟ خاصة وأن الجعفري كان قد أكد أن "لا حل وسط" فيما يخص عودة الأراضي السورية كاملة، مهما كانت النتائج لذلك ...!
بين النصر الاستراتيجي الذي حققه الجيش السوري وحلفاؤه في الجنوب السوري مؤخرا، وبين المعركة القادمة التي حدد بوصلتها الرئيس الأسد بوضوح، أنها في إدلب وعليها، هل تقرأ تركيا جيدا مسار التطورات والأحداث الراهنة ...!