رغم العقبات.. تفاؤل بإتفاق وشيك بين روسيا و"أوبك" على أسعار النفط
يبدي مسؤولون من كبريات الدول المنتجة للنفط تفاؤلا باجتماع منظمة "أوبك" المقبل في فيينا، في ظل الحاجة الماسة للتوصل إلى اتفاق لتثبيت إنتاج النفط، وخصوصاً لوضع حد للتأثير السلبي لانخفاض الأسعار على اقتصادات الدول المصدّرة.
وأكد وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك الجمعة 18 نوفمبر/تشرين الثاني، أن روسيا ومنظمة "أوبك" تتجهان نحو اتفاق حول تدابير مشتركة لبث الاستقرار في سوق النفط العالمي.
جاءت تصريحات الوزير الروسي بعد أن عقد اجتماعا في العاصمة القطرية الدوحة مع أعضاء في منظمة "أوبك"، منهم وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح. ووصف نوفاك اجتماعه بالفالح بأنه كان مثمرا.
وقال الوزير الروسي إن تثبيت الإنتاج عند مستوى معين هو أحد الخيارات المطروحة، لكنه أحجم عن الخوض في تفاصيل أو الكشف عن المستوى الذي من الممكن أن يثبت الإنتاج عنده.
وأضاف أنه على يقين بأن "أوبك" يمكنها التوصل لاتفاق في 30 نوفمبر/تشرين الثاني في فيينا، حين تجتمع المنظمة لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق مبدئي بخصوص الإنتاج، لكنه لفت إلى أن من المهم لروسيا أن تلتزم منظمة "أوبك" باتفاقاتها.
وكان اتفاق مشابه باء بالفشل، في أبريل/نيسان الماضي، بسبب خلافات بين إيران والسعودية، حيث ترفض طهران المشاركة بأي اتفاق لتثبيت الإنتاج قبل عودة مستوى إنتاجها إلى ما قبل فرض العقوبات الدولية عليها، بينما تصر الرياض على مشاركة الجمهورية الإسلامية في الاتفاق.
العراق.. عقبة جديدة
وفي حين يبدو أنه تم حل الخلاف مع طهران، تبرز بغداد كعثرة جديدة في سبيل التوصل إلى اتفاق ينهي الزمة، إذ قالت مصادر إن العراق سيضطر لتعويض شركات النفط العالمية في حال فرض أي قيود على إنتاجه من الخام، وهو ما يقلص احتمالات انضمامه لأي اتفاق تتوصل إليه "أوبك" لكبح إنتاج المنظمة.
ومن شأن التعويض المنصوص عليه في العقود أن يزيد حدة الضرر المالي الناجم عن فقدان بعض إيرادات بيع الخام، إذا استجاب العراق، الذي يعاني من أزمة سيولة، إلى دعوات "أوبك" لكبح إنتاج البلاد.
ويدفع العراق، العضو في "أوبك"، لمطوري الحقول النفطية رسوما ثابتة بالدولار عن كل برميل يجري إنتاجه في جنوب البلاد.
وفي حال صدور إشعار، من بغداد، بخفض الإنتاج، فعلى العراق أن يتفق مع الشركات على آلية لتعويض هذه الشركات. وقد يتضمن التعويض تعديل الإطار الزمني لإنتاج الحقل، أو تمديد المدة، أو تعويض المقاول عن جميع الدخل الذي فقده أو جزء منه.
ونقلت وكالة "رويترز"، عن مسؤول نفطي كبير في شركة نفط الجنوب: "إن بلاده لا ينبغي لها أن تقلق من البنود المتعلقة بتقليص الإنتاج لأنه لا نية لديها للحد من الإنتاج". وأضاف المسؤول: "على عكس ذلك، تشجع الشركات الأجنبية على زيادة الإنتاج بقدر ما تستطيع".
واتفقت منظمة "أوبك"، في أواخر سبتمبر/أيلول، بالجزائر، على الحد من إجمالي إنتاجها النفطي إلى ما بين 32.5 مليون و33 مليون برميل يوميا، على أن تحدد حصص التخفيض لكل دولة بنهاية الشهر الجاري خلال اجتماع المنظمة في فيينا.
ورغم العقابات المتوقعه، يبدو الأعضاء في "أوبك"، قريبون هذه المرةً من توافق بشأن الحد من الإنتاج، ففي أسواق الطاقة، ارتفعت أسعار النفط مع تجدد الآمال بتوصل الدول المنتجة لاتفاق لدعم الأسعار العالمية.
وصعد خام القياس الأمريكي "غرب تكساس الوسيط" بحلول الساعة 15:09 بتوقيت موسكو (12:09 بتوقيت غرينتش) بمقدار 13 سنتا، أو 0.29% إلى 45.55 دولار، في حين ارتفع خام "برنت" الأوروبي بمقدار 14 سنتا، أو 0.30% إلى 46.63 دولار للبرميل.
تقترب «منظمة البلدان المصدرة للنفط» (أوبك) من التوصل إلى أول اتفاق لها، منذ عام 2008، لتقييد إنتاج النفط، مع إبداء معظم الأعضاء مرونة أكبر بشأن حجم الإنتاج، وفق ما أعلن وزراء ومصادر في اجتماع غير رسمي عُقد في الدوحة، أمس.
الإتفاق مع إيران
لكن هذا التفاؤل لا يلغي وجود عوائق كثيرة قد تمنع الأطراف من تبنّي استراتيجية جديدة للتصدير، في اجتماعهم الرسمي في فيينا نهاية الشهر الحالي.
وشارك في اجتماع الدوحة عدد من وزراء «أوبك»، من بينهم وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، كما حضر مسؤولون إيرانيون. ووفق مصدر مطلع، فإن أعضاء "أوبك" اقترحوا، خلال الاجتماع، تقييد إيران إنتاجها عند مستوى 3.92 ملايين برميل يومياً، فيما كانت إيران قد صرحت، في وقت سابق، بأنها ستقبل تثبيت إنتاجها بين 4 و4.2 ملايين برميل يومياً.
وفي السياق، أبدى مندوب إيران لدى "أوبك" تفاؤله بأن تتمكن المنظمة من التوصل إلى اتفاق حين تجتمع بشكل رسمي في فيينا. كذلك، أشار الفالح إلى أن الاجتماع سار على ما يرام، في وقت أعرب فيه وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، عن تفاؤله بإمكان توصل "أوبك" إلى اتفاق في فيينا.
إتفاق لا يلبي التوقعات
وبعد عامين على الانخفاض الكبير في أسعار النفط، الذي تسبّب بأضرار لاقتصادات الدول المصدّرة، عبّر مراقبون من "بنك أميركا" لوكالة "بلومبرغ"، عن ثقتهم بأن مجموعة "أوبك" هذه المرة ستعمل على التوصل الى اتفاق. إلا أن بعض التشاؤم ساد سوق النفط، وفق باحث في "كومرسبنك" الذي قال لـ"بلومبرغ"، إنه بالتأكيد سيتم التوصل إلى اتفاق في فيينا، لكن "ليس الاتفاق المنتظر".
وتنبع الحاجة الملحّة للتوصل إلى اتفاق من واقع أن انخفاض سعر البرميل إلى ما دون 50 دولاراً في العامين الأخيرين، قد أثر بشكل سلبي على اقتصادات الدول المصدّرة، من ضمنها السعودية التي هي اليوم في "موقع حرج"، وفق فرانسيسكو بلانش من "بنك أميركا".
أرباح روسيا
وجنت روسيا عائدات بنحو 6 مليارات دولار بفضل ارتفاع أسعار النفط على خلفية مباحثاتها مع منظمة "أوبك" لكبح إنتاج النفط، حسبما نقلت وكالة "بلومبرغ" عن مصدرين في الحكومة الروسية.
وساهم التعاون بين روسيا ومنظمة "أوبك"، لتقليص حجم إنتاج النفط بهدف الحد من تخمة المعروض، في إنعاش أسعار النفط من 27 دولارا سجلها برميل مزيج "برنت" مطلع العام الجاري إلى 47 دولارا للبرميل في نوفمبر/تشرين الثاني.
وتزامن ارتفاع الأسعار مع زيادة في الإنتاج في روسيا، ولاسيما في أكتوبر/تشرين الأول، حيث بلغ الإنتاج 11.2 مليون برميل يوميا، ما عاد على الميزانية الروسية بأكثر من 400 مليار روبل (حوالي 6 مليارات دولار).
وفي نهاية سبتمبر/أيلول، اتفقت منظمة "أوبك" خلال اجتماعها غير الرسمي في الجزائر، على خفض الإنتاج إلى مستوى ما بين 32.5 و33 مليون برميل يوميا، على أن تحدد حصص الإنتاج لكل دولة خلال اجتماع المنظمة في نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، مع منح شروط خاصة، لكل من ليبيا، ونيجيريا، وإيران، وهي دول تضرر إنتاجها بفعل الحروب والعقوبات.
وتعول منظمة "أوبك" على انضمام المنتجين من خارج المنظمة إلى الاتفاق، كروسيا. من جهته، أكد وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك، أن روسيا مستعدة للانضمام لأي اتفاق من شأنه أن يساهم في استقرار سوق النفط، ولكن يتوجب على الدول الأعضاء في "أوبك" حل خلافاتهم أولا.