تعرف على تاريخ المسيحية في شبه الجزيرة العربية والخليج العربي

الثلاثاء, 5 فبراير, 2019 - 12:17

لا يمكن وصف زيارة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، إلى الإمارات حاليا سوى بأنها "حدث تاريخي" كونها أول زيارة لبابا الفاتيكان على الإطلاق إلى الجزيرة العربية.

هذا الحدث التاريخي لا يعني على الإطلاق بداية التاريخ المسيحي في المنطقة التي تسيطر عليها أغلبية مسلمة تعتبر الدين الإسلامي دين الدول الرئيسي.

وفي التاريخ الإسلامي كما في كتاب سيرة ابن هشام "السيرة النبوية" لنبي الإسلام محمد بن عبد الله، جاء ذكر ورقة بن نوفل (المسيحي) كأحد المبشرين بنبوة محمد بن عبد الله، وفي العهد الجديد جاء على لسان بولس "بل انطلقت إلى بلاد العرب وبعد ذلك عدت إلى دمشق (الرسالة إلى مؤمني غلاطية 1:17).

تقول المصادر التاريخية المختلفة إن المسيحية دخلت شبه الجزيرة العربية في القرن الرابع الميلادي، وخصوصا في المناطق الساحلية في الجزيرة مع تزايد حركة التجارة العالمية، وهوما يفسر ما عثر  عليه من آثار لمجتمعات مسيحية في منطقة القصر بالكويت الحالية وسير باني ياس في الإمارات، وسلطنة عمان.

و​رصد كتاب "المسيحيون في بلدان الخليج" للكاتب الإيطالي فرانشيسكو سترازاري، الحضور المسيحي في التاريخ الحديث مع بدأ الهجرات إلى الخليج كما حدث حول ميناء جدة، حيث أُنشأت في السعودية نيابة بابوية ترعى شؤون الجالية برئاسة أنطونيو بوناجونتا فوغي الإسباني والمكلَّف من "بروباغندا فيد"، الأمانة الراعية لشؤون التبشير في حاضرة الفاتيكان، وهي الهيئة التي غادرت في فترة لاحقة باتجاه عدن.

يقول الكاتب إنه في 28 يونيو 1889 تشكّلت النيابة الرسولية للجزيرة العربية وكانت تضم ما يُعرف اليوم بالكويت واليمن والعربية السعودية والبحرين وقطر وعمان والإمارات العربية، وتولى مهامها الكابوتشيون، ثم أُتبع ذلك تدشين أول كنيسة في المنامة (البحرين) سنة 1939، ومع الطفرة التي حدثت في الخليج مع اكتشاف البترول تسارع حضور المسيحيين مع منتصف القرن العشرين إلى الخليج، وتزايدت أعداد المسيحيين الوافدين على المنطقة، فتم تقسيم النيابة الرسولية للجزيرة العربية إلى فرعين، أحدهما شمل البحرين والكويت وقطر العربية السعودية والآخر ضم جنوب الجزيرة وعمان والإمارات واليمن.

ويذهب بعض علماء التاريخ إلى أن بعض القبائل العربية التي كانت على صلة بمركز المسيحية في الحيرة بوسط العراق ربما كان لهم دور في انتشار المسيحية في الخليج، وكذلك يرجحون هجرة مسيحيو الإمبراطورية الفارسية إلى الخليج في فترة اضطهادهم  بين عامي 309 و379.

ورصد عدد من المؤرخين بعد عام 410 وجودا مسيحيا عبارة عن كنائس وأديرة وقساوسة تركزوا في شمال شرق شبه الجزيرة العربية، وفي جنوبها كذلك ككنيسة بيت قطرايي والتي امتد مجالها من قطر إلى صحار في سلطنة عمان.

غير أنه مع ظهور الإسلام في شبه الجزيرة العربية في القرن السابع الميلادي أصبح هو الدين المهيمن على المنطقة.

وكانت أول كنيسة خليجية افتتحت في البحرين عام 1939، وتوجد سبع كنائس كاثوليكية في الإمارات وأربع في عمان وثلاث في الكويت، بينما لا تسمح السلطات السعودية ببناء الكنائس على أرضها، غير أن صحيفة الإيكونوميست البريطانية نقلت عن مستشار ملكي سعودي قوله "إن مدينة نيوم في أقصى شمال غرب المملكة من الأماكن المحتملة لافتتاح كنيسة".وسمح لبابا الأقباط الأرثوذكس، البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، خلال زيارته للملكة في 2017 بإقامة قداس صلاة في الرياض العام الماضي.

وفي عام 2008 افتتحت في قطر أول كنيسة على أراضيها لتنهي نصف قرن تقريبا من ممارسة عشرات آلاف العمال الأجانب طقوس العبادة دون دور عبادة.

وفي 2012  قالت صحيفة "القبس" الكويتية إن إجمالي عدد السكان في دول مجلس التعاون الخليجي بلغ نحو 46.800.000 نسمة، منهم 13 مليون وافد، يشكل المسيحيون نسبة 20% منهم، أي حوالي 3 ملايين مسيحي. يتوزعون على ست دول، والكتلة الأكبر تتواجد في السعودية، التي لا يوجد فيها أي كنيسة أو معبد لغير المسلمين.

وأشارت الصحيفة إلى أن مسيحيو الخليج، خليط من العرب والآسيويين والأوروبيين، وهذا الرقم الـ"20%" يجمع الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت في غالبيتهم.

وفي 2017 قالت النيابة الرسولية لشمال شبه الجزيرة العربية، التابعة للفاتيكان، ومركزها في المنامة في البحرين، إن عدد المسيحيين الكاثوليك في البحرين وصل إلى ثمانين ألفا، وفي قطر عددهم ثلاثمائة ألف في قطر، بينما في يصل عددهم في الكويت إلى ثلاثمائة وخمسون ألفا، وتبقى السعودية هي البلد الخليجي الأكبر الذي يتواجد به مسيحيون إذ يوجد به حوالي مليون وخمسمائة ألف بحسب النيابة الرسولية.

أما النيابة الرسولية لجنوب شبه الجزيرة العربية، التي تهتم بشؤون الكاثوليك في الإمارات وعمان واليمن،  فتقول على موقعها على الإنترنت إن عدد الكاثوليك في تلك الدول تسعمائة وثمانية وتسعون ألفا وخمسمائة وإن عدد الأبرشيات هو 16 معظمها في الإمارات وبعضها في عمان، وفي اليمن كنيسة واحدة.

وتظل الأغلبية الساحقة من المسيحيين في الخليج هم من الأجانب الذي يعملون فيه، وبينهم أعداد كثيرة من الفلبين والهند.