ترامب لن يواجه روسيا ولن يحارب الأسد.. وأوروبا والناتو على شفا الهستيريا
أكد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، إلتزامه بالسياسات الخارجية التي طرحها خلال حملته الإنتخابية، وخاصة تلك المتعلقة بالأزمة السورية والعلاقات مع روسيا، إذ جدد ترامب رفضه محاربة الرئيس السوري بشار الأسد، على حساب القضاءعلى تنظيم "داعش"، كما أكد انه سيتجنب مواجهة روسيا في سوريا. في حين يواصل قادة الإتحاد الأوروبي ومسؤولو "الناتو" إبداء قلقهم وتحذيراتهم من السياسات الأمريكية المرتقبة تجاه القارة العجوز والحلف الأطلسي و"التهديد الروسي"..
وفي حديث أدلى به لصحيفة "وول ستريت جورنال" السبت 12 نوفمبر/تشرين الثاني، قال ترامب أن الرئيس الروسي فلايمير بوتين وجّه إليه "برقية جميلة جداً" لتهنئته بفوزه، مشيراً إلى أن معظم القادة الدوليين هنأوه، باستثناء الرئيس الصيني شي جينبينغ.
كما تطرق الملياردير الأمريكي للأزمة السورية، موضحا أن "موقفي هو التالي: أنت تقاتل سورية، وسورية تقاتل داعش، وعليك القضاء على التنظيم. روسيا الآن تقف تماماً في صفّ سورية، ولديك إيران التي تزداد نفوذاً، بسببنا، وهي مع سورية. ندعم فصائل معارضة في سورية، ولا فكرة لدينا إطلاقاً عمّن تكون". وتابع: "في حال ضربت الولايات المتحدة الأسد، سننتهي إلى واقع نحارب فيه روسيا وسورية".
وعن دعم واشنطن لفصائل "المعارضة المعتدلة"، قال ترامب "كان لديّ دوماً رأي مغاير عن كثيرين، في شأن سورية". مقترحا "التركيز في شكل أكبر على محاربة داعش في سوريا، بدل وضع أولوية لإزاحة الرئيس السوري بشار الأسد من الحكم".
وأضاف "لا أعتبر أن الأسد شخص جيد، لأن ذلك لن يكون صحيحا، لكنني أرى أن المشكلة الرئيسية لا تكمن في الأسد، وإنما في داعش".
وفيما يتعلق بالعلاقات الأمريكية الروسية، أعلن ترامب عن نيته الاتصال عمّا قريب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولا سيما في ضوء الرسالة التي وصفها بـ"الرائعة".
كما وصف الرئيس المنتخب النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي بـ"حرب بلا نهاية"، معلناً عزمه على "إبرام الصفقة المستحيلة، لمصلحة البشرية جمعاء"، مؤكدا أنها ستكون "الصفقة الأعظم".
وعلى الصعيد ذاته، اعتبر النائب السابق جاك كينغستون، وهو مستشار لترامب، أن سوريا ستشكّل تحدياً ضخماً بالنسبة إلى الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن الرئيس المنتخب سيسعى إلى "تفعيل كل الأدوار، بينها الدور العربي، والبحث مع روسيا في وسائل إنهاء الحرب".
كما نقلت وسائل إعلام عن كينغستون تأكيده أن ترامب سيركّز على سوريا واليمن في مطلع عهده، مضيفاً أن "الأزمة السورية مكلفة جداً إنسانياً، كما حرب اليمن وتنامي نفوذ (تنظيم) القاعدة" هناك.
وأضاف السياسي الأمريكي "نريد تفعيل الدور العربي، وتحديداً أصدقاءنا في مجلس التعاون الخليجي، للتعامل مع هاتين الأزمتين". وتوقّع أن ينخرط ترامب بجدية في المنطقة، "بعيداً من الشعارات الانتخابية"، كما رجّح أن يلجأ إلى "إعادة التفاوض" حول الاتفاق النووي المُبرم بين إيران والدول الست.
وفي مسألة تعيين المسؤولين الجدد في إدارة ترامب المقبلة، برز اسم السيناتور الجمهورية السابقة كيلي أيوتي لتولي وزارة الدفاع، وهي من الجناح المعتدل في الحزب، وخسرت أمام الديموقراطية ماغي حسن في السباق إلى مجلس الشيوخ. وأوردت صحيفة "واشنطن بوست" أن بين المرشحين لشغل المنصب، الجنرال المتقاعد جوزف كيلوغ والمدير السابق لوكالة الاستخبارات الدفاعية مايك فلين والسيناتور جيف سيشنز.
وتعكس التعيينات المحتملة، وإشراف بنس على المرحلة الانتقالية، قوة أكبر للمؤسسة الجمهورية في رسم معالم الولاية الأولى لترامب، علماً أنه خفّف لهجته إزاء تعهده إلغاء قانون "أوباماكير" للتأمين الصحي، مشيراً للمرة الأولى إلى إمكان "تعديله".
وعلى الجانب الآخر من المحيط، يواصل قادة الإتحاد الأوروبي وحلف "الناتو" إبداء قلقهم من سياسات ترامب المرتقبة تجاه القارة العجوز والتكتل العسكري الذي "يحفظ أمنها"، إذ اعتبر رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر أن انتخاب ترامب "ينذر بخطر زعزعة العلاقات بين القارتين"، داعياً إلى "تعريفه ما هي أوروبا، وما هي مبادئ عملها".
في حين أشار السكرتير العام لحلف الناتو ينس ستولتينبيرغ، في مقال له نشرته صحيفة "أبسيرفر" البريطانية، أن حلف الأطلسي يلعب الدور الأهم في "صد الإرهاب" وردع "العدائية الروسية المتصاعدة".
وكتب ستولتينبيرغ "نواجه في الوقت الراهن أكبر تحد تشهده الأجيال"، موضحا أن "مسألة الشراكة بين أوروبا وواشنطن لم تعد في محلها في هذه الآونة".
وأضاف "نحن بحاجة في هذه المرحلة المضطربة لقيادة أمريكية قوية، ولأن يأخذ الأوروبيون حصة من الأعباء على عاتقهم"، مؤكدا أنه "لا بديل عن الشراكة بين أوروبا والولايات المتحدة".
وفي سياق متصل، نقلت صيفة "تلغراف" البريطانية عن مصدر في الخارجية البريطانية، أن الدبلوماسيين البريطانيين سوف يبذلون قصارى جهدهم لإقناع ترامب وفريقه بمواصلة نهج أوباما المتمسك بإزاحة الأسد.
وذكرت الصحيفة أن مسألة إقناع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بضرورة استمرار سياسة إدارة باراك أوباما على الساحة السورية، سوف "تمثل الأولوية رقم واحد" بالنسبة إلى الدبلوماسيين البريطانيين في غضون الأشهر المقبلة.
واعتبرت الصحيفة البريطانية أن لندن باتت على عتبة "أزمة دبلوماسية" مع واشنطن على خلفية خطط ترامب الرامية إلى التحالف مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في دعم "النظام السوري"، مشيرة إلى أن الدبلوماسيين البريطانيين سوف يطلقون "مفاوضات معقدة للغاية، وصعبة إلى حد اللامعقول" مع ترامب في الفترة المقبلة حول موقفه تجاه روسيا، وأن لندن لا تعتزم تغيير نهجها على هذا الصعيد.
كما نقلت الصحيفة عن مصدرها في وزارة الخارجية البريطانية، قوله "نحن على يقين تام بأنه لا محل في مستقبل سوريا للأسد الملطخة يداه بدماء 400 ألف شخص".
وكانت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية قد ذكرت مؤخرا أن حلف الناتو أرجأ قمته المزمعة مطلع العام المقبل، إلى الصيف القادم، ليتسنى حتى حينه للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب تحديد سياسته تجاه الناتو.
ويرجح مراقبون أن يكون قرار الأطلسي تأجيل قمته، تحسبا لاحتمال مقاطعة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لها في أعقاب مراسم تنصيبه التي ستقام قبل أيام على القمة، خاصة في ظل الانتقادات التي وجهها ترامب أكثر من مرة للناتو خلال حملته الانتخابية.