ترامب يشعل أكبر حرب تجارية في التاريخ ... فهل ستنجو واشنطن
أعلنت وزارة التجارة الصينية، أمس الجمعة 6 يوليو/تموز، إن الولايات المتحدة انتهكت قواعد منظمة التجارة العالمية وأطلقت أكبر حرب تجارية في التاريخ، بفرضها رسوم استيراد بنسبة 25 بالمئة على البضائع الصينية.
وقالت وزارة التجارة في بيان: إن "الولايات المتحدة بدأت في 6 يوليو، بفرض رسوم الاستيراد بنسبة 25 في المئة على بعض السلع الصينية بقيمة 34 مليار دولار" مشيرة إلى أن " الولايات المتحدة انتهكت قواعد منظمة التجارة العالمية وبدأت أكبر حرب تجارية في التاريخ الاقتصادي".
في سياق متصل، أفاد مسؤولون أوروبيون بأن الصين تضغط على الاتحاد الأوروبي لإصدار بيان مشترك قوي في قمة بينهما هذا الشهر للتنديد بسياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التجارية لكنها تواجه مقاومة.
وخلال اجتماعات في بروكسل وبرلين وبكين، اقترح مسؤولون صينيون كبار، بينهم نائب رئيس الوزراء ليو هي ووزير الخارجية وعضو مجلس الدولة وانغ يي، إقامة تحالف بين القوتين الاقتصاديتين وعرضوا فتح المزيد من قطاعات السوق الصيني كبادرة حسن نية.
وأحد المقترحات أن تشرع الصين والاتحاد الأوروبي في تحرك مشترك ضد الولايات المتحدة في منظمة التجارة العالمية.
وبحسب الأخبار اللبنانية فإنه تأتي المواجهة بين الصين والولايات المتحدة، على خلفية توتّر في العلاقات بين واشنطن ودول عدة. ومن مطلع عام 2018، بدأ ترامب خلافاً تجارياً، بفرضه رسوماً جمركية على منتجات كندية وأوروبية وصينية، إذ رأى أن التجارة مع هذه الجهات غير متوازنة لمصلحة بلاده.
وفي السياق، يحذّر الخبراء، منذ أشهر، من أضرار محتملة لمواجهة تجارية مماثلة، ليس فقط على صعيد الاقتصاد الأميركي، بل أيضاً على صعيد الاقتصاد العالمي.
وستشمل الرسوم الأميركية ما مجمله 50 مليار دولار من الواردات الصينية، من أجل التعويض على ما تقول إدارة ترامب إنه «سرقة» للملكية الفكرية والتكنولوجية الأميركية. كذلك، أعرب ترامب عن استعداده لفرض ضرائب على ما قيمته 200 مليار دولار من المنتجات الإضافية، «إذا زادت الصين تعرفاتها من جديد»، رداً على الإجراءات الأميركية. بالتالي، سترفع تلك الإجراءات إلى 450 مليار دولار قيمة المنتجات الصينية التي ستخضع لضرائب، أي الغالبية الكبرى من الواردات من العملاق الآسيوي (505,6 مليارات دولار في 2017).
وحول العواقب قالت "الأخبار" إن المؤسسات الأميركية كانت قد أبلغت الاحتياطي الفدرالي بأنها بدأت تشعر بوطأة الرسوم، من خلال زيادة في الأسعار و«تراجع أو إرجاء في مشاريع الاستثمارات، بسبب القلق المحيط بالسياسة التجارية»، بحسب ما أعلن المصرف المركزي الأميركي، أمس، في خلاصة اجتماعه الأخير في حزيران/يونيو الماضي. إلا أن الرئيس الأميركي تجاهل تلك التحذيرات، في تغريدة الثلاثاء، كتب فيها أن «الاقتصاد لربما هو في أفضل حالاته»، حتى «قبل تعديل بعض أسوأ الاتفاقيات التجارية، وأكثرها إجحافاً، التي تبرمها أي دولة على الإطلاق».
كذلك، أعلن وزير التجارة الأميركي ويلبور روس، أن التوقعات بتباطؤ النمو الأميركي «مبكرة وعلى الأرجح غير دقيقة».
في مقابل ذلك، أشارت صحيفة «نيويورك تايمز»، في أحد مقالاتها إلى ما صدر عن المصرف المركزي، مشيرة إلى أنه «لا يمكنه القيام بالكثير من أجل تخفيف آثار الحرب التجارية». وفيما أوضحت أن «هذا المصرف أظهر قلقاً بشأن التجارة»، إلا أنها ألقت باللائمة عليه لأنه «لم يلمّح (مثلاً) إلى حلّ ما على مستوى معدّل الفائدة». الصحيفة لفتت إلى أنه «عندما اجتمع كبار المسؤولين في البنك الفدرالي، من أجل وضع مسار للسياسة المالية في الولايات المتحدة، أبدى معظمهم أن عدم اليقين قد تكثّف، والمخاطر قد ازدادت». كذلك، لمّح هؤلاء إلى أن «الرسوم وغيرها من الإجراءات السلبية قد يكون لديها تأثيرات سيئة على الأعمال والإنفاق على الاستثمار». وفي السياق، نقلت عنهم إشارتهم إلى أن «عدداً من رجال الأعمال قد قلَّص أو أجَّل الخطط من أجل الإنفاق، نتيجة للشعور بعدم اليقين في ما يتعلّق بالسياسة التجارية».
في غضون ذلك، واصل العديد من المراقبين والمحلّلين التحذير من مفاعيل الإجراءات المتقابلة. وقد شدّدت وكالة «بلومبرغ» على أن «العدائية يجب أن تتوقف فوراً، من أجل مصلحة البلدين». الوكالة أشارت إلى أن «المسؤولية الأساسية في ذلك، تقع على الولايات المتحدة التي أطلقت الطلقة الأولى»، موضحة أن «هذه الرسوم التي فُرضت اليوم ــ ضريبة بنسبة 25٪ على 34 مليار دولار من البضائع ــ ستؤذي المستهلكين والشركات في البلدين».
«ستؤدّي الرسوم الأميركية إلى ارتفاع الأسعار في الداخل، كذلك فإنها ستعاقب الشركات التي تستورد البضائع الوسيطة، مثل البلاستيك»، ذكرت الوكالة. ولكنها أشارت إلى أن «التعريفات الانتقامية التي وعدت الصين بفرضها، ستؤذي المشترين الصينيين، فضلاً عن توجيه ضربة عنيفة للمزارعين والعمّال الأميركيين».
ينطبق هذا الواقع على الوقت الحالي فقط، ذلك أن «القلق الأكبر، يكمن في الضرر على المدى البعيد، الذي سيطاول القواعد والمؤسسات التي تحكم التجارة العالمية»، وفق «بلومبرغ». وفي هذا الإطار، أشارت الوكالة إلى «تهديد ترامب بسحب الولايات المتحدة من منظمة التجارة العالمية»، مشيرة إلى أن «رسومه تنتهك روح الالتزامات الأميركية ورسالتها في هذه المنظمة كعضو». كذلك، فإن هذا الأمر «يدمّر الاستقرار الذي سمح للشركات المتعددة الجنسيات ببناء وجود على المستوى العالمي»، على حد تعبير الوكالة.