صراع كشمير...ما بين إيران والسعودية وتركيا

24.07.2019

اعتبرت صحيفة "هآرتس" العبرية أن النزاع حول إقليم كشمير اتخذ بعدا جديدا أخطر من الصراع بين الهند وباكستان، ليصبح ميدانا جديدا للحرب بالوكالة بين قوى كبرى، بما فيها السعودية وإيران.

وذكرت الوكالة في مقال بقلم الكاتب الهندي، أبهيناف بانديا، أن طهران تتطلع إلى السيطرة على عقول وقلوب 1.4 مليون مسلم شيعي يقيمون في الإقليم (أي 15% من مجمل سكانه) فيما تحاول الدول الإسلامية الكبرى الأخرى، من السعودية إلى تركيا، تعزيز نفوذها هناك أيضا لمحاربة إيران أو لتقديم أجنداتها السياسية والدينية.

وأشارت الصحيفة إلى أن الخلافات الطائفية في كشمير لم تبلغ تاريخيا من حيث الشدة مستوى ما جرى في الشرق الأوسط، لكن التوترات تتصاعد في الآونة الأخيرة، وتبدو السلطات الهندية على ما يبدو غير مستعدة لهذا التطور وما يجلبه من مخاطر.

وأوضحت الصحيفة أن نيودلهي وأجهزتها الأمنية رأت تقليديا في شيعة كشمير حليفا رئيسيا لها في وجه الانفصاليين، غير أن الجالية الشيعية تعيش حاليا "تحولا إيديولوجيا" نحو الانفصالية، بتأييد من إيران.

وأشار المقال إلى زيادة النفوذ الإيراني في كشمير والتي تظهر عبر الأعداد الكبيرة من اللافتات لصور قائد الثورة الإسلامية روح الله الخميني، وأيقونة "الحرس الثوري" محسن حججي، والأمين العام لـ"حزب الله" اللبناني حسن نصرالله، وتجدها حتى في قرى صغيرة معزولة عن باقي أراضي البلاد بالثلوج لستة أشهر سنويا.

ونقل المقال عن داعية تقدمي في كشمير تأكيده أن غالبية المسلمين في الإقليم قبلوا إيديولوجية "المقاومة" ورؤية السلطات الإيرانية لتوازن القوى في العالم، وانتشرت هذه الفكرة بين سكان المنطقة بفضل زيارات رجال دين إيرانيين إلى الإقليم، وفي المقابل زيارات زملائهم المحليين إلى إيران والعراق.

ولفت المقال إلى أن السلطات الإيرانية، تنتهج منذ الثورة الإسلامية، سياسة تدريجية تجاه كشمير، وفي فبراير العام الماضي وضع المرشد الأعلى علي خامنئي كشمير في صف واحد مع اليمن والبحرين كأماكن "يتعرض فيها الناس للظلم" إبان شهر رمضان، وهذه هي المرة الأولى التي تعطي فيها طهران صبغة سياسية لهذا النزاع.

كما نظمت جامعة المصطفى في مشهد مراسم تكريم لذكرى وفاة الشاب برهان واني، أحد زعماء "حزب المجاهدين" الذي قتل برصاص القوات الهندية عام 2016، ما يعد حالة غير مسبوقة بالنسبة لدولة أجنبية (باستثناء باكستان).

وأشار المقال إلى أن كبار رجال الدين الإيرانيين يذكرون مسلمي كشمير ضمن "محور المقاومة" مشجعين إياهم على الانضمام إلى الفصائل الشيعية في الشرق الأوسط.

في غضون ذلك، ترى حكومة نيودلهي في ولاء الشيعة التقليدي بالسيادة الهندية أمرا واقعا مع تجاهل غضب الشبان إزاء النخب الفاسدة وقلة اهتمام الحكومة المركزية بالظروف الاقتصادية التي تعيشها جاليتهم.

من جانبها، استثمرت السعودية في السنوات الأخيرة أيضا استثمارات مالية وإيديولوجية هائلة في الإقليم بغية نشر إديولوجيتها.

ونتيجة لهذه الجهود، ارتفع عدد السلفيين في كشمير بشكل حاد منذ عام 2011، ليبلغ اليوم 1.6 مليون شخص (من أصل سبعة ملايين في الإقليم)، ما أحدث أيضا تغييرا في توازن القوى الطائفية بالمنطقة.

كما تقوم السلطات التركية أيضا بمحاولات مستمرة لكسب دعم رجال الدين والشبان ورجال الأعمال والمفكرين في الإقليم، ومن المتوقع أن تتضاعف هذه الجهود مستقبلا حسب المقال.

ويأتي كل ذلك بالتزامن مع تعزيز تنظيمي "داعش" و"القاعدة" نشاطهما في المنطقة.

وخلص المقال إلى أن إقليم كشمير أصبح اليوم أرضا لسباق جيوسياسي جديد على النفوذ بين إيران والسعودية وتركيا، وحتى الصين، التي تتطلع أيضا إلى تعزيز نفوذها في المنطقة، لكن السؤال الأهم هو ما إذا كانت تلك الدول التي قدمت في السنوات الأخيرة دعما ملموسا إلى الأقليات المحلية ستُقدِم على تسليح مؤيديها لبدء حرب جديدة بالوكالة بين بعضها بعضا، أو ضد الهند.