الكونغرس يقر قانون "جاستا" رغم أنف أوباما.. بماذا سترد السعودية؟
تجاوز الكونغرس الأميركي، أمس، "فيتو" الرئيس باراك أوباما على قانون "جاستا" (العدالة ضد رعاة الإرهاب)، الذي يسمح لضحايا هجمات 11 ايلول بملاحقة السعودية قضائياً، مصوتا بجناحيه، مجلس الشيوخ ومجلس النواب، بغالبية كبيرة، لصالح قرار هو الأول من نوعه منذ تولي الرئيس الأميركي الحالي منصبه في العام 2008.
وكانت السعودية قد هددت عبر وزير خارجيتها عادل الجبير، بسحب استثماراتها من أميركا، بحسب ما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" في نيسان الماضي. غير أن المصالح الأميركية مع دول الخليج تتعدى سندات الخزينة السعودية في الولايات المتحدة، التي تقدر بحوالي 100 مليار دولار، لتشمل جميع القطاعات العسكرية والأمنية والسياسية.
وأقر مجلس الشيوخ حيث الغالبية من الجمهوريين النص بشبه إجماع، إذ صوّت 97 من أعضائه تأييداً لتجاوز الفيتو الرئاسي، مقابل صوت واحد مؤيد لأوباما، هو السيناتور هاري ريد، زعيم الاقلية الديموقراطية في المجلس.
وأيد 348 نائبا في مجلس النواب تجاوز الفيتو الرئاسي مقابل 77 صوتا بعيد تصويت مجلس الشيوخ، ليصبح المشروع قانوناً.
ويمنح القانون عائلات ضحايا هجمات 11 أيلول الحق في ملاحقة "أي عناصر في الحكومة السعودية عن أي دورٍ قد تكون لعبته في الهجمات" في المحاكم الأميركية، ما قد يجبر الرياض على دفع مليارات الدولارات كتعويضات، بحسب مراقبين.
وبحسب القانون، فإن هذه المحاكم سيكون بإمكانها التخلص من أي مطلب يتعلق بالحصانة الممنوحة للدول، لأن الهجمات حصلت على أراض أميركية.
وتعد نتيجة التصويت ضربة لإدارة الرئيس أوباما وللسعودية التي تعد من أقدم حليفات الولايات المتحدة في الشرق الاوسط. وقال الرئيس أوباما لمحطة "سي أن أن" الإخبارية إن المشرعين ارتكبوا "خطأ".
وقد أشار الرئيس الامريكي إلى أن القانون قد يعرض الشركات والمسؤولين والقوات الأمريكية إلى دعاوى قضائية محتملة خارج البلاد.
وقال أوباما في مقابلته مع القناة "إنها سابقة خطيرة، ومثال على: لماذا في بعض الأحيان يجب أن نتخذ قرارات صعبة. وبصراحة تمنيت لو أن الكونغرس هنا اتخذ القرار الصعب".
وهاجم البيت الأبيض نتيجة التصويت، إذ قال الناطق باسمه جوش ارنست "إن هذا يعد الفعل الأكثر احراجا من مجلس الشيوخ ربما منذ عام 1983"، وذلك في اشارة الى نقض المجلس لفيتو رئاسي آخر آنذاك.
وكان مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، جون برينان، قال في وقت سابق الاربعاء إن القانون ستكون له "عواقب وخيمة" على الأمن الوطني الأمريكي. وقال إن "اخطر العواقب وأكثرها ضررا سيتعرض لها اولئك المسؤولون الحكوميون الأمريكيون الذين يعملون في الخارج نيابة عن بلادنا".
واضاف "إن مبدأ الحصانة السيادية مبدأ يحمي المسؤولين الأمريكيين كل يوم، وهو مبدأ مبني على التبادلية".، مضيفا "إذا تخلينا عن تطبيق هذا المعيار بالنسبة للدول الاخرى، فسنعرض مسؤولي بلدنا إلى مخاطر".
ويعدل التشريع الجديد قانون صدر في عام 1967 يعطي حصانة لبلدان أخرى من الملاحقة القضائية في الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي سيعطي الحق لأسر ضحايا هجمات الـ 11 من سبتمبر في مقاضاة اي مسؤول في الحكومة السعودية يشك في لعبه دورا في هذه الهجمات.
ودافع أوباما عن اختياره استخدام حق النقض ضد القانون بأنه سيقوض العلاقات الأمريكية السعودية، وحذر من انه سيسمح برفع قضايا قضائية انتقامية ضد المسؤولين وعناصر القوات المسلحة الأمريكية في أماكن أمثال أفغانستان والعراق. بيد أن المدافعين عن القانون يردون بأنه يطبق على فعل إرهاب وقع على التراب الأمريكي فقط.
وبات التساؤل المهم الآن كيف يمكن للرياض أن ترد على مثل هذا القرار الذي بلا شك سيؤثر بشكلٍ سلبي على مستقبل العلاقة بين البلدين.
فالمملكة تحتكم إلى عددٍ كبير من الوسائل التي تكفل لها رد الفعل من ضمنها تجميد الاتصالات الرسمية وسحب مليارات الدولارات من الاقتصاد الأميركي وإقناع دول مجلس التعاون الخليجي على الحذو حذوها واتباع سياستها التي قد تشمل تجميد التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتعاون الاقتصادي والاستثمار والتراجع عن السماح للقوات المسلحة الأميركية باستخدام قواعد المنطقة العسكرية.