الإتحاد الأوروبي يسعى لنبذ "غازبروم" وتنويع مصادر الطاقة
خط الانابيب عبر البحر الادرياتيكي، والذي بدأت أوروبا ببنائه، سيسمح بنقل 10 مليارات متر مكعب من الغاز، من أذربيجان إلى جنوب الاتحاد الأوروبي، وخاصة إلى إيطاليا. وبهذا، يحاول الأوروبيون تنويع مصادر امدادات الغاز. ونتيجة لذلك، قد تفقد "غازبروم" ما يقرب من نصف حصتها في السوق الإيطالية.
بدأ الاتحاد الأوروبي في بناء خط الأنابيب عبر البحر الأدرياتيكي. صرح بذلك يوم الثلاثاء، المتحدث باسم المفوضية الأوروبية مارغاراتيس سخيناس. ووفقا له، تتوقع أوروبا في السنوات 2019-2020 الحصول على 10 مليارات متر مكعب من الغاز سنويا عبر هذه الأنابيب.
وخط أنابيب الغاز عبر البحر الأدرياتيكي، هو جزء من ما يسمى الممر الجنوبي للغاز، والذي يجمع عدة مشاريع خطوط أنابيب للنقل من منطقة بحر قزوين إلى أوروبا متجاوزا روسيا. وعلى وجه الخصوص، يدور الحديث عن الغاز الاذربيجاني من مواقع انتاج شاه دنيز 2 (أذربيجان تخطط لتزويد أوروبا بـ10 مليارات متر مكعب من الغاز). وذكر سابقا أن هذه الكميات ستغطي حوالي 17٪ من الاستهلاك في إيطاليا. وعلى سبيل المقارنة، وفقا للاحصاءات، صدرت روسيا في العام الماضي إلى إيطاليا 24,42 مليار متر مكعب - أكثر من ثلث احتياجاتها.
وخط أنابيب الغاز عبر البحر الأدرياتيكي، سيكون الحلقة الأخيرة في سلسلة من أنابيب باكو - تبليسي - أرضروم (خط أنابيب الغاز في جنوب القوقاز) وخط أنابيب الغاز عبر الأناضول، الذي سيمر عبر تركيا. خط أنابيب الغاز عبر البحر الأدرياتيكي يجب أن يمر من الحدود التركية اليونانية عبر ألبانيا والبحر الأدرياتيكي إلى جنوب إيطاليا. وتقدر تكلفة إنشاء هذا المشروع بـ5,6 مليار يورو.
وترتبط بهذا المشروع العديد من النقاط المثيرة للاهتمام. أولا، أذربيجان، التي تنوي تصدير الغاز، رغم أنها نفسها تستورده جزئيا من روسيا. وفي سبتمبر/أيلول الماضي، تم توقيع عقد توريد مع شركة "غازبروم"، وفقا له، تشتري أذربيجان 2 مليار متر مكعب من الغاز الروسي. ومع ذلك، صرح رئيس شركة النفط الحكومية الاذربيجانية روفناغ عبداللايف يوم 11 مايو/أيار 2016، أن أذربيجان مستعدة لشراء 3-5 مليارات متر مكعب، وقد وقد تم بالفعل أرسال الاقتراح لشركة "غازبروم".
ثانيا، اعترفت المفوضية الأوروبية في مارس/آذار الماضي، بموافقة المشروع للتشريعات الأوروبية، على الرغم من أنها في الأساس لا تختلف عن خط أنابيب الغاز الروسي "ساوث ستريم" (الذي اضطرت روسيا في أواخر عام 2014، للتنازل عنه بسبب مطالبات من المفوضية الأوروبية). حقيقة أن "ساوث ستريم" لا يتطابق مع ما يسمى حزمة الطاقة الثالثة للاتحاد الأوروبي، التي تحظر على منتجي الغاز المشاركة في نقله.
في نفس الوقت، المساهمون في المشرةع العابر للأدرياتيكي، هم نفسهم من منتجي الغاز: 20٪ من الأسهم مملوكة لشركة "سوكار" الأذربيجانية، و20% لشركة بريتيش بتروليوم البريطانية، و20% لسنام الايطالية، و19٪ لشركة فلوكسكوس البلجيكية، و16٪ لشركة ايناغاز الإسبانية و5٪ لشركة أكسبو السويسرية.
ومع ذلك، تم استثناء خط الأنابيب عبر البحر الأدرياتيكي، على النقيض من "ساوث ستريم"، من تطبيقات حزمة الطاقة الثالثة، بناء على طلب المساهمين.
طلبت روسيا في وقت سابق أيضا، تقديم استثناءات في هذا الصدد لتنفيذ مشروعها، لكن المفوضية الأوروبية رفضت. ومع ذلك، شرحت اللجنة الأوروبية الإستثناء المقدم للخط الأدرياتيكي، بأنه سيكون له تأثير عام في زيادة مستوى المنافسة وأمن الطاقة في أوروبا، بشكل يفوق المخاطر.
كما وافقت المفوضية الأوروبية يوم الاربعاء، على استراتيجية لتأسيس اتحاد الطاقة الأوروبي. أعلن ذلك نائب رئيس إتحاد الطاقة في المفوضية الأوروبية ماروس شيفتشوفيتش. وهذه الاستراتيجية تعني أن دول الاتحاد الأوروبي ستضطر إلى التوافق مع المفوضية الأوروبية على مشترياتها من موارد الطاقة في المستقبل، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بالغاز، "من أجل ضمان امتثالها للمعايير الأوروبية عامة."
عمليا، هذا يعني أن قرارات الصفقات لن تتخذها بلدان الاتحاد الأوروبي، استنادا لمصالحها الاقتصادية، بل ستتخذ من قبل المفوضية الأوروبية.
وذكر النائب الأول لرئيس مركز التكنولوجيات السياسية الروسي اليكسي ماكاركين، أنه خلال الزيارة الأخيرة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى المجر، تم التوصل إلى اتفاق ترفض روسيا بموجبه مبدأ "خذ أو إدفع" حول إمدادات الغاز (وفقا لهذا المبدأ، يجب على المشتري دفع حجم التعاقد بغض النظر عن استيراده كاملا أم لا). "وفي المقابل، تعهدت المجر بعدم بيع الغاز المستورد من روسيا إلى أوكرانيا. وهذا الأمر قد يتسبب بعدم رضا المفوضية الأوروبية، التي قد تطلب إعادة النظر في الترتيبات".
وفقا لماكاركين، هذه الدول الأوروبية مثل بلغاريا والمجر مهتمة بالتعاون في مجال الطاقة مع روسيا، ولكنها غير قادرة على ممارسة تأثير حقيقي على سياسات الاتحاد الأوروبي، وهي ستضطر للالتزام بقرار الأغلبية. "وستضطر روسيا أكثر وأكثر لتحسين ظروف العرض".
وقال رئيس الدائرة الاقتصادية التابعة لمعهد الطاقة والمال، سيرغي كوندراتيف، إن المفوضية الأوروبية تسعى لحشد مستهلكي الطاقة الأوروبيين في مجمع واحد.
واضاف "في المستقبل، هذا الأمر قد يصبح مشكلة خطيرة ليس فقط بالنسبة لشركة "غازبروم" الروسية، ولكن أيضا للموردين مثل الجزائر وليبيا. وسيؤدي إلى إنشاء شروط موحدة للجميع، في حين أن شركة "غازبروم"، على سبيل المثال، لديها فرق في السعر تجاه مختلف المشترين الأوروبيين يصل إلى 20-30٪".
ومع ذلك، وفقا لكوندراتيف، من أجل تحول إتحاد الطاقة إلى حقيقة واقعة، سيكون على المفوضية الأوروبية القيام بعمل تنظيمي كبير، بما في ذلك الحصول على موافقة مجلس أوروبا، ولن تكون جميع البلدان على استعداد لقبول هذه الشروط.
ويشير الشريك في شركة Rusenergy، ميخائيل كروتيخين، إلى أن "غازبروم" ينظر إليها في أوروبا على أنها أداة سياسية في يد موسكو، وبالتالي، كلما سمح الأمر بتنويع امدادات الغاز، أوروبا تحاول فعل ذلك. مشيرا إلى أنه "لذلك، من السوق الإيطالية، من المحتمل أن يتم الإستغناء عن صادرات شركة غازبروم، أو على الأقل على جزء منها".
أما بالنسبة لسعر الغاز الروسي والأذربيجاني، فالتنبؤ بالفرق بينهما، وفقا للخبراء، من الصعب الآن، ذلك أن 64٪ من عقود الغاز في أوروبا تتم بشكل منفصل (أي أنها عقود لمرة واحدة). ومع ذلك، وفقا لكروتيخين، أسعار الإمدادات من روسيا وأذربيجان ستكون تقريبا متماثلة