إسرائيل وتركيا
يبدو أن الاجتماع الذي ضم رئيسي الدولتين العظميين، الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب، أثناء قمة «جي 20» في هامبورغ بتاريخ 7 تموز 2017، قد قلب الطاولة رأسا على عقب!
اقترحت كل من إسرائيل ومصر والإمارات العربية المتحدة إنهاء الحرب على سورية، مقابل منح تل أبيب صكا بالانتصار على المقاومة الفلسطينية، أي هزيمة حركتي فتح وحماس في آن واحد.
لكن فتح التي غرقت تدريجيا في مستنقع الفساد تتعاون علنا مع إسرائيل، على حين نجد أن حماس، التي أنشأتها جماعة الإخوان المسلمين تحت رعاية المخابرات الإسرائيلية بهدف إضعاف حركة فتح، قد فقدت هي الأخرى مصداقيتها، أولاً من خلال الأفعال الإرهابية ضد المدنيين، وثانيا من خلال تصرفها المشين وغير المتوقع إبان الحرب على سورية.
في الواقع، لم يبق إلا تركيا وإيران اللتان تصران على مواصلة دعم حركة حماس التي باتت تثير اشمئزاز جميع الدول الأخرى.
حماس التي كانت متحالفة بلا حياء مع الموساد الإسرائيلي وتنظيم القاعدة لقتل قادة «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» في مخيم اليرموك جنوب دمشق في عام 2012، ناشدت مرة أخرى تل أبيب أن تعفو عنها.
من هنا تتضح هذه الخطة المذهلة الرامية إلى توحيد أهم فصيلين فلسطينيين بهدف تنحية محمود عباس البالغ من العمر 82 عاما، والاعتراف بدولة فلسطينية، ألعوبة، يترأسها اللواء محمد دحلان.
محمد دحلان زعيم حركة فتح الذي أصبح عميلا سريا لإسرائيل، ناضل بشراسة ضد حماس، ودس السم لياسر عرفات، طُردَ من حركة فتح، بعد أن انكشف أمره، ففر إلى الجبل الأسود، وحكم عليه بالسجن غيابيا، وأقام في السنوات الأخيرة في الإمارات العربية المتحدة، حيث كان يدير ثروة تقدر بـ120 مليون دولار، كان قد اختلسها من السلطة الفلسطينية.
من المفترض أن يجري استقباله في غزة من خلال أعدائه التاريخيين في حركة حماس، كـ«رئيس الوزراء» الجديد يحيى السنوار، الذي يعتبر واحداً من أصدقاء الطفولة بالنسبة له.
نسيان الماضي يعني أن توكل له مهمة إعلان بدء القتال ضد جيش الإسلام، الفرع الفلسطيني لداعش.
ينبغي أن ندرك في هذا السياق بالذات، مسألة الإعلان عن اتفاق بوتين ترامب حول ثلاث مناطق في جنوب سورية، يسمح فيها بانتشار القوات الأميركية زعما منهم للحفاظ على السلم هناك، على حين أنها تهدف في الواقع إلى خلق منطقة منزوعة السلاح بين الجولان السوري، وباقي أنحاء البلاد.
صار السلام ممكنا في بقية أنحاء سورية، باستثناء المنطقة التي انتزعها الأكراد من داعش، وتلك التي تقع تحت سيطرة الأتراك.
واشنطن وموسكو متفقتان على السماح للأتراك بتصفية حساباتهم مع الأكراد، وهو ما يعني ذبحهم، تماما كما فعل هنري كيسنجر حين دعم الأكراد العراقيين ضد صدام حسين قبل أن يتخلى عنهم ويتركهم، بين عشية وضحاها، مع حلمهم في دولة كردية مستقلة.
في نهاية المطاف، سيبقى الجيش التركي يحتل مدينة الباب، مثلما احتل في وقت سابق شمال جزيرة قبرص، وبعشيقة في العراق.
ولسوف يدفع الفلسطينيون والأكراد ثمن أخطائهم، في أنهم قاتلوا من أجل بلد خارج أراضيهم، في الأردن ولبنان بدلا من فلسطين، وفي العراق وسورية، بدلا من كردستان فيما يخص الأكراد.
إسرائيل وتركيا، هما الدولتان الوحيدتان اللتان خرجتا رابحتين جراء ست سنوات من الحرب على الشعب السوري.