"طائرة الجولان" خرق روسي: "إهانة بريئة" للدفاع الإسرائيلي

08.08.2016

كشفت صحيفة «هآرتس» النقاب عن أن روسيا أقرت أمام إسرائيل بأن الطائرة من دون طيار التي اخترقت المجال الجوي لهضبة الجولان السورية المحتلة قبل ثلاثة أسابيع تتبع قواتها العاملة في سوريا. وكانت هذه الطائرة التي أفلحت ليس فقط في اختراق المجال الجوي بل أيضاً في منع تعرضها للإسقاط بعد صاروخي «باتريوت» وبعد صاروخ «جو-جو»، جسدت حجم المخاطر وعدم وجود ضمانات بعدم الاختراق. وأشار مصدر إسرائيلي مسؤول إلى أن الروس أوضحوا أن اختراق المجال الجوي كان نتيجة خطأ في التوجيه وليس عملاً مقصوداً.

وشكل اختراق الطائرة من دون طيار إحراجاً كبيراً للإسرائيليين في نظر أنفسهم. فقد ثبت أن امتلاك ما يعتبرونه أفضل سلاح جو في المنطقة وامتلاك منظومات متعددة للدفاع الجوي بينها «باتريوت» لم تحل دون الفشل في اعتراض هذه الطائرة. وزاد الحرج الإسرائيلي جراء عدم معرفة هوية الطائرة وهل تتبع فعلاً القوات الروسية أم أنها تتبع الجيش السوري أم الوحدات الإيرانية العاملة في سوريا أم «حزب الله». وتفاقم الحرج جراء الاعتراف بأن بطاريتي «باتريوت» حاولتا إسقاط الطائرة من دون جدوى، ما اضطر سلاح الجو الإسرائيلي إلى إرسال إحدى طائراته لإسقاطها من دون نجاح أيضاً.

وكان اختراق الطائرة من دون طيار لأجواء الجولان قد تم في 17 تموز الماضي، واعتبر أخطر حادث منذ وصول القوات الروسية إلى سوريا في أيلول العام 2015. وبلغت مسافة اختراق الطائرة، وفق المعلومات الإسرائيلية، أربعة كيلومترات داخل أجواء هضبة الجولان قبل أن تعود الطائرة إلى الأجواء السورية.

وإثر الحادث، أجرت القوات الإسرائيلية اتصالات مع القوات الروسية العاملة في سوريا في نطاق آلية التنسيق التي سبق واتفق عليه بين الجيشين قبل بضعة شهور. وأوضحت «هآرتس» أن التحقيقات التي أجراها الجيش الإسرائيلي مالت إلى التقدير بأرجحية عالية إلى أن الطائرة تتبع القوات الروسية، ولكن لم يكن هناك أي تأكيد أن الاختراق كان مقصوداً ضمن مهمة استطلاعية أو لفحص منظومات الرد الإسرائيلية أم أنه كان نتيجة خطأ في التوجيه. وكما سلف فإن الروس أبلغوا الإسرائيليين في الاتصالات بينهما أن الاختراق لم يكن مقصوداً.

وبحسب مسؤول إسرائيلي كبير، رفض ذكر اسمه بسبب حساسية الأمر، فإن حادث اختراق الطائرة للمجال الجوي لهضبة الجولان كان موضوعاً مركزياً في حوار هاتفي جرى بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 23 تموز الماضي، أي بعد ستة أيام من الحادث. ولكن البلاغ الرسمي الصادر عن الكرملين بشأن المكالمة لم يشر إلى الحدث، لكنه قال إن نتنياهو هو من بادر إلى طلب الحديث وإن الرجلين تباحثا في أمر توطيد التعاون ضد الإرهاب وقضايا إقليمية أخرى.

وفي حديث مع المراسلين السياسيين في 31 تموز الماضي، رفض نتنياهو الرد على سؤال إن كانت الطائرة من دون طيار التي اخترقت المجال الجوي للهضبة السورية المحتلة طائرة روسية وإن كان قد أثار الأمر في حديثه الهاتفي مع الرئيس بوتين، لكنه لم ينف ذلك. وحينها قال نتنياهو: «نحن نجري اتصالات دائمة مع الروس بشأن سوريا... ومخاطر الاصطدام بين الجيش الإسرائيلي والجيش الروسي ليست قليلة، لذلك فإن التنسيق بيننا يتطلب صيانة دائمة. فأنا والرئيس بوتين على حد سواء نرى الأمر على هذا النحو، وهذا التنسيق سوف يستمر».

في العام الأخير، منذ بداية التدخل النشط للجيش الروسي في القتال في سوريا، تعاظم جوهرياً التنسيق بين الحكومتين الروسية والإسرائيلية. والتقى نتنياهو وبوتين أربع مرات في العام الأخير وهما يتحادثان هاتفياً مرة كل بضعة أسابيع. وفي مطلع حزيران الماضي سافر نتنياهو إلى موسكو لزيارة احتفالية بمناسبة الذكرى الـ25 لاستئناف العلاقات بين الدولتين.

وفي حينه، اعتبر حادث الطائرة استثنائياً لأن إسرائيل أطلقت للمرة الأولى نيراناً على طائرة تستخدمها القوات الروسية في سوريا. وكان رئيس الطاقم الأمني السياسي في وزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد قد اعترف سابقاً بأن طائرات روسية اخترقت مراراً المجال الجوي الإسرائيلي، ولم تطلق عليها إسرائيل النار تجنباً لإشكالات كالتي وقعت بين تركيا وروسيا. ومعروفٌ أن نتنياهو أخذ معه إلى موسكو في زيارته في شهر نيسان الماضي قائد سلاح الجو أمير إيشل للبحث في أمر التنسيق الذي يحول دون وقوع صدامات بين الطائرات الروسية والإسرائيلية فوق الأجواء السورية.

من جهة أخرى، أشارت مصادر إسرائيلية إلى قلق من احتمالات أن يتراجع التنسيق الروسي مع إسرائيل بعد المصالحة الروسية مع تركيا. ومعروف أن أحد أبرز دوافع التنسيق الإسرائيلي مع روسيا بشأن سوريا، العداء المشترك لحكم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وتخشى إسرائيل أن يتفق الأتراك والروس على التعاون في سوريا وهو ما لا تريده.

"السفير"