حرب الصواريخ.. سوريون فوق الأسطح.. ومستوطنون في الملاجئ

11.05.2018

لم تمض 24 ساعة على الانسحاب الاحادي للولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، حتى اندلعت حرب الصواريخ بين الجيش السوري من جهة، وقوات الاحتلال الصهيوني في الجولان المحتل، فهل يمكن اعتبار ما جرى فجر أمس، بروفة اختبار أم جسّ النبض لمعركة واسعة مقبلة، بعد تبادل الهجمات الصاروخية؟

المؤكد أن العدو اختبر القوة السورية العسكرية، وهو الذي لم يعش مثلها منذ سنوات، والمؤكد أيضاً أن هذا العدو عاش صدمة لجهة المواقع المستهدفة وحساسيتها، وهو لذلك سيحتاج لإعادة تقييم وضعه القتالي المستجدّ الذي أفرزه فجر الخميس.

صحيح أن المواجهة الصاروخية استمرّت قرابة الست ساعات متواصلة، إلا أن دمشق سجّلت ضربة ما قبل القاضية في عمق الشباك الصهيونية داخل الجولان السوري المحتل. ورغم أن الاشتباك بقي ضمن هذه المسارات غير الواسعة، إلا أن أحداً لا يستطيع التكهن في بقاء حرب الصواريخ هذه ضمن تلك الحدود.

لا شك في أن أجمل المشاهدات التي يمكن استخلاصها من هذه المواجهة الصاروخية، أن السوريين تسمّروا على الأسطح وشرفات منازلهم يتابعون كيف يضيء جيشهم سماء وطنهم، وكيف كانت الصواريخ السورية تصطاد صواريخ العدو، وترسم في أعالي السماء ألوان قوس قُزح. في مقابل ذلك، شكلت الملاجئ الوجهة الوحيدة للمستوطنين اليهود في الجولان المحتل كما في مناطق فلسطينية حدودية محتلة.

إن كل مَن تابع معارك الجيش السوري في الميادين كافة، حيث نبت فيها الفطر السام الإرهابي، لا بدّ أن يتأكد من أنه يخوض حرباً عالمية بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى حفاظاً على أمن سورية ووحدتها، شعباً وأرضاَ، من القنيطرة وبانياس وحمص وحلب والسويداء والقامشلي واللاذقية ودير الزور.. وصولاً إلى درعا وإدلب حيث تنتظر المدينتان، المعركة الكبرى.

متابعون في الشؤون السورية، رأوا أن أحد الأهداف الرئيسة لاستهداف سورية إضافة الى ضرب دورها الإقليمي، هو إضعاف جيشها وإنهاكه، لأنه «الجيش الوحيد» الذي حافظ على استقلالية قراره وعقيدته القتالية «إسرائيل» هي العدو . ومَن كانت هذه عقيدته من المستحيل تحويله عن مساره، وهو الذي خضع لإعادة هيكلة ميدانية وسيكولوجية بالغة الأهمية.

لذلك كان لا بدّ من ضربه، تحت حجج واهية تبدأ بالديمقراطية التي يقول عنها قسطنطين زيفكوف، أستاذ العلوم السياسية في أكاديمية الدراسات الاستراتيجية في موسكو: «حتماً يستحق الشعب السوري الديمقراطية، لكنها، بالتأكيد، ليست ديمقراطية القرون الوسطى».

ورغم كل هذه الصعوبات حقق الجيش تقدماً بارزاً، وهو ضرب عصافير عدة بحجر واحد. أهمها إسقاط مشروع تحويل حلب مثلاً الى بابا عمرو في حمص، للانطلاق منها الى إقامة منطقة عازلة في الشمال السوري، كما إسقاط مشروع إنشاء منطقة عازلة أخرى في الجنوب يتجمّع فيها جراد الوهابية وبحماية إسرائيلية، وقد اتبع الجيش بذلك سياسة تضييق الخناق على الجماعات الإرهابية ودفعها الى منطقة محددة بهدف تقليص رقعة المناطق التي يسيطرون عليها وصولاً الى «الحسم المنشود سورياً».

ما يتضح أن أهم ما في استراتيجية الجيش السوري أن تكتيكاته مكّنته من امتصاص وإفشال أكثر من مشروع وسيناريو اقتضى تدعيم المجموعات الإرهابية المرتزقة ورجال العصابات وقطاع الطرق. والذين كانوا يُعِدّون هذا السيناريو كانوا يدركون، أن الجيش السوري سيتمكّن من تحطيم كل هذه التنظيمات دون استثناء، وهو هذا الجيش يفتح معركته مع الأصيل لتغدو سورية نظيفة من هؤلاء البرابرة.

للراحل محمود درويش: «قف على ناصية الحلم وقاتل فلك الأجراس ما زالت تدقّ ولك السّاعة ما زالت تدقّ».