تحالف واشنطن الذي يستهدف الصين كقوة عالمية مؤثرة.. في جيوبوليتيكا الصراع الدولي

07.02.2018

يتزايد الضغط ضد تطور الصين كقوة مؤثرة عالمية. فأصدر البنتاغون في عام 2018 ورقة استراتيجية الأمن القومي الأمريكي التي تستهدف روسيا والصين بشكل صريح باعتبارهما تهديداً استراتيجياً رئيسياً للولايات المتحدة أكثر من الإرهاب الدولي. واستضافت الهند، وهي عضو في تحالف جديد عززته واشنطن مؤخراً لاستهداف الصين، مؤتمر حوار رايسينا. وكان الموضوع الأساسي هو اعتبار الصين كقوة مُسببة للاضطرابات في العالم، وما الذي يجب القيام به حيال ذلك.

كانت أجندة الاجتماع الذي استمر ثلاثة أيام في نيودلهي محجوبة عن الصحافة، لكن الأبحاث كشفت عن وجود اجتماع غير عادي بين قوى ومصالح تتعارض مع مبادرة طريق الحرير الاقتصادي الجديد في الصين. وتجدر الإشارة إلى أن رئيس وزراء الهند "ناريندرا مودي" المتحدث الرئيسي في حوار رايسينا في عام 2017، أعطى الصدارة هذا العام لصديقه رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو". ولم يكن هذا تعزيزاً للسلام في جميع أنحاء آسيا.

وكان موضوع حوار رايسينا، الذي ترعاه وزارة الشؤون الخارجية الهندية ومؤسسة بحوث المراقبة التي هي مؤسسة هندية رائدة في مجال الشؤون الجيوسياسية، هو " إدارة التحولات المسببة للاضطرابات " وبنظرهم كان أول تحول مسبب للاضطراب ناقشوه هو مبادرة طريق الحرير الجديد الصيني. 

وحذر الأميرال "سونيل لانبا" رئيس أركان البحرية الهندية من توسيع القاعدة البحرية الصينية في إفريقيا وسريلانكا. وأعرب المتحدثون عن اعتقادهم بأن مشروع البنية التحتية الضخم في آسيا وأوراسيا يعرقل اقتصادات الدول ومؤسساتها وأمنها.

ومن أبرز الحاضرين في محادثات نيودلهي بالإضافة إلى نتنياهو، كان وزير الخارجية السويدي السابق "كارل بيلت"، والرئيس الأوكراني "بوروشنكو" الذي يتولى أيضاً عضوية مجلس العلاقات الخارجية لدى جورج سوروس. وكان أيضاً الرئيس الأفغاني السابق "حامد كرزاي"، وكان أيضاً رئيس الوزراء الكندي الأسبق "ستيفن هاربر".

التحالف يستهدف الصين

كان الناتو حاضراً على مستوى عال ٍ بوجود الأدميرال الأمريكي "هاري هاريس" قائد القوات الأمريكية في المحيط الهادئ، والجنرال البريطاني "كريس ديفيريل" قائد القوات المشتركة. وبالإشارة إلى الطبيعة الكامنة وراء تجمع رايسينا، فإن قادة البحرية من الدول الأربع المشكلة للتحالف – اليابان وأستراليا والهند والولايات المتحدة – والتي جمعتها الولايات المتحدة لمواجهة مبادرة الحزام والطريق كانوا بكامل قوتهم. وتواجد أيضاً الجنرال الأمريكي المتقاعد "ديفيد بتريوس"، المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية ومهندس العمليات العسكرية الأمريكية في العراق والتي أدت إلى ظهور تنظيم القاعدة، فضلاً عن الانهيار العسكري الأمريكي في أفغانستان.

ومما يبعث على الانزعاج تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" الذي دعا إلى تحالف بين إسرائيل والهند والذي وصفه ب "تحالف الديمقراطيات" من أجل تعزيز العلاقات لمواجهة الإسلام المتطرف. وكان التركيز على الإسلام المتطرف بسبب قلق الهند من كون باكستان الإسلامية شريك تعاون مع الصين في طريق الحرير.

كان السبب الحقيقي وراء تجمع نيودلهي هو وضع استراتيجية لاحتواء الصين باستخدام ائتلاف جديد يضم أربع دول وهي اليابان والهند وأستراليا والولايات المتحدة.  وافقت الدول الأربعة في تشرين الثاني 2017، خلال زيارة الرئيس الأمريكي في قمة مانيلا على إقامة تنسيق وثيق لإجراء تدابير لاحتواء الصين. وأعلنت الدول الأربعة أنها شكلت ائتلافاً للقيام بدوريات في بحري الصين الشرقي والجنوبي. وغيرت الولايات المتحدة تسمية المنطقة من "آسيا والمحيط الهادئ" إلى "الهند والمحيط الهادئ" للتركيز على دور الهند. وكانت محادثات نيودلهي نتيجة مباشرة لاستراتيجية رباعية جديدة مثل استراتيجية الدفاع الجديدة للبنتاغون لعام 2018 والتي تستهدف بكل وضوح الصين وروسيا باعتبارها مصدر إزعاج لواشنطن، بالإضافة لاستهدافها لطريق الحرير الصيني.

وتحدث الأدميرال "هاري هاريس" قائد القوات الأمريكية في المحيط الهادئ خلال محادثات رايسينا بوضوح عن الصين، فقد قال: " إن الحقيقة هي أن الصين قوة مسببة للاضطرابات في منطقة الهند والمحيط الهادئ، وهي السبب في انعدام الاتفاق والثقة في المنطقة". وقال نائب الأدميرال "تيم باريت"، رئيس البحرية في أستراليا، إنه دعا إلى اتخاذ إجراءات ملموسة ضد الوجود البحري الصيني في بحر الصين الجنوبي. وقال الأدميرال "سونيل لانبا"، رئيس هيئة الأركان البحرية في الهند: "لدى الصينين قاعدة بحرية بالفعل في جيبوتي، ونحن على علم بقاعدتهم في هامبانتوتا. لذلك هكذا سيكون النمط المستقبلي في المحيط الهندي".

هاجم السفير الأمريكي السابق في العراق وأفغانستان "زلماي خليل زاد"، مبادرة الحزام الصيني (طريق الحرير)، مدعياً أنه من خلال ربط كل أوراسيا سيتغير النظام الدولي. وقال الأدميرال "كاتسوتوشي كاوانو"، رئيس هيئة الأركان المشتركة اليابانية، أن بكين تغير الوضع القائم في المحيط الهادئ والمحيط الهندي، ومن المهم أن تجتمع الدول في المنطقة ضدها، مدعياً أن مبادرة الحزام والطريق الصينية تهدف إلى التوسع العسكري.

بينما كان مؤتمر نيودلهي قائماً، حصلت توترات مستمرة بين الهند وباكستان حول الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني. وتصاعد التوتر حول هذا الممر ذو البنية التحتية بقيمة 50 مليار دولار الذي يمر عبر الجزء الباكستاني من جامو وكشمير، وهو الرابط البري الوحيد لباكستان مع الصين. وتعرض الصين اجتماعاً مع الهند لبحث الخلافات، بينما تتهم الهند باكستان بانتهاكات حدودية غير مشروعة على طول الحدود عبر جبال جامو وكشمير. وأعلن قائد الجيش الهندي "بيبين روات" أن القوات الهندية بدأت في استهداف المواقع الحدودية الباكستانية وتم رفض الطلبات الباكستانية للمفاوضات حول هذا التصعيد.

يمكن أن تبقى واشنطن بهدوء في الخلف، مما يزيد التوتر بين حلفائها والصين. ويعود السبب في تصاعد التوتر في باكستان وأفغانستان وميانمار، إلى حيل واشنطن القذرة. وإن الخاسر في مثل هذا التصعيد ستكون آسيا بأكملها وليست الصين وحدها.