تطبيقا لرفع الدخل السوري... استراتيجية مكافحة التهريب انطلقت

20.02.2019

بدأت الحكومة السورية بتنفيذ حملتها وإجراءاتها في سياق استراتيجية مكافحة التهريب التي تهدف إلى دعم الإنتاج المحلي وإحلال المنتجات السورية بدلا من المستوردة.

ذكرت وكالة "سانا" أن المديرية العامة للجمارك أعلنت اليوم عن إغلاق وتغريم عدد من المحال التجارية في عدد من المحافظات بسبب بيعها بضائع مهربة.

وبينت الجمارك في بيان لها أنه تم إغلاق عدد من المحال التجارية في كل من دمشق وطرطوس وحلب واللاذقية وحمص لضبط بضائع مهربة ذات منشأ أجنبي وخاصة تركية فيها وصلت غرامتها إلى نحو 80 مليون ليرة.
وكثفت مديرية الجمارك حملاتها ودورياتها في جميع المحافظات لمكافحة البضائع المهربة في سياق الاستراتيجية الوطنية الشاملة التي تم إطلاقها بهدف مكافحة التهريب على المنافذ الحدودية وفي جميع المناطق داخل وخارج المدن وفي الأسواق التجارية، وتمكنت مديرية الجمارك من تحصيل مبلغ 6 مليارات ليرة سورية من غرامات التهريب.

وتأتي مكافحة التهريب بعد الأضرار التي ألحقتها المنتجات والبضائع الأجنبية المهربة إلى السوق السورية، حيث تلعب البضائع المهربة دورا في إضعاف الطلب على المنتج المحلي مما يؤدي إلى خسائر كبيرة في المعامل والمزارع والمداجن السورية، فيما يؤدي انقطاع المواد المهربة إلى تحريك عجلة الإنتاج المحلي ودعم المعامل والمزارع والمحاصيل والمداجن السورية وهذا يؤدي إلى دفعة اقتصادية تنعش الاقتصاد السوري حتى لو ارتفعت أسعار الإنتاج المحلي في الفترة الأولى (وما يرافق ذلك من انتعاش في قطاع الأعمال الإنتاجي السوري) إلا أنها تبقى أفضل من تحطيم مصادر الإنتاج السوري من خلال البضائع والمواد المهربة كما حصل في قطاع المداجن في فترة سابقة حيث تمكن الفروج التركي من كسر أسعار الفروج السوري وإلحاق خسائر كبيرة مدمرة لقطاع المداجن السوري الذي عاد لينتعش قليلا في الأيام الماضية بعد حملة مكافحة التهريب التي أثرت إيجابا على أسعار الفروج.

يقول الدكتور سنان ديب رئيس جمعية العلوم الاقتصادية في اللاذقية لوكالة "سبوتنيك" اليوم "أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي.. كان لموضوع زيادة الحصار و محاولة اللعب بسعر الصرف والتي أدت لارتفاع سعر الدولار ردة فعل باتجاهات عديدة ومنها حملة كبيرة لمكافحة التهريب بمختلف أشكاله وخاصة أنه قدرت حجم البضائع من تركيا بحوالي ملياري دولار وغيرها من دول أخرى.

ويتابع الدكتور ديب "كان في البدايات هناك بعض غض الطرف لمواجهة العقوبات والحصارات ولكن بعد التعافي وعودة الصناعة السورية للانطلاق أصبح التهريب عبئأ من ناحية سحب جزء من السوق لاعتبارات يبررها البعض بالأسعار التي تناسب القوة الشرائية وأقل من المنتج السوري وبالجودة علما أن الكثير من البضائع وخاصة الحيوانية مضرة صحيا وغير مطابقة لمواصفات الصحة والبعض نحارب به كعمليات الإغراق".

وأضاف ديب "إن هكذا استراتيجية بحاجة لجهد حقيقي ونوايا صافية وتعاون بين الجمارك و المالية وحتى الحواجز الملاصقة للأماكن التي ما زالت خارج سيطرة الدولة والتي هي بوابة لعبور أغلب هذه المواد.. وبأدوات الجمارك الحالية قد تصعب المهمة كذلك بحاجة لتوصيف دقيق لكيفية تجفيف هذه البضائع من السوق وعقوبات رادعة وكذلك بحاجة لضبط الأسعار المحلية ومنع التحكم بها من المحتكرين وبحاجة لثقافة شعبية لمواجهة البضائع التي يوجد بديل محلي لها مع محاولة ضبط جودة المنتج المحلي…وهذه الاستراتيجية ضرورة حتمية وستنعكس بحالة التطبيق الصحيح على أغلب المؤشرات الاقتصادية.

من جهته أثنى الأستاذ الدكتور عصام اسماعيل في تصريح لوكالة "سبوتنيك" على حملة مكافحة التهريب، وقال "محاربة التهريب موضوع وطني بامتياز فالتهريب يضر وينافس المنتج المحلي وطبعا ينافسه لأنه دخل من دون رسوم جمركية، وهو أيضا يؤدي لخسارة البلد لهذه الرسوم التي تصل أخيرا لخزانة الدولة وتدعم موازنتها".
وتابع الدكتور اسماعيل "أما مكافحة التهريب فيجب أن تتم وبكل الوسائل، بدء وهو الأهم من المعابر والحدود وباعتبار أنه لايوجد دولة في العالم قادرة على ضبط كل حدودها وبشكل محكم فالخطوة المتممة هي ضبط المهربات داخل البلد بغض النظر هل هي في مستودعات ومخابئ تجار كبار (حيتان أو تجار صغار) لأن المبدأ هو مصادرتها أينما وجدت"، كما شدد الدكتور اسماعيل على أهمية مقاطعتها من قبل الأفراد وهذا يحتاج لوعي اجتماعي وحس وطني كبيرين.

وكانت الحكومة السورية، وضعت خارطة طريق متكاملة تهدف إلى "إعلان سوريا دولة خالية من المواد المهربة" وحددت برنامج زمني لتنفيذها حتى نهاية العام الجاري.

وذكرت وكالة "سانا" أن فريق عمل حكومي برئاسة رئيس الوزراء عماد خميس بلور خارطة طريق متكاملة المهام والمسؤوليات لـ"إعلان سورية" دولة خالية من المواد المهربة في مدى زمني أقصاه نهاية العام الجاري.

واعتبر رئيس الوزراء السوري أن "سورية تشهد حالة حرب وضغط هائل على مواردها ومرتكزاتها الاقتصادية ما يستدعي محاولة البحث عن كل ليرة ضائعة على الخزينة العامة وسد كل منفذ يتسبب بتسرب الموارد".

ولفت المهندس خميس إلى أن ضبط التهريب هو الأساس في تحقيق سياسات ترشيد المستوردات والحفاظ على القطع الأجنبي وفي الإجراءات المكثفة الهادفة إلى حماية الاقتصاد الوطني السوري.

وقرر الفريق رفع أداء عمل الجمارك وتقرر تقديم حزمة معززات لأداء الجهاز على المستوى المادي ومستوى الصلاحيات والمهام الواسعة إضافة إلى ترتيب جديد لبيئة العمل شمل إلغاء منح الموافقات والاستثناءات الخاصة بنقل المشتقات النفطية بين المحافظات وخاصة إلى القرى والبلدات المتاخمة للمناطق الساخنة وإلغاء تجديد التراخيص للمعامل الواقعة في هذه المناطق وإدخال منتجاتها التي يجري التلاعب بمنشئها وإلصاق علامة المنشأ السوري بها تزويرا وتشكيل لجان مركزية وقطاعية من غرف الصناعة ووزارات الزراعة والصناعة وحماية المستهلك ومديرية الجمارك العامة لضبط وتحديد ماهية السلع الداخلة فيما إذا كانت سورية المنشأ فعلا أم ذات منشأ مزيف.

كما قرر ضبط عملية تهريب السلع غير الخاضعة لمعايير الصحة والسلامة عبر المحافظات الحدودية مع هذه المناطق إلى الأسواق السورية ومنع تمرير أي سلعة من المناطق التي ما زالت غير محررة تماما من الإرهاب إلى المحافظات السورية باستثناء بعض المواد الغذائية الضرورية ولا سيما الزراعية منها.